إن كانت ولاية الخرطوم تعتبر في التقسيم الإداري واحدة من 18 ولاية داخل إطار خريطة السودان، إلا أنها تعتبر الولاية الأكبر من حيث السكان والموارد والموازنة، وبالتالي فإنها الولاية الأكثر تجاوزاً في المال العام، سيما وأن تقرير المراجع العام أمام المجلس التشريعي كشف العديد من المخالفات التي لم تستثن حتى ديوان الزكاة بالولاية الذي ارتفع الصرف على العاملين فيه بنسبة 41% عما هو مقرر. فضلاً عن كشف التقرير عن عدم انصياع هيئتا الحج والعمرة والأوقاف بولاية الخرطوم للمحاسبة والمراجعة. مخالفات تقرير المراجع العام بولاية الخرطوم ربما أعادت إلى الأذهان قضية تجاوزات مكتب والي الولاية السابق د. عبد الرحمن الخضر والتي لا تزال تداعياتها تمضي حتى وقت قريب عندما قام وزير العدل بمراجعة عقودات الأراضي، بينما أعلن والي الولاية الحالي الفريق أول ركن مهندس عبد الرحيم محمد حسين بمنع بيع الأراضي لتمويل الميزانية. عرض التقرير مدير جهاز المراجعة القومي بالخرطوم عائشة حواية الله وقفت أمس الأول أمام مجلس تشريعي ولاية الخرطوم وقرأت تقريراً مطولاً حوى تجاوزات خطيرة ومخالفات مالية كبيرة، في عدد من مؤسسات الولاية شملت صرف رواتب لموظفين مفصولين وآخرين في إجازة بدون مرتب لسنوات، وكشف عن وجود معاشيين ومتوفين ومفصولين بكشوفات الخدمة والأجور، وأبدى التقرير تخوفه من أن يقود الأمر لإهدار المال العام والتزوير، وأكد أن حجم الاعتداء على المال العام بالخرطوم بلغ “392” ألف جنيه، بينما بلغت جملة المخالفات المالية “129” ألف جنيه و”509″ آلاف يورو و”185″ ألف دولار. مخالفات في هيئات دينية المراجع العام لم تحجب شيئاً عن أي مؤسسة تابعة للولاية، فما استطاعت أن تراجع حساباتها أعلنتها على الملأ ومن لم تستطع أن تراجعها كشفتها لبرلمان الولاية عسى ولعل أن يساعدها، إلا أنها ركزت على ديوان الزكاة والحج والعمرة عندما كشف التقرير عن زيادة في صرف بنود الزكاة خاصة في مصرف العاملين عليها، وزاد الصرف عن الميزانية المقررة ب41%، مؤكدة أن الديوان صرف على العاملين بالزكاة مرة ونصف ما خصص لهم في الموازنة، وبالتأكيد فإن زيادة الصرف على بند العاملين عليها جاء خصماً على بنود أخرى كان يجب أن يخصص لها مال المسلمين، غير أن عائشة ألقت بمطرقة عنيفة على رؤوس البرلمانيين عندما أعلنت أن هيئتي الأوقاف والحج والعمرة لم تقدما حساباتهما للمراجع العام وتمنعتا في تقديم الأوراق للحصول على إبراء ذمة المراجع. تحفظات على أموال الاستثمار جهاز المراجعة القومي بالخرطوم تحفظ من خلال التقرير على المبلغ الظاهر في المستندات الرسمية في استثمارات الولاية البالغ في مجمله “505” ملايين جنيه، وجاء التحفظ من واقع أن التقرير كشف عن أن استثمارات الولاية لا تسجل أولاً بأول ولا تدون بالدفاتر ولا تشمل كل الاستثمارات بالولاية، وأكد أن ولاية الخرطوم تمتلك “16” شركة من بينها شركة واحدة لم تُراجع هي شركة المواصلات، بينما لم تقدم الشركة السودانية القطرية للتنمية العقارية حساباتها للمراجعة منذ إنشائها، بينما أظهر التقرير مخالفات في تنفيذ عقود مبرمة بين الولاية وشركة «بكس» لإنشاء منشأة أم درمان لمعالجة النفايات وأخرى مع ذات الشركة لتوليد الكهرباء من النفايات. مخالفات رواتب العاملين لم تخالف ولاية الخرطوم رصيفاتها القريبة والبعيدة من لدن ولايات الجزيرة ووسط دارفور وشرق دارفور بوجود مخالفات كبيرة في ملف الأجور فقد أكدت عائشة حواية الله في تقريرها أمام تشريعي الخرطوم بصرف رواتب لموظفين مفصولين بمجلس الدعوة وآخرين في إجازة دون راتب، بسبب عدم التنسيق بين إدارة الحسابات بوزارة التنمية الاجتماعية وإدارة الحسابات بالمجلس، وكشفت عائشة عن تجاوز معلمي قرآن أعارهم المجلس لمنظمة الدعوة لفترة إعارتهم المحددة بخمسة أعوام. وشددت عائشة على ضرورة تجديد سجل الخدمة بالوحدات سنوياً. هدر للأموال وفي الوقت الذي تشكو فيه ولاية الخرطوم من عدم وجود موارد وتتجه لزيادة رسوم النفايات وبيع الأراضي أظهر تقرير المراجع العام أن حكومة الخرطوم لم تتحصل على إيرادات المدارس الخاصة وفصول اتحاد المعلمين بالمدارس النموذجية، وعد التقرير الأمر ضياعاً لموارد الولاية، وأشار التقرير إلى أن حكومة الولاية تشتري السلع والخدمات بفواتير مبدئية ولا ترفق المستندات المؤيدة للصرف مما يساعد على التهرب الضريبي وصعوبة التأكد من أن عملية الشراء قد تمت فعلاً. وفي ذات السياق أكد التقرير عدم وجود ضوابط محددة للصرف على بند الدعم الاجتماعي، ويتم الصرف دون وجود مستندات دالة على طلب الدعم. تصرف في المشتريات عائشة قالت في تقريرها أن ولاية الخرطوم لديها “11” هيئة حكومية تخضع لإدارة الولاية وبالتالي تخضع للمراجعة لكنها أشارت إلى أنها أنجزت فقط نسبة 50% في مراجعة هذه الهيئات بنجاحها في مراجعة «6» هيئات منها فقط، بينما لم تقدم هيئتان حساباتهما للمراجعة هما هيئة الأوقاف والحج والعمرة، وعبرت عن دهشتها عن استغرابها لعدم تطبيق هيئة التأمين الصحي الهيكل الوظيفي على الرغم من إجازته، وكشفت عن عدم وجود حسابات لمخازن التأمين الصحي لضبط ورقابة المخازن، بينما اتهمت عائشة هيئة الطرق والجسور بالتصرف في المشتريات قبل دخولها المخازن. صحة الخرطوم بلا هيكل تقرير المراجع العام عن ولاية الخرطوم أظهر عدم وجود أي وصف وظيفي بوزارة الصحة بولاية الخرطوم، فضلاً عن عدم وجود حصر دقيق للعاملين الذين تم إنهاء خدماتهم بالتقاعد أو الفصل أو الاستقالة، بالإضافة لتسكين أكثر من عامل في وظيفة واحدة، معتبرةً أن كل ما سبق يخالف لائحة الخدمة المدنية. حالة تحسن ورغم أن حجم الاعتداء المالي في مؤسسات ولاية الخرطوم قد بلغ “392” ألف جنيه إلا أن المراجع العام اعتبرت أن ذلك تراجعاً في الاعتداء على المال العام في الولاية بنسبة 88%، مقارنة ب «3.4» مليون جنيه في التقرير السابق، وبلغ عدد حالات الاعتداء على المال العام «13» حالة، 46% منها أمام المحكمة و15% بالنيابة، وأشارت عائشة إلى أن المخالفات المالية بلغت «12» حالة «6» حالات منها عبارة عن صرف مبالغ دون وجه حق. تقرير: محجوب عثمان