الثورة الإثيوبية في الخرطوم «1 2» هو الاحتفال بالذكرى الخامسة والعشرين للتغيير في إثيوبيا .. جارة السودان الحسناء السمراء .. وهو تغيير خرج من رحم كراهية الشعب الإثيوبي لنظام منقستو المتواطئ مع النظام الشيوعي في موسكو حينها .. المتغافل عن تنمية البلد .. والمتجاهل لها. وسيستضيف السودان غداً الاحد بمشيئة الله اسبوع احتفالات إثيوبيا بذكرى التغيير .. وفي مناخ هذا الاحتفال الذي بالطبع سيكون رائعاً مادام أن اصحابه رائعون .. فإن السفير الإثيوبي بالسودان السيد عبادي زوموقد افادنا بمعلومات مهمة حول أمور مختلفة .. من النادر جداً أن تجد فرصة لتستمع إليها من مسؤول إثيوبي كبير. تحدث عن أمن الجوار مع السودان، واقر بأن إثيوبيا لا يأتيها تطرف ديني من السودان. وهو بذلك يبرئ السودان من عشعشة الارهاب فيه .. فهو مقيم في السودان ولم يكذب كما يكذب سفراء الدول الغربية تجاوباً مع مزاعم بلادهم المغرضة ضد السودان. وتحدث عن مؤامرة ما تسمى المحكة الجنائية الموصوفة بأنها دولية.. وقال إن بلاده موقفها واضح جداً من هذه المحكمة.. ولا يمكن أن تؤيدها بأي حال من الاحوال أو تتقيد بموجهاتها. ونحن نعلم أن أديس أبابا هي مقر الاتحاد الإفريقي.. ولا ينبغي ولا يستقيم أن يتحد الأفارقة ضد بعضهم لصالح قوى أجنبية متآمرة تهمها فقط مصالح الاحتلال اليهودي في فلسطين والاحتلال الأمريكي في العراق. وتحدث عن مشكلة الحدود في الفشقة .. ليذكرنا هنا بموضوع احتلال مصر لحلايب.. فأحياناً تكون هناك مزايدة من الجانب المصري .. سواء كان من أحد المصريين أو كان ممن يخدمون تمييع قضية احتلال حلايب. فهم يقولون بأن هناك مشكلة حدود بين السودان وإثيوبيا .. ولماذا لم تجد الاهتمام السوداني مثل ما يجده مثلث حلايب. والاجابة واضحة.. فمشكلة الحدود لا تحل بفرض القوة والاحتلال وفرض الأمر الواقع .. وهذا ما نجده على صعيد حلايب.. حتى قتل المواطنين السودانيين وتعذيبهم. لكن على صعيد الفشقة فإن السفير الإثيوبي يوضح الحقيقة المختلفة طبعاً عن الحقيقة بشأن حلايب .. ويقول إن هناك تفاهمات بين البلدين لجعل منطقة الحدود منطقة تنمية. ويقرُّ في أدب دبلوماسي بأن ترسيم الحدود مهم وضروري ما دام أنها حدود دولتين .. وأن كل دولة مستقلة عن الأخرى. لكن حول حلايب .. ورغم أنها سودانية تأريخاً وحضارة وإثنية وبشرة وترسيماً أممياً في النهاية.. فإن مصر ترفض التفاهمات حولها لاستبقاء الاحتلال. لكن كم يطربك حديث السفير الإثيوبي بالخرطوم حول دور أديس أبابا في التأثير ايجاباً على العلاقات المتوترة بين السودان وجنوب السودان. يبدأ حديثه بأرض تحتل دولة الحركة الشعبية «لتحرير» السودان جزءاً منها هي مدينة أبيي بولاية غرب كردفان وحاضرة المسيرية. فيقول إن دور إثيوبيا في أبيي متمثل في وجود «4» آلاف جندي إثيوبي.. والجنود دورهم المنوط بهم هناك معروف طبعاً. ويقول إن إثيوبيا في الجانب السياسي لعبت دوراً كبيراً.. وهذا طبعاً نعتبره إلى جانب الدور الأمني دوراً سياسياً ملعوباً بصورة جيدة.. في ما يختص بالقضايا العالقة بين البلدين إلى ما بعد انفصالهما. لكنه يرى أن الحرب الأهلية في جنوب السودان عطلت تحريك الملفات بواسطة إثيوبيا خارج بلدهم ..