قبيل مغادرتها موقعها كممثلة للأمين العام للأمم المتحدة في جنوب السودان آثرت النرويجية هيلدا جونسون التي ساءت علاقتها مع جوبا مؤخرا أن ترسل إلى حكومة جوبا والمتمردين بقيادة رياك مشار وداعا خاصا، وهي التي تناوشتها سهام الاتهامات من الطرفين بعدم الحياد في تنفيذ مهامها الأممية ما عجل بتركها المنصب اعتبارا من الثامن من يوليو الجاري، واختارت جونسون التي لعبت دورا كبيرا في عملية السلام في السودان والتي أفضت إلى انفصال دولة جنوب السودان اختارت مقر الأممالمتحدة في نيويورك وأمام الصحفيين المعتمدين لدى المنظمة الدولية لتلقي خطبة الوداع التي حرضت خلالها المجتمع الدولي لمزيد من الضغوط على أطراف الصراع في الجنوب لحملهم على إنفاذ اتفاق خارطة الطريق الموقع بين الرئيس سلفاكير ونائبه السابق زعيم التمرد رياك مشار في أديس أبابا مؤخرا والذي ينص على تشكيل حكومة وحدة وطنية في غضون فترة زمنية لا تتجاوز العاشر من أغسطس القادم. وقالت جونسون في حديثها إلى الصحفيين المعتمدين لدى الأممالمتحدة في نيويورك: ينبغي أن لا يكون هناك قتال في الوقت المتبقي ويجب الالتزام باتفاق وقف الأعمال العدائية بالكامل.. وواصلت جونسون حملتها ضد طرفي الصراع بالتشديد على أن المصالحة لن تتحقق إلا بعد مساءلة المسؤولين عن الفظائع والانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، التي ارتكبت في البلاد خلال الأشهر الأخيرة. وحتى يستجيب المجتمع الدولي لمطلبها بالمزيد من الضغوط ذكّرته بحجم المأساة الإنسانية عندما أشارت إلى أن هناك مليونا ونصف المليون نازح داخليا، إضافة إلى هروب مئات الآلاف من الناس إلى البلدان المجاورة، وقالت جونسون: "منذ بداية القتال في ديسمبر، طلب العديد من الناس الحماية في قاعدة بعثة الأممالمتحدة في جنوب السودان واليوم تأوي مرافق البعثة أكثر من 100 ألف نازح". وأضافت: "تقديم المساعدة لهؤلاء الناس يشكل تحديا كبيرا مع وصول موسم الأمطار، فقط عندما تكون هناك ظروف أمنية تمكنهم من العودة إلى ديارهم، فإن أزمة اللاجئين والنازحين ستنتهي". ويتزامن مطلب جونسون بالضغط على أطراف الصراع مع تقرير منظمة أطباء بلا حدود الذي رسم صورة قاتمة للوضع الإنساني في جنوب السودان بعد أكثر من ستة أشهر من القتال، وهو ما يشكل ضغطا آخر على المجتمع الدولي للتدخل لفرض إجراءات ضد طرفي القتال لاحترام الهدنة أولا والانخراط في المفاوضات والتسوية السياسية للأزمة دون تلكؤ، وأوجزت المنظمة الدولية أمس الثلاثاء في توصيفها للأزمة بالقول إن العنف في جنوب السودان بلغ حجما "مرعبا" لم يشهده منذ عقود هذا البلد الذي تترافق فيه الحرب الأهلية مع تصفية مرضى في المستشفيات، وأعلن رافائيل غورجو رئيس بعثة المنظمة في جنوب السودان أن "النزاع شهد في بعض اللحظات مستويات مرعبة من العنف وخصوصا ضد البنى التحتية الصحية". وقالت منظمة أطباء بلا حدود في التقرير إن "مرضى قتلوا في أسرتهم ودمرت وحدات إسعاف طبي بالكامل بواسطة الحرائق. وهذه الهجمات لها عواقب كبيرة على مئات آلاف الأشخاص الذين يجدون أنفسهم محرومين من كل الخدمات الطبية". وقالت منظمة أطباء بلا حدود إن 58 شخصا على الأقل قتلوا في حرم أربع مستشفيات خلال الأشهر الأخيرة. وأضافت المنظمة أن "أعمال العنف التي نفذت ضد الجرحي والمرضى، ضد الذين يفتشون عن ملجأ في المستشفيات وضد البنى التحتية الطبية بالذات لا تشكل انتهاكات للقوانين الدولية والمبادئ الإنسانية وحسب، لكنها أيضا عار على الكرامة الإنسانية". اليوم التالي