جدران البيت هي حاضنة الاسرة وصمام أمانها من الشلهتة والجهجهة، وسواء ان كان هذا البيت قطّية، دانقة، كُُرنُك، فيلا، أو قصر منيف في ضاحية المنشية أو الجريف، فهو حلم كل بنت انثى .. تصنعه في طفولتها ل (بت أم لعاب) خاصتها، ومع تفتح أزهار الصبا في دواخلها، تبدأ في رسم معالم صورة بيتها الخاص وتوزع غرفه ومنافعه في خيالها، وعندما تكبر تبدأ في رسم الخطط والسناريوهات اللازمة لاصطياد صاحبه !! تغني المغنيات عبر الازمان بلسان أحلام البنات وتفضح سعيهن وراء العرسان اصحاب المِلِك حبا للراحات وخوفا من زعزعة الايجار، فهاهي غنّاية جيل أمهاتنا تدعوا البنات للدردحة ومحاولة اصطياد هذا النوع من العرسان، ولنقتبس منها وصفها للبيت الذي يمتلكه العريس: (....) من صالة لي صالة .. (.....) مروحتو شغالة فغاية امالهن كان الحصول على زوج يتمتع بيته بالكثير من الصالات والمراوح .. جنس مسكنة !! ثم تلا ذلك ارتفاع في سقف التمنيات مع هوجة الاغتراب، فأسفرت حمى التنافس على الزواج من المغتربين عن وجه قبيح للمادية والطمع لدى – بعض – الفتيات وبان ذلك في غناهن للمغترب: تموت أمو كان حيّة وتنقص أختو الفتيّة والبيت يتسجل ليّا .. عاد ده كلام !! أما بناتنا اليوم فيعملن بسياسة (الواضح ما فاضح)، فترهن الواحدة منهن قبولها الزواج بتسجل البيت بإسمها لأن (الاولو شرط آخروا نور) فلا أمان لرجال هذا الزمان) لذلك غنت مغنيتهن تلك الشروط فقالت: سجّل لي عرباتك .. سجّل لي عماراتك ما انت العسل ذاتك !! اذن طمع أو رغبة في تأمين المستقبل، تشعر النساء بالحوجة لأن يكون (مستقرّهن) في مأمن من حركات الرجال ومكتوب باسمهن، سواء أن كانت تلك الحركات اقتصادية كأن يرهن الزوج البيت (الحيلة والدخيرة) ضمانا لعملية (مخاسرة) بنكية قد تفشل فيكون مصيرهم وعيالهم إلى الشارع بعد أن يدق البنك الجرس ويبيع البيت فوق رؤوسهم، أو شربكات ورثة بأن تكون خلفته من البنات، أو تكون الحركات عاطفية كأن (يردف) الزوج ويأتيهم بمن يقاسمهم كعكة المستقر .. - بدلال الحبيبة وغنج العروسة وشيء من كهنتة الحريم، واصلت (اعتدال) في اصرار (زنّها) في أذن (صلاح) كي يسجل البيت بإسمها .. سألها محتارا: انت ليه عايزاني اكتب البيت باسمك ؟ خايفة مني وللا دي عدم ثقة ؟! اجابته بسؤال: أنا وانت الفرق بينا شنو .. مش البيت ده في النهاية حا يكون ل أولادنا ؟! وافق (صلاح) وحقق لها أمنيتها خوفا على هناءة العسل من أن تتنكد بنقة (اعتدال) .. مرت السنوات وخبا بريق الريدة والجدة، لتحل محله الألفة وطولة العشرة بعد أن كبر العيال .. سارت بهم مركب الحياة بهدوء إلى أن عكر صفوها (صلاح) عندما اخبر (اعتدال) بخبر عقد قرانه على شابة من أهله (البعاد) .. غلت وفارت وجقجقت من هول الصدمة، فحمل حقيبته وغادر على أمل أن تهدأ الأمور (مسافة يعسّل ويجي راجع) ! ولكن عندما عاد استقبلته (اعتدال) ببقية مقتنياته (مستفة) وموضوعة على طاولة السفرة، وبإشارة من يدها نحو الباب طلبت منه ان يعطيها (عجاج كرعيهو) .. لم يأخذ (صلاح) الطردة على محمل الجد فقد عدّها هوجة غيرة فغادر في هدوء، وبعد مرور اسبوعين لم ينقطع فيها من السؤال عن ابنائه وتلبية احتياجاتهم، عاد للبيت وفي معيته جماعة للجودية ضمت كبار وشيوخ عائلته وبعض اصدقائهم المقربين .. أجلسهم في الصالون ودخل لينادي على (اعتدال)، ولكنها ثارت عليه وطلبت منه أن يخرج ومن جاء معه من بيتها غير مطرودين .. أحس بالحرج الشديد وخاف أن يصل صوتها المرتفع لاذان الرجال فخرج اليهم مسرعا، ولكنه وجدهم بالقرب من الباب .. استمهلهم فاعتذروا ووعدوه بأن يعودوا بعد أن تهدأ الأمور قليلا .. طاطأ رأسه حتى مغادرتهم ثم عاد ليقف على باب الحجرة التي تجلس فيها (اعتدال) وقال لها في هدوء: البيت الأنا بنيتو بي عرقي .. ببني غيرو .. لكن انت طلقانة وكل ما تحلي لي تاني تحرمي !! لطائف - صحيفة حكايات [email protected]