أي أنهم «بقوا في تولتهم». ويرى أن جنوب السودان انعاش التنمية وتحقيق الرفاهية فيه تكونان بعلاقات جيدة مع السودان. وهذا الحديث القيم من السفير يلفت انتباهنا إلى أن استمرار دعم جوبا للمتمردين السودانيين مثل ما كان يفعل مع حركة قرنق نظام منقستو يمكن أن يقود نظام الحركة الشعبية إلى مصير نظام منقستو. وذلك لما يمكن أن تجده التعبئة الداخلية ضد نظام الحركة الشعبية من فرصة وأيضاً كراهيته.. فأجواء الحروب هي بداية نهاية سريعة للأنظمة.. وقد كان نظام منقستو أنموذجاً اقتدى به فيما بعد نظام القذافي .. وتقتدي به الآن الحركة الشعبية في جوبا.. وجنوب السودان الآن يشتعل. نواصل غداً بإذن الله. … الثورة الإثيوبية في الخرطوم «2 2» و حتى مباراة الهلال وسان جورج الإثيوبي يوم الخميس القادم 26مايو ضمن احتفالات الإثيوبيين في السودان بعيد ثورة التغيير الإثيوبية في الخرطوم التي ستنطلق هذا اليوم الأحد.. تعني أن الاحتفالات فيها تصاهر بين البلدين.. فحتى الرياضة من ضمنها. ومن ضمن الأنشطة الرياضة في الاحتفالات كرة التنس الأرضي.. بين لاعبين من البلدين.. في مباراة ودية دبلوماسية أيضاً. والمصاهرة بين البلدين في الاحتفالات تكون حتى في الفرقة الغنائية الإثيوبية التي ستشارك في احتفالات بلادها في الخرطوم في الأسبوع الإثيوبي المنطلقة اليوم 22مايو. والمصاهرة الغنائية بين البلدين منذ وقت طويل.. فتعودنا أن نستمع إلى إثيوبيين يتغنون بأغنيات سودانية.. والعكس.. وحنان بلوبلو لعلها واحدة ممن أسهموا في المصاهرة الغنائية بين البلدين. و شريط كاسيت لحنان بلوبلو منذ عقد الثمانينات تنطلق منه أغنية إثيوبية تغنيها بطريقة رائعة وبصوتها الفريد الطفولي.. ومن كلمات الأغنية الإثيوبية: سابا.. سابينا.. آنا.. إي.. وي أنيه.. ويمتد الاحتفال مزيناً الخرطوم بثمار حسن الجوار وروعة العلاقات وتميزها ومحبة الشعبين لبعضهما من الساحة الخضراء إلى جامع المستقبل. والأسبوع الإثيوبي في السودان بمناسبة الاحتفال بالذكرى ربع القرنية لإسقاط نظام منقستو يأتي والسودان بعلاقات الآن مع إثيوبيا على النقيض تماماً مما كانت عليها قبل سقوط منقستو الذي فتح بلاده لمعسكرات التمرد بقيادة قرنق لنسف الاستقرار فقط في السودان وليس لتقرير المصير الذي اعترض عليه منقستو نفسه لسببين هما: أنه يحارب انفصاليين في إريتريا.. وأن منظمة الوحدة الإفريقية «الاتحاد الإفريقي حالياً» مقرها عاصمة بلاده مما يعني إحراجه. إذن نظام منقستو كان مؤذياً حتى للجيران إضافة إلى الإريتريين الذين حرض عليهم موسكو.. فدمرتهم تدميراً. وقضت بسلاحها على مدينة نقفة تماماً تماماً.. و