صديقنا الباشمهندس عثمان ميرغني تحدث في بابه المقروء ( حديث المدينة) عن استشفاء وزير الدفاع خارج البلاد من الوعكة الصحية الخفيفة التي تعرض لها مؤخرا، وصب جام غضبه على النظام الطبي السوداني الذي يعجز عن علاج الوزير من وعكة صحية خفيفة فيضطر الى السفر للعلاج بالخارج، برغم كل الاموال التي تنفق على هذا النظام !! * يقول عثمان في حديثه القيم: (من المسؤول عن انحطاطنا الطبي الذي يجعلنا لا نستطيع في كل مستشفيات بلادنا أنْ نُعالج وزير الدفاع من وعكةٍ صحية (خفيفة!)؟! الصحة هي البند الأصعب في حتميات أي مواطن.. لا يمكن تخزينها مثل الغذاء.. ولا الاستعاضة عنها ببديل مثل الكهرباء .. ولا الاستغناء عنها مثل الخبز.. فكيف يعيش السودانيون في بلد بكل ما ينفقه على مؤسسات الصحة وكوادرها لا يستطيع علاج رجل في مقام وزير الدفاع ومن مجرد وعكة صحية خفيفة.. ألا يجدر أنْ نسأل أنفسنا بكل صدق.. هل نحن في حاجة ل(وزارة صحة) ؟! * إنها بالتأكيد كلمات قوية تثير حفيظة اي شخص ضد النظام الطبي السوداني والاطباء السودانيين ووزارة الصحة التي تعجز عن علاج الوزير فيضطر الى السفر والعلاج بالخارج من وعكة صحية خفيفة كان يمكن التداوي منها بالسودان لولا انحطاط وعجز نظامنا الطبي حسب حديث صديقنا عثمان!! * ولكنها للأسف معالجة خاطئة لقضية خطيرة وهي السفر للعلاج بالخارج الذي لا يتأتى للغالبية العظمى من الشعب السوداني إما لانعدام المال او انعدام السلطة او انعدام الواسطة .. وهنا لا بد من سؤال ..( لو كان الذي تعرض لوعكة صحية خفيفة هو مواطن عادي بسيط لا يملك المال ولا السلطة ولا الواسطة، هل كان سيجد الفرصة للسفر والعلاج بالخارج من وعكته الخفيفة ام سيضطر للعلاج بالسودان، بغض النظر عن نتيجة العلاج ؟!) . * القضية إذن ليست كما طرحها الباشمهندس عثمان، وانما هي موضوع العلاج بالخارج على حساب الدولة ومن الذي لديه الحق في هذا العلاج، بالاضافة الى حق المواطن في الحصول على العلاج في المكان الذي يريده بغض النظرعن ضعف أو كفاءة النظام العلاجي في السودان ..!! * إذا كان المواطن هو الذي سيتكفل بمصاريف علاجه فمن حقه ان يختار مكان العلاج مهما كان المنصب الذي يشغله، اما اذا كان العلاج على حساب الدولة ودافعي الضرائب فلا بد من التقيد بالقوانين أوالشروط التي تضعها الدولة للعلاج بالخارج !! * والسؤال الذي يجب ان يطرح هو.. ( هل سافر وزير الدفاع للعلاج بالخارج لأن نظامنا الطبي غير قادر على علاج وعكته الخفيفة أم لأنه اختار ذلك؟).. وذلك قبل التسرع بالحكم على نظامنا الطبي ومؤسساتنا الطبية وكوادرنا واطبائنا كلهم بالفشل والعجز والمطالبة بإغلاق وزارة الصحة ؟! مناظير - صحيفة السوداني [email protected] 20/10/2010م