عادة ما تكون الولاية الثانية للرئيس الأميركي في البيت الأبيض الأقل ضغطا لأنه تخلص من عبء الفوز في الولاية الثانية، ودائما تتاح له الفرصة لإنجاز ما عجز عنه في الولاية الأولى بعد التخلص من مكبلات التطلع للولاية الثانية، ولكن الرئيس باراك أوباما سيواجه صعوبات كثيرة في ما تبقى من عمر الولاية الثانية، ولن يجد الرئيس سوى هامش محدود للتحرك خلال العامين المقبلين، فقد ألحق الجمهوريون هزيمة قوية بالديمقراطيين، إثر فوزهم ب 51 مقعدا في مجلس الشيوخ، مع الاحتفاظ بالسيطرة على مجلس النواب، ما يعني أن الرئيس بات مكبلا في العامين المقبلين بأغلبية الجمهوريين، وربما أصبح عبئاً على الديمقراطيين. فوسائل الإعلام الأميركية حملت أداء الرئيس أوباما خلال الفترة الماضية مسؤولية الهزيمة الساحقة التي ألحقها الجمهوريون بالديمقراطيين في الانتخابات النصفية، وتم تحميل أوباما وحده وزر التراجع الكبير في شعبية الديمقراطيين. ففي افتتاحية صحيفة الواشنطون بوست عشية إعلان نتائج فوز الجمهوريين الساحق، قالت الصحيفة إن سبب نجاح الجمهوريين في تلك المعركة الانتخابية، كان تركيزهم على عدم ارتكاب أخطاء، وأيضا جعل أخطاء الرئيس الديمقراطي باراك أوباما هي الهدف الأول لانتقادهم في الحملات الانتخابية، مضيفة "في الوقت الذي تحرك فيه الجمهوريون لمواجهة مشكلاتهم، فإن الديمقراطيين كانوا يحاولون التغلب على مصاعبهم الخاصة". الانتخبات النصفية هذا العام شهدت تحولا كبيرا في مسار الانتخابات الأميركية، حيث جرت العادة أن الانتخابات الرئاسية يكون التركيز فيها على قضايا العلاقات الخارجية والأمن القومي، بينما انتخابات النيابية يكون التركيز فيها على القضايا الداخلية، ولكن الذي أسقط الرئيس أوباما وحزبه هذه المرة القضايا الخارجية، حيث تعرض إدارة أوباما لملف الأزمة في سوريا والعراق إلى انتقادات حادة، ولم يشفع له سجل الانجازات على مستوى القضايا الداخلية، وهو سجل كفيل بتحقق الفوز للديمقراطيين فقد تراجعت البطالة إلى 9,5% وهو أدنى مستوى منذ ست سنوات، بالاضافة إلى جهود أوباما للتعافي الاقتصادي، وشهدت ولايته ارتفاع إجمالي الناتج الداخلي الذي سجل 5,3% في الفصل الثالث من السنة، ولم يشفع لأوباما وحزبه الديمقراطي برنامج إصلاح نظام الضمان الصحي الذي اعتبره أوباما من أولويات ولايته الثانية، وتعهده بالرعاية الشخصية. أيام صعبة بانتظار أوباما الذي بلغته الرسالة من الناخبين بأنهم أصيبوا بخيبة أمل كبرى في ولايته الثانية، وريثما تتكشف معالم المرحلة المقبلة بعد أن دعا أوباما قادة الكونغرس إلى اجتماع اليوم الجمعة بالبيت الأبيض تبقى التحليلات التي تشير إلى إمكانية أن يجد الرئيس أوباما أرضية مشتركة مع الكونغرس بتشكليته الجديدة واردة ومكلفة في الوقت عينه. محمود الدنعو - العالم الآن صحيفة اليوم التالي