اسمها الآن هو اسم العملة الإريترية.. بعد أن كانت العملة هناك هي البر الإثيوبي. وكل هذا العدوان الذي كان قد قاده نظام منقستو الذي والى النظام الشيوعي السوفيتي البائد، قد انعكس على إثيوبيا بآثار سالبة أهمها الإقعاد عن التنمية والاستمرار في التخلف المدني. لكن قبل ربع قرن قد هبت ثورة الإنقاذ الإثيوبية واسقط نظام الطاغية منقستو الذي طالما كرهه وأبغضه شعبه.. وبعد هذه الفترة من اندلاع هذه الثورة الشعبية المجيدة.. تتزين الخرطوم بالأسبوع الإثيوبي.. بعد أن وصل الحب بين البلدين مرحلة العناق.. وهي مرحلة يصعب التراجع عنها مهما كانت المتغيرات.. فحب الشعبين سيظل أقوى منها. ولا ننسى أن نفس الجهود التي قدمتها إثيوبيا لتحسين علاقات السودان بالسودان قد بذلت أكبر منها بكثير لتطبيع العلاقات مع جارة البلدين دولة إريتريا. وحدثنا سفير إثيوبيا بالسودان السيد عبادي زمو عن ذلك.. قال إن إثيوبيا قد تعبت كثيراً وتعب معها السودان من أجل تطبيع العلاقات بين إثيوبيا وإريتريا. وليس السودان وحده.. بل دول عربية وإفريقية وأوروبية .. لكن السيد أسياس أفورقي ظل يرفض. وما زال. وديسالين رئيس الوزراء الإثيوبي الذي خلف زيناوي قال إنه مستعد للذهاب إلى أسمرا.. لكن الطرف الآخر ظل يرفض. والأمل ما زال قائماً.. والأقدار ستغير الأقدار. لكن هل يمكن أن تكون روح العلاقات الطيبة هذي التي تتعامل بها إثيوبيا والسودان نواة لعلاقات مستقبلية بنفس هذه الروح بين هذه الأجيال الثلاثة لتحقيق الأهداف المعروفة لصالح الشعوب الثلاثة؟ إريتريا في أشد الحاجة إلى هذه العلاقات.. لأن ثمارها أهم وأكبر وأعظم مما يمنعها ويضعها دائماً في خيار الرفض.. وها هي إثيوبيا تتقدم وتتطور وتنشء سد النهضة. وإثيوبيا تملك مؤسسات مرتبطة بالسوق الخارجية يمكن الاستفادة منها في أكثر من ناحية.. تملك شركة طيران لها سمعتها الممتازة. وحتى جنوب السودان المتأثر في علاقته مع السودان بسياسات واشنط وإسرائيل.. لن يجني من مؤامرة القوى الأجنبية التي ينفذها ضد السودان أفضل مما يمكن أن يجنيه من علاقة صادقة هادفة مع السودان مثلما تفعل إثيوبيا. لكن غشامة الحركة الشعبية حتى قبل انفصال الجنوب جعلتها ترفض إقامة الدورة المدرسية القومية في جنوب السودان. لكن يبقى إقامة أسبوع إثيوبيا في السودان في مناخ الاحتفالات الإثيوبية بمرور ربع قرن على التغيير الوطني من اجل الاستقرار والتنمية والرفاهية، بمثابة لفت نظر إلى أنظمة الحكم الغافلة في إفريقيا المتهيبة للقوى الأجنبية. إثيوبيا من أهم ما أسست عليه مشروعات النهضة والتقدم هو الفهم الحقيقي لنيات واشنطن وغيرها.. وهي تتعامل معهم فقط في إطار المواثيق الدولية المعتمدة لدى الأممالمتحدة.. وهذا مسلك يجب أن تقتدي به بقية الدول الغافلة المتهيبة. فإذا اقتدت ستجد إنها تمضي في طريق النهضة وصناعة الحضارة مثل إثيوبيا منذ خمسة وعشرين عاماً. غداً نلتقي بإذن الله..