رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يلتقي اللجنة العليا للإستنفار والمقاومة الشعبية بولاية الخرطوم    شاهد بالصورة والفيديو.. في أول ظهور لها.. مطربة سودانية صاعدة تغني في أحد "الكافيهات" بالقاهرة وتصرخ أثناء وصلتها الغنائية (وب علي) وساخرون: (أربطوا الحزام قونة جديدة فاكة العرش)    شاهد بالفيديو.. شاب سوداني يعيد مبلغ (177 مليار) وصلته عن طريق الخطأ عبر إحدى التطبيقات البنكية وصاحب المال يحلف عليه بالطلاق بأن يأخذ منها "مليار" ومتابعون: (لسه الدنيا بخيرها)    الدفعة الثانية من "رأس الحكمة".. مصر تتسلم 14 مليار دولار    قطر تستضيف بطولة كأس العرب للدورات الثلاثة القادمة    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني في أوروبا يهدي فتاة حسناء فائقة الجمال "وردة" كتب عليها عبارات غزل رومانسية والحسناء تتجاوب معه بلقطة "سيلفي" وساخرون: (الجنقو مسامير الأرض)    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    سعر الدولار في السودان اليوم الأربعاء 14 مايو 2024 .. السوق الموازي    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    صندل: الحرب بين الشعب السوداني الثائر، والمنتفض دوماً، وميليشيات المؤتمر الوطني، وجيش الفلول    هل انتهت المسألة الشرقية؟    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    عالم آثار: التاريخ والعلم لم يثبتا أن الله كلم موسى في سيناء    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    تقارير تفيد بشجار "قبيح" بين مبابي والخليفي في "حديقة الأمراء"    المريخ يكسب تجربة السكة حديد بثنائية    أموال المريخ متى يفك الحظر عنها؟؟    قطر والقروش مطر.. في ناس أكلو كترت عدس ما أكلو في حياتهم كلها في السودان    شاهد بالفيديو.. "جيش واحد شعب واحد" تظاهرة ليلية في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور    لأهلي في الجزيرة    مدير عام قوات الدفاع المدني : قواتنا تقوم بعمليات تطهير لنواقل الامراض ونقل الجثث بأم درمان    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    شركة "أوبر" تعلق على حادثة الاعتداء في مصر    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    هل يرد رونالدو صفعة الديربي لميتروفيتش؟    لاعب برشلونة السابق يحتال على ناديه    محمد وداعة يكتب:    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    السودان..اعتقالات جديدة بأمر الخلية الأمنية    شاهد بالصور.. (بشريات العودة) لاعبو المريخ يؤدون صلاة الجمعة بمسجد النادي بحي العرضة بأم درمان    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إخلاص بابو.. ووفاء أبناء محمد الأمين حامد
نشر في النيلين يوم 12 - 07 - 2016


قُبيل انقضاء شهر رمضان المبارك ببضعة أيام، دعاني الأخ الصديق محمود عبد الرحيم أحمد الى مرافقته لأداء واجب العزاء لأصدقاءٍ خُلصٍ بالنسبة لكلينا، هم الدكتور أحمد البدوي والرشيد ومحمود محمد الأمين حامد، في وفاة أحد قُدامى العاملين معهم، اسمه بابو، وفي السيارة باغتني صاحبي بسؤال فقهي، وهو يعلم شغفي بالمسائل الفقهية، تأصيلاً وتفصيلاً، هل تجوز التعزية في غير المسلم؟ فأجبته مستعيناً بالله، وبقول أكثر أهل العلم من جمهور الفقهاء، بنعم تجوز تعزية أقارب وأصدقاء غير المسلم في فقيدهم. وزدتُ في شرح المسألة، بأن القياس على هذا الجواز هو زيارة المرضى؛ فقد كان النبي «صلى الله عليه وسلم» يزور مرضى غير المسلمين، كما في حديث أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَمَرِضَ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ: أَسْلِمْ، فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ: أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، فَأَسْلَم، فخرج النبي «صلى الله عليه وسلم» وهو يقول: (الحمد لله الذي أنقذه من النار) رواه البخاري. واستشهد هنا بما أورده شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني في كتابه «فتح الباري شرح صحيح البخاري» عن عمرو بن مرة قال سمعت عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال سهيل بن حنيف وقيس بن سعد قاعدين بالقادسية فمروا عليهما بجنازة، فقاما فقيل لهما إنها من أهل الأرض أي من أهل الذمة، فقالا إن النبي «صلى الله عليه وسلم» مرت به