* كنت سأحتقر نفسي بشدة لو أنني تجاوبت.. * لو أنني لم أعمد إلى تغليب حسن الظن على سوئه .. *فمغصٌ مفاجئ يدفعنا إلى ولوج أقرب مجمع طبي حيث طبيبة تقوم بدور المناوب في عيادة الباطنية.. *ثم حين تمسك بكفنا جساً للنبض – ونحن على الأريكة – تضعها على (قلبها) لنجد أنفسنا نجس نبضها هي ذاتها.. *والزمن الذي استغرقه الجس هذا لا يمكن حسابه إلا وفقاً لنظرية النسبية لآنشتاين لاختلافه من شخص لآخر حسب (النوايا).. *ونصيحتنا للطبيبة هذه ألا (تغوص) في واجبها إلى حد نسيان ما (يطفو) على السطح من شوائب النفس البشرية.. *وخصوصاً في أيامنا هذه الذي لم تعد كتلكم الخوالي حين كانت بنت الجيران في مقام (الأخت) لكل شابٍ في الحي.. *فكم طبيبة يا ترى أو مهندسة أو محامية أو طالبة أو موظفة أو ربة منزل دفعت ثمناً – قل أو كثر – لتعاملٍ بعفوية وتلقائية وحسن نية من جانبها ؟!.. *فالثمن هذا يتفاوت ما بين تحرشٍ مباشر ، وملاحقة هاتفية، وغمز في المجالس، وإضمارٍ لفكرة (سيئة).. *ورب العزة خاطب نساء النبي – عبر كتابه الكريم- قائلاً لهن ( فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض).. *وفي كلمة سابق لنا كنا قد أشرنا إلى الذي حدث من تلقاء امرأة تجاهنا داخل (معرضٍ) ما بعاصمة دولة عربية .. *وقلنا أن المرأة (المحجبة) تلك لم تكن بحاجة إلى الاعتذار لإدراكنا أن (الفعل) ذاك من جانبها كان عفوياً .. *ولكن المشكلة كيف يدرك الآخرون – ممن كانوا بجوارنا – الذي أدركناه نحن وقد فضحت نظراتهم ما كان يعتمل في نفوسهم؟.. *فالطبائع البشرية لم تُفطر كلها على فطرة واحدة وإنما تختلف كاختلاف ألسنتنا وسحناتنا وألواننا.. *بقي أن أشير إلى أنني غادرت غرفة الطبيبة تلك – بالمجمع الطبي – فور سحبي يدي من يدها .. *ولم يكن تصرفي الذي أذهل الطبيبة ذاك بسبب الجس (المتبادل) للنبض وإنما لسبب غير ذي صلةٍ تماماً.. *فقد غمغمت – بعد زمن ليس بالقليل – وكأنها تُسائل نفسها ( يا ربي تكون ملاريا؟).. *أما ما نُسائل به أنفسنا نحن فهو (يا ربي هل يعود ذا الزمن؟).. *زمن حسن النوايا الجميل مقابل سوئها في زماننا العجيب هذا.. *فلنجس ضمائرنا – إذاً – كما جست الطبيبة تلك نبضنا.. *ثم لنتأكد من أنها (تنبض) مثل قلوبنا !!! الصيحة