لم يشأ العام 2014 أن يودع دون حدث دبلوماسي من العيار الثقيل، عندما أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما عن بدء (فصل جديد) في العلاقات مع كوبا، من كان يصدق أن جبال من العداء تراكمت عبر نصف قرن من الزمان يمكن إزاحتها، ويشهد العالم تطبيعا للعلاقات بين كوباوالولاياتالمتحدة، يبدو أن الإشارات العابرة خلال حفل تشييع جنازة الزعيم الراحل نيلسون مانديلا قبل عام تقريبا عندما تصافح الرئيسيان أوباما وكاسترو كانت بداية التحول في مسار العلاقات بين البلدين. الإعلان عن فتح فصل جديد في علاقات كوباوالولاياتالمتحدة، الذي بدا كصفقة لإطلاق سراح الأميركي الا غروس الذي أمضى خمسة أعوام في السجون الكوبية بعد اتهامه بالتخريب بسبب جلب خدمات الانترنت إلى كوبا، وقد أفرج عنه لاعتبارات صحية، مقابل الإفراج عن ثلاثة كوبيين مسجونين في فلوريدا بتهمة التجسس، وأعلن الرئيس الكوبي كاسترو وصول الكوبيين الثلاثة المفرج عنهم وفقا للاتفاقية، ولكن الفصل الجديد الذي أشار إليه أوباما يذهب إلى أبعد من مجرد صفقة تبادل سجناء إلى تطبيع كامل للعلاقات وبحماس وسرعة، ولا تقارن مع التاريخ الطويل من القطيعة بينهما، عندما اتبع الرئيس أوباما إعلانه بفتح فصل جديد بخطوات عملية مثل وفتح سفارة أميركية في العاصمة الكوبية هافانا. وقال أوباما "أتطلع لنقاش رفع العقوبات الاقتصادية مع الكونغرس، فتنشيط التجارة مفيد للأميركيين والكوبيين على حد سواء". وأكد أن "سياسة العزل لم تنجح"، وأن الوقت قد حان لتغيير أسلوب التعامل! الفصل الجديد بدا سريعا وعمليا وركز على المنافع المتبادلة اقتصاديا واجتماعيا، حيث شملت التغييرات التي أعلن عنها الرئيس أوباما زيادة التحويلات المالية للعائلات. ويعتمد عدد كبير من الكوبيين على المال الذي يرسله أقاربهم المقيمون في الولاياتالمتحدة. وفي عهد القطيعة، كان يجري تحديد هذه التحويلات ب 500 دولار فقط كل ثلاثة أشهر، لكن بموجب التغييرات سترفع قيمة المبالغ المسموح بتحويلها أربع مرات إلى ألفي دولار كل ثلاثة أشهر، والمزيد من بشريات الفصل الجديد تشير إلى زيادة الصادرات والواردات الأميركية. وستتمكن الشركات الأميركية الآن من بيع كوبا بضائع تشمل معدات لبناء المساكن الخاصة، ومستلزمات المزارع، وبضائع يحتاجها المقاولون. وسيسمح للمواطنين الأميركيين المسافرين إلى كوبا بأن ينقلوا معهم بضائع تصل قيمتها إلى 400 دولار، بما في ذلك 100 دولار من منتجات التبغ والكحول، بما فيها السيجار الكوبي. دول كثيرة تناصبها الولاياتالمتحدة العداء وتفرض عليها العقوبات والقطيعة تتنظر فصول جديدة أخرى بذات المنافع المتبادلة بينهما وأكثر، فهل نشهد ذلك بوساطة الفاتيكان أو بدونها؟ محمود الدنعو - العالم الآن صحيفة اليوم التالي