السبت عيد (ستك).. الأم. والأم قالت : في المكتبة العامة أخطو ببطء أمام الكتب.. المصفوفة انظر إلى الكتب. كتاب عليه الغبار.. تخطيته. بعد خطوة سمعت شيئاً كأنه نشيج طفل يبكي. تناولت الكتاب.. النشيج انقطع.. والكتاب.. وكأنه يشهق لإرضائي يحدث أروع الحديث. بعد أسبوع وعند دخولي المكتبة أمين المكتبة يقول ضاحكاً : غريب.. الكتاب الذي كان في يدك الأسبوع الماضي.. والذي لم يمسه أحد من زوار المكتبة لأعوام.. لم يبق أحد منذ الأسبوع الماضي إلا قرأه بعدك. اقتربت من الكتاب. سمعت شيئاً مثل ضحكة طفل تلاعبه أمه. الأم هذه سودانية حتماً. (2) وتفكيك السودان وطوفان المخدرات والجرائم. حديث ينتهي عند الأستاذ حسن عبد الوهاب. وحسن عبد الوهاب.. ملحقنا يوماً في برلين.. الذي يكتب للأستاذ الطيب مصطفى هذا الأسبوع كتابه عندنا يحمل حكايات السودانيين المدهشة. حكاية المؤذن.. والسكران. وحكاية الزوج الذي يطلق زوجته لفسوقها. وفي بعض حديثه الممتع الأستاذ حسن يقص كيف أن سودانياً في أم درمان كان يعود من السهرة عند الفجر.. ممتلئاً من خمر البلح. فجأة يسمع صوت مؤذن يؤذن للفجر. الصوت كان قبيحاً.. قبيحاً. والرجل يقطع عتبات المئذنة وثباً.. ويجرجر المؤذن من حلقومه ويجلس علي صدره.. حتى حضور المصلين. وعند سؤاله قال : والله ليس بي كراهية الآذان.. ولا الصلاة.. فأنا مسلم. لكنني خشيت أن يسمع النصارى صوت المؤذن هذا ويشمتوا بنا ويقولوا إن صلاة المسلمين لا تنهي عن الفحشاء والمنكر.. والا… فأي شئ أنكر من صوت هذا الحيوان؟!. وحسن.. عن السفه والوقار عند السودانيين في الستينات يحكي حكاية الزوج الذي يطلق إمرأته (لسوء السلوك). والرجل – الذي لا يذكر سبب الطلاق – عندما يقع تحت حصار أهل المرأة وسؤالهم عن سبب الطلاق يبحث عن الجملة التي تصف أقبح فعل.. ويجد الجملة.. ويقول للمجلس عن سوء سلوك زوجته الهائل : والله يعني.. ما فاضل ليها – إلا – تشرب السجار!!. السوداني والدين.. وبعيداً عن المجلدات والبحوث.. شيئ توجزه القصة الأولى.. صاحب المؤذن. والدين الآن عند السوداني يغلي ويفور.. ونبيذ البلح يوشك أن يصبح خمراً. والسلوك عند السواداني أيام الستينات توجزه القصة الثانية. بينما الآن.. المجتمع هذا يضج بأطنان المخدرات والدولة تصارع هذا. (3) لكن الدولة التي تصارع الخراب تعجز عن رؤية الاصابع التي تقود الخراب. ودون وعي بما يفعلون.. الخراب يصنعه الطيبون المخلصون. الطيبون يطلبون نقاء الستينات.. وثراء الستينات.. وأمن الستينات.. وأسعار الستينات. وكأن الزمن توقف هناك.. بينما!! بينما الخراب الآن تصنعه المخابرات العدو على ظهر حصان العالم الجديد. العالم الجديد.. اتصالات.. وسوق.. وعالم أنباء مجنون.. وعالم مال مسعور.. وحرب مخابرات هي نوع من الحريق. العالم هذا ينسج خرابه من (طبيعة) المجتمع الآن. وسلاح الخراب الأول الآن هو الجهل عند الناس الذين يطلبون الستينات.. الآن. **** بريد أستاذ.. مسجد يقع جنوب غرب محكمة الدروشاب.. يسكنه جنوبيون.. وثنيون.