*لبعض كبار منطقتنا مواقف طريفة مع لغة (الناطقين بها).. * فأحدهم – مثلاً – سمى فصل (محو الأمية) الذي التحق به (مدرسة المحولجية).. *وإحداهن سئلت – عند تعليمها حروف الهجاء – عن كلمة تبدأ بحرف الألف فقالت (أ أقرب) وتعني العقرب.. * وثالث أصر – متفلسفاً – على أن الفعل قام يبدأ ب(غاء غنم).. * وإن كنا نعذر أهلنا هؤلاء فكيف نعذر من يزعمون أنهم عرب منا في نطقهم القاف غيناً؟!.. *وسبب كلمتنا هذه اليوم ما ورد من سخرية تجاهنا في مسلسل (أحلى ما طاش) البارحة.. * فقد قال الذي يمثل دور سوداني يصف مكاناً ما (وطوالي هناك ح تلقوهم غدامكم).. *و(غدامكم) هنا بمعنى (قدامكم) مع الضغط على حرف الغين بإسلوب كوميدي.. * والعرب عموماً يضحكون من ظاهرتنا (الغينية) هذه رغم أن المضحكات اللغوية عندهم (على قفا من يشيل).. *فما معنى (هيك) – مثلاً – أو (أبوج) أو (زلمه) أو (إيش لون)؟!.. * إنها أشياء أكثر إضحاكاً – في نظري – من (أ عقرب) … * ولكن بصراحة فإن إصرار الكثيرين منا – حتى المثقفين – على نطق القاف غيناً أمر محير.. * والظاهرة هذه ملاحظة بكثرة بين مذيعي جيل الإن(غ)اذ رغم أن الذين سبقوهم كانوا يحرصون على تجويد النطق.. * ومذيعة (غنغنت) القاف أمس – خلال إحدى احتفالات الاستقلال – حتى (تقلقلت) أنا على سريري.. * فلماذا لا تُستبدل فصول (الأمية) بحلقات (سبيستون) – للمذيعين – بعد ملاحظتي تحسن نطق مشاهديها من الأطفال؟!.. * ثم تُعمم التجربة – إن نجحت – على المدارس والجامعات والسفارات و(الوزارات).. * مع التركيز على وزراء (الثقافة) في المركز والولايات.. * وإنما بدأت بالمذيعين لأن الإعلام المرئي والمسموع هو نافذتنا التي نطل عبرها إلى العالم.. * ويطل العالم عبرها إلينا وإن لم تكن لدينا برامج جاذبة.. *والشيء العجيب أن مذيعاتنا – تحديداً – يُجدن لهجة (الشوام) أكثر من إجادتهن نطق القاف.. * ولا أحد من الشوام هؤلاء (يصفق) لهن على الاستلاب اللساني هذا وإنما يضحكون إزاء (غال وغام وغدام).. * تماماً كما يضحكون على محاولة (فسخ) الوجوه تشبهاً بنسائهم.. * فعلينا ألا ننسى – إذاً – أن هناك حرفاً عربياً اسمه (القاف) كما نسينا (كرامتنا السودانية).. * الكرامة التي كانت تستثير الغضب في دواخل السوداني إن لوح له آخر بأصبعه أمام وجهه.. * فكيف إن كان التلويح بالعصا والناس راضون كأنهم (أغنام).. * ثم ينطقون القاف (غاء غنم).