في عتمة آفاق الحلول السلمية للأزمة السورية لاح أمس بصيص ضوء في نهاية النفق بإطلاق التحضيرات لمؤتمر جنيف 2 المزمع عقده في 22 يناير المقبل، ذلك المؤتمر الذي طال انتظاره بعد سلسلة من التأجيلات لأسباب متعددة ، ولكن القليل من التفاؤل الذي أصاب السوريين أمس من خلال الاجتماع التحضيري الذي شكل أول بادرة جدية باتجاه عقد المؤتمر منذ عدة أشهر اتسمت بالجمود في ملف المفاوضات السلمية بعد تراجع الاهتمام بالحل السياسي للأزمة السورية في مقابل الاهتمام بالترسانة الكيماوية، هذا التفاؤل الحذر يحتاج إلى توافق من الراعيين الرئيسيين للمؤتمر وهما الجانب الروسي والأمريكي حتى يمكن للمؤتمر المأمول وضعه حدا للأزمة السورية أن يؤتي ثماره. الكثير من المراقبين لجهود التسوية السلمية للأزمة السورية يراهنون على التقارب الروسي الأمريكي بخصوص الخيارات المطروحة لحل الأزمة ولكنهم في الوقت الراهن لا يشاهدون ذلك التقارب على أرض الواقع بدليل اتهام دبلوماسيين أمريكيين لروسيا بعرقلة إصدار قرار أممي يدين استخدام نظام الأسد للبراميل المتفجرة في حلب. التفاؤل الحذر يحتاج إلى اجتياز عقبة أخرى وهي حسم المشاركين في المؤتمر مع اقتراب المهلة التي حددها المبعوث العربي والدولي المشترك إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي وتنتهي يوم 27 ديسمبر لإعلان اللائحة النهائية لأسماء المشاركين في المؤتمر، ومن المقرر أن يشارك وزراء خارجية نحو ثلاثين من الدول الكبرى ودول المنطقة في المؤتمر الذي يهدف إلى الاتفاق على حكومة انتقالية تتمتع بصلاحيات كاملة لإنهاء الصراع في سوريا. وفي حال تم الاتفاق على لائحة المشاركين بما في ذلك الوفد الإيراني فإن الموضوع الرئيس على طاولة جنيف 2 وهو مصير الرئيس بشار الأسد لا تزال هوة الخلاف حوله عريضة بين الأطراف المحتمل جلوسها على الطاولة فأمس الأول جددت دمشق تأكيداتها على أنه لا يمكن لأحد أن يمنع الرئيس بشار الأسد من الترشح لولاية رئاسية جديدة بعد انتهاء ولايته الحالية العام المقبل، وذلك بعد أن انتقد نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف تصريحات الأسد عن احتمال ترشحه للرئاسة، في مرونة غير مسبوقة للموقف الروسي الذي بدا على الأقل في هذه النقطة متقاربا مع الموقف الأمريكي حيث أكد السفير الأميركي لدى سوريا روبرت فورد أن موقف بلاده من الأسد لم يتغير وأن عليه التنحي، وأن واشنطن لا ترغب أيضا في مشاركة إيران بمؤتمر جنيف 2. من جانب آخر تحتاج المعارضة إلى توحيد صفوفها قبل 22 يناير وهو ما سعى إليه رئيس أركان الجيش السوري الحر اللواء سليم إدريس الذي كشف أمس الجمعة أن العمل جارٍ على توحيد صفوف المقاتلين، كما إنها تحتاج توسيع المشاركة للجميع حيث أعلن رئيس الائتلاف السوري المعارض أحمد الجربا أن أكراد سوريا سيشاركون في جنيف 2. العالم الآن - صحيفة اليوم التالي