دخلت فساتين الزواج (ما الزفاف) السودان ما بين العام 1900 و1920.. كانت العروس ترقص بالرحط ( قطعة تغطي وسط الجسم إلى ما فوق الركبة والباقي معلم الله).. دخل الفستان مع الانكليز ومع السكة حديد.. واجه فستان قطع الرحط معارضة شديدة.. من أولياء أمور العروسات.. ثم انتصر.. وكان نصرا مؤزرا.. حتى إنه قد أخذ في الانتشار.. والتنوع والتعدد.. وأصبحت العروس ترقص في يوم واحد بأكثر من عشرة فساتين.. كية في المعارضة.. لقد عايشت أحد فلول المعارضة الذي عمّر ما يقارب المئة عام.. معارضة الفستان ومساندة الرحط.. فكان حانقا على الفستان.. ويقول لي: (عليك الله نحن نقعد نقلد في لبس الكفار وبناتنا يرقصّن بيهو في قطع الرحط..؟ حسي عليك الله الرحط دا مالو..؟ لومو لي..؟).. كنت أقول ليهو ما فيهو لوم تب.. مع إني متيقن تماما أن الرحط كلو لوم من بدايتو التحت السُرة إلى نهايتو الفوق الركبة.. ولكنني كنت أخاف من غضبة رجل قابض على جمر القضية.. قضية الرحط.. وينافح عنها إلى أن دخل بيت حقو.. رحمه الله.. كان فستان قطع الرحط.. أميز فستان في الشيلة والتي كانت لا تتعدى ربع دستة من كل شي.. وكانت النساء تفرج فيها كل نساء الحي والقرايب.. كل مرا ترفع قطعة قطعة وتقعد تزغرد.. والما بتتفرج عليها قطعة قطعة وتزغرد مع كل قطعة تُحسب في زمرة الحاسدات.. كانت شنطة الشيلة تتختا برا وفاتحة للكلب وفايت الدرب عشان يتفرج وما بيدسو منها أي حاجة.. أي حاجة للفرجة، شعارهم هذا يوم لا خصوصية فيه.. لما يجي يوم العرس تكون كل هدوم الشيلة اتكرفست واتعفصت.. والنعلات يكونن اتقلعّن. تكون واحدة مقاس كراعا خمسة وأربعين وكراع العروس ستة وتلاتين تشيل النعلات تجربن تفاؤلا.. وفي سرها تقول: (متين يجي اليوم اللبس فيهو نعلات عرسي؟).. والعروس مجبورة تلبسن بي حالتن دي.. وإلا وجهّت إليها تهمة أنها مابية العريس وما دايراهو وهي تهمة خطيرة جدا.. قد تؤدي إلى لفيّح وكفيّت العروس.. كانت صويحبات العروس والعالمات برأيها السلبي في العريس يغنن لها في أثناء الرقيص.. (أليلالا.. واللاّ..هو..واللاّ ..لا لا).. فكانت العروس تأشر بالسبابة اليمنى (لا...لا..لا).. والعريس المدقّس يبشر وفاتح خشمو عن ضروس تؤكد أن العروس محقة.. هذه الغنية كانت لحنا وأداءا عبارة عن مظاهرة احتجاجية.. وتعلو فيها الزغاريد من المتفرجات مساندة ودعما لموقف العروس.. وبعضهن يعاينن للعروس ثم للعريس وبعد المقارنة المجحفة تطنطن إحداهن وتقول: ( غايتو يا بتول الله يصبرك، شالوكي وجدعوكي في البحر).. ثم جاءتنا فساتين الزفاف.. محلات تأجر الفساتين.. وتأجر بدلة العريس.. شارع كامل طويل عريض دكاكين فساتين زفاف.. وقد حمدت الله كثيرا أن ذلك المُعارض قد توفى قبل أن تقع عينو على محلات الفساتين دي.. لكان تمنطق بحزام ناسف وقام بعملية انتحارية داخل أكبر هذه المحلات إعلاءا لراية الرحط.. ولكن رحمة بهذا البلد المنكوب قد توفى هذا المناضل وكفانا شر مشاكل قد تزيد طيننا بِلة.!! د. عادل الصادق مكي الباب البجيب الريح- صحيفة اليوم التالي