جنازة فقام، فقيل له إنها جنازة يهودي، فقال: (أليست نفساً). ووجه الشبه بينهما – يا هداك الله – مواساة المُصاب والتخفيف عنه. وذهب بعض أهل العلم الى أن تعزية غير المسلمين تدخل في عموم البر في قوله تعالى:(لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ). ومن الضروري هنا الاشارة الى أنه من المعلوم كراهةُ بعض السلف لعزاء غير المسلم، وتحريم بعضهم له، ولكنَّ الذي يترجَّح لدي من أقوال جمهور الفقهاء جواز ذلك، وهنالك الكثير من السلف الصالح قد عزَّى غير المسلمين. والقول بجواز تعزية غير المسلم هو رواية عن أبي حنيفة، وهو قول الإمام الشافعي، وقولٌ في مذهب الإمام أحمد وغيره، شرط ألاَّ يكونوا محاربين. واستوقفني في عزاء الهندي بابو، أنني تأكدت من أن الإخلاص والوفاء لم يذهبا عن الناس، فعلمتُ بإخلاص الراحل بابو، ولمستُ الوفاء في أبناء رجل البر والإحسان الراحل محمد الأمين حامد (الدكتور أحمد البدوي والرشيد ومحمود)، فالإخلاص والوفاء من أنبل القيم الانسانية التي يجب الحث عليهما والاشادة بهما، باعتبار أنهما خُصلتان حميدتان ينبغي أن تسودا في المجتمع المسلم. ففي البدء، ينبغي أن أبسط القول في مفهومي الاخلاص والوفاء، فالإخلاص لغةً: مشتق من خَلَص، بفتح الخاء واللام خلص يخلص خلوصاً وإخلاصاً، وهو في اللغة بمعنى صفا وزال عنه شوبه إذا كان في الماء أو اللبن أو أي شيء فيه شوب يعني تغير لونه بشيء يشيبه أي يغيره فقمت وصفيتَه أخرجت هذه الشوائب التي لوثته فيقال: إنك أخلصته يعني صفيته ونقيته. والإخلاص اصطلاحاً: يعني الصدق في القول والعمل. فالعلاقة بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي واضحة جداً، وهي تنقية الأعمال والحرص على إخلاص النية في القول والعمل. أما الوفاء لغة واصطلاحا: يقول ابن منظور صاحب «لسان العرب» في معنى الوفاء لغة: هو «الخلق الشريف العالي الرفيع». جاء في المعجم الوسيط عن الوفاء: وفى الشيء يفي وفاء، ووفيا، تم. يُقال: وفى ريش الجناح والشيء وفياً: كثر. وفلان نذره وفاء: أداه وعمل به. وأوفى بالوعد والعهد: وفى. ووافى: فاجأه. ووفى فلاناً حقه: أوفاه إياه. والوفي: التام والكثير الوفاء، وجمعها أوفياء. قال الجرجاني إن الوفاء هو: «ملازمة طريق المواساة ومحافظة عهود الخلطاء». وقال الغزالي إن الوفاء هو: «الثبات على الحب وإدامته إلى الموت معه، وبعد الموت مع أولاده وأصدقائه» أو هو أداء الحق. وفي المجمل الوفاء في المعنى اللغوي: يعني الخلق العظيم الدال على التمام والإكمال. فالوفاء هو خُصلة اجتماعية خلقية تتمثل في التفاني من أجل قضية ما أو شيء ما بصدق خالص والوفاء أصل الصدق. وبمعنى آخر هو صفة إنسانية جميلة، عندماء يبلغها الإنسان بمشاعره ومحسوسياته فإنه يصل لإحدى مراحل بلوغ النفس البشرية لفضائلها، والوفاء صدق في القول والفعل معاً، والغدر كذب بهما، والوفاء يلزم القيم السامية والمثلى للإنسان، فمن فقد عنده الوفاء فقد انسلخ من إنسانيته، وقد جعل الله الوفاء قواماً لصلاح أمور الناس. وقد قال الله عز وجل: (بلى من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين). وقال تعالى: (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا). وقال تعالى:(وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ). والوفاء هي تلك الصفة التي يتمتع بها أهل الذوق السليم والطبع الكريم. صفة كريمة يشعر بها المرء دون أن يدركها إدراكاً مادياً. أخلص الى أن قيمتي الاخلاص والوفاء صارت من القيم الانسانية النادرة في السودان. عليه حرصت على أن أجعل اخلاص بابو الهندي، ووفاء أبناء العم الراحل محمد الامين حامد ينداحا في دائرة الشأن العام، بحُجية أن هنالك من يخلص اخلاصاً صادقاً، قولاً وعملاً، مع الذين يعمل معهم، وأن اخلاصه هذا لا يكافأ الا بالوفاء والاحسان، تنزيلاً لقول الله تعالى: (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَان). فبابو بالنسبة لأبناء الراحل محمد الأمين حامد مستودع أسرارهم قبل أن يكون خزانة أوراقهم ووثائقهم. فلا غرو أن كافؤه بهذا الوفاء، حياً وميتاً. واستذكرت مع صاحبي محمود في السيارة بعد الفراغ من تأصيل جواز تعزية غير المسلم، قول أبي مُلَيْكة جرول بن أوس بن مالك العبسي المشهور بالحُطيئة: من يفعل الخير لا يعدم جوازيه لا يذهب العُرف بين الله والناس.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.