* (عوير) بلدتنا ياسين - ذات نفسه - كان يعلم أنّ تظاهرات الاحتجاج على غلاء المعيشة هي من صنع (الاخوان) .. *واعني التظاهرات التي كانت تندلع - كل حين وآخر - إبان فترة الحزبية السابقة.. * كان ذلك في زمان لم يبلغ فيه سعر الدّولار بعد (عشرين !!) جنيهاً .. *فقد كانوا هم وحدهم أيّ الاخوان الذين أدمنوا ظاهرة الخروج إلى الشّارع آنذاك بسببٍ وب(دون سبب!) .. * فإذا قررت الحكومة زيادة سعر السُّكر بمقدار (قروش !) معدودة مثلاً- خرجوا إلى الشّارع هاتفين : (إمّا السُّكر وإمّا العسكر) .. * وإن اضطرت إلى إضافة (ملاليم !) إلى سعر الرّغيف هُرِعُوْا إلى الشّارع صائحين : (إمّا العيش وإمّا الجيش) .. * وإذا رأت رفع بعض الدّعم عن المحروقات هرعوا إلى الشّارع صارخين : (إمّا المحروقات وإمّا المارشات) .. * فقد كان (وجود !) الاخوان في الشّارع أكثر من وجودهم في بيوتهم ومقارهم وأماكن تجمعاتهم السّريّة .. * ولم يكن (يتصدَّى !) لهم جيش ولا شرطة ولا أمن .. * كانوا (ماخدين راحتهم ع الآخر!) في تظاهراتهم تلك دون أن يُؤمرُوا بأخذ (تصديق !!) من الشّرطة .. * ورئيس الوزراء آنذاك - الصادق المهدي - رفض منح الإذن للشّرطة باستخدام القوة حين بلغت (الجرأة !) ببعض المتظاهرين حد حصب مباني المجلس بالحجارة.. *وبرر رفضه المذكور بأن للديمقراطية تبعاتٍ لا بد من تحملها .. *ولكن (هواة المظاهرات !) هؤلاء يرفضون أي تظاهر مماثل ضدهم الآن بعد أن دان لهم الأمر .. * فالخروج إلى الشّارع ممنوع ب(القوة!) ولو بلغ الضنك بالناس حد أن يكتفي أغلبهم بوجبة (البوش).. * وفقه الضّرورة (التّظاهري !) الذي جوّز للاخوان الخروج إلى الشّارع آنذاك انتهى بانتهاء مسبباته .. *أي انتهى بنهاية العهد الدّيمقراطي - غير الرافع لشعارات الإسلام - وبرز فقهٌ للضرورة جديد .. * فقه خلاصته أن أيّما خروج إلى الشّارع هو خروج على (شرع الله!).. *وزميلنا المثير للجدل عمار محمد آدم حكى لي كيف أن شباب الاخوان كانوا (يؤمرون!) وقتذاك بالتظاهر تحججاً بالشريعة هذه.. *ومن الهتافات الشهيرة التي كان يرددها عمار هذا نفسه ضد المهدي (قلت شريعة اخلفت معادك ، روح أمريكا الله لا عادك !).. *وراح الصادق - يقول عمار - وراحت الديمقراطية ، وراحت حرية التظاهر ، وراحت الشريعة ذاتها أيضاً.. *فتردي أوضاع الناس المعيشية الآن هو (ابتلاء!) يستوجب الصبر لا (التظاهر) كما كان يحدث في السابق.. *ومن لم يُقدر (نعمة!) الصبر هذه - وأراد الخروج إلى الشارع - فعليه استخراج (تصديق) من الجهات المعنية أولاً .. *وبما أن التصديق هذا لا يُمنح أبداً فلينس السُّودانيون إذاً حكاية التّظاهرات هذه (خالص) .. *عليهم أن (يطفحوا بوشهم) و(يشوفوا كورتهم) و(ينوموا نومهم!).. * فهي محض (ذكرى منسية !!!). بالمنطق - صلاح الدين عووضة صحيفة الصيحة