بعد طول انتظار وترقب، أخيرا أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تعيين الدبلوماسية الدنماركية إيلين مارغريت لوي، ممثلة خاصة للمنظمة الدولية في جنوب السودان، خلفا للنرويجية هيلدا جونسون التي تولت المنصب منذ العام 2011 وحتى انتهاء ولايتها في السابع من يوليو الجاري. الدنماركية التي توصف بأنها خبيرة بمناطق الاضطرابات في القارة الأفريقية تبدو مهمتها الأصعب في بلد من حيث النشأة والتكوين ومصاب بداء الحرب والنزاعات السياسية التي تفتك بالكثير من البلدان الأفريقية، وبعكس جونسون التي تولت المنصب مع أهازيج الاستقلال والآمال الخضراء بمستقبل أفضل، وجونسون نفسها ذات خبرة أعمق بملف جنوب السودان منذ أن كانت الدولة الوليدة فكرة في مخلية النخب الجنوبية، وبندا في التفاوض من أجل التوصل إلى اتفاق السلام الشامل في العام 2005 الذي كانت جونسون من أهم الفاعلين الدوليين الذين أسهموا في التوصل إلى ذلك الاتفاق الذي أفضى لاحقا إلى قيام دولة الجنوب. إذن الدنماركية إيلين تتسلم من جونسون مهمة الممثلية الخاصة للمنظمة الدولية والحرب لا تزال تشتعل وخطر المجاعة يهدد سكان الجنوب، فضلا عن هوة في العلاقة بين بعثة الأممالمتحدة في الجنوب، وحكومة جوبا ساهمت فيها جونسون التي تناوشتها سهام الاتهامات من أطراف النزاع في الجنوب كافة، ما أعاق نشاطها وعجل برحيلها من جوبا. مهمة إيلين هي الأخرى لن تكون بأفضل من مهمة جونسون، فالمشهد السياسي المعقد في جنوب السودان لن يكون في صالح إيلين، فأطراف الصراع الرئيس سلفاكير ونائبه السابق الذي بات زعيما للتمرد رياك مشار، لا تزال الهوة بينهما سحيقة رغم الترحيب من الطرفين بإعلان منظمة الإيقاد التي تتوسط بينهما لاستئناف المفاوضات نهاية شهر يوليو الحالى، وهو الترحيب الذي رافقه تأكيد الطرفين أن التفاوض السلمي هو المخرج الوحيد من الأزمة، ولكن الشواهد تشير إلى أن الصراع في جنوب السودان لا يمكن حسمه في غضون مهلة الستين يوما التي أعلنتها الوساطة والتي تنتهي في العاشر من أغسطس القادم، ما يعني أن مهلة جديدة ستمنح لأطراف الصراع للاتفاق على شكل حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية، والأهم اتفاق وقف العدائيات الذي لم يصمد بينهما لأكثر من 24 ساعة عندما وقع الطرفان في العاشر من يونيو الماضي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا اتفاق وقف العدائيات. إذن هذا هو المشهد السياسي الذي على إيلين أن تعمل وسطه، فضلا عن تفاقم الأزمة الإنسانية بسبب الاستمرار في المعارك بين الطرفين، بجانب عوامل طبيعية مثل دخول جنوب السودان فصل الخريف، ما يعني تقطع الأوصال بالعديد من المناطق النائية المنكوبة. العالم الآن - صحيفة اليوم التالي