*لاحظت كثرة استخدام المفردة أعلاه هذه الأيام.. *هي….. وشقيقها (الآخر)….. في غالب كتابات نقادنا الأدبيين.. *فما من نص نقدي يخلو- تقريباً- من عبارة (الأنا في مواجهة الآخر).. *ولا غرابة في ذلك إن نظرنا إلى (الأنا) بدواخلنا.. *فسوف نجد أنها تستسهل محاكاة (الآخر)… في كل الذي تحسد عليه الآخر هذا.. *تحسده أولