!! * غدا تصدر دائرة الإستئناف بالمحكمة الجنائية الدولية قرارها حول الإستئناف الذى تقدم به مدعى محكمة الجنايات الدولية (لويس مورينو أوكامبو) طالباً توجيه تهمة الإبادة الجماعية للرئيس بالبشير - حسبما هو منشور بموقع المحكمة بالإنترنت - بعد ان وجهت له المحكمة تهمتى ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية فى فبراير من العام الماضى ورفضت توجيه تهمة ارتكاب جريمة الابادة الجماعية له!! * كنت وما زلت أعتقد أن تدخل المحكمة الجنائية الدولية فى أزمة دارفور زاد الأزمة تعقيدا، بل أدى الى حدوث تعقيدات وأزمات أخرى منها تأخرعملية التحول الديمقراطى وتشبث البشير والمؤتمر الوطنى بالسلطة، وربما قاد الى تداعيات أكثر خطورة على استقرار السودان وأمنه فى المستقبل القريب كما تشير كل الاحتمالات!! * لو وضع كل منا نفسه مكان البشير أو المؤتمر الوطنى لاتضحت له الصورة بشكل جلي، ففقدان البشير وحزبه للسلطة يعني ان احتمال تسليم البشير والمتهمين الآخرين الى المحكمة الدولية أمر وارد الحدوث إذا لم يغلق هذا الملف فى إطار معالجة شاملة لأزمة داروفور وهي الحل الممكن الوحيد لأزمة المحكمة الجنائية الدولية حاليا، بعد أن وضح جليا ان مجلس الأمن لا يملك حلا في الوقت الراهن، وبالتالي فمن الطبيعي جدا لأي شخص في موقف البشير وحزبه، أن يتشبث بالسلطة بما في ذلك تمسكه بالقوانين المقيدة للحريات - قانون الأمن الوطني كمثال - التي تتيح له إحكام قبضته أكثر، وذلك بغرض حماية نفسه من المحكمة الجنائية الدولية، حتى لو أدى ذلك لعرقلة حدوث الانتخابات العامة أو عدم الاعتراف بها إذا خسرها، وقد ظهرت ملامح ذلك من المحاولات المستميتة التى يقودها المؤتمر لإقناع الحركة الشعبية بسحب مرشحها لرئاسة الجمهرية بعد ان وضحت خطورة ترشيحه على مرشح المؤتمر الوطنى!! * دعونا الآن ننظر الى الصورة وكأن المحكمة الجنائية الدولية لم تكن موجودة أو لم تتدخل فى أزمة دارفور .. بالتأكيد أن الوضع كان سيكون مختلفا كلية، على الأقل فإن المؤتمر الوطنى أو البشير كانا سيفكران في موضوع الانتخابات بعيدا عن اي نوع من الضغوط،، وان الانتخابات كانت ستجرى في أجواء طبيعية، وبالتالي فإن احتمال حدوث عملية التحول الدميقراطي وانتقال السلطة الى شخص آخر أو حزب آخر كانت ستكون أكبر بكل تأكيد!! * تدخل المحكمة الجنائية آخر التحول الديمقراطي بدون شك ووضع السودان كله تحت ضغط شديد، وربما يجهض الانتخابات العامة أو يؤثر على نزاهتها، وأهل السودان هم الذين سيدفعون الثمن، فنحن لا نعيش في عالم خيالي او مثالي حتى يتخلى البشير عن السلطة بإرادته ويذهب الى المحكمة برجليه!! مناظير - صحيفة السوداني [email protected] 2 فبراير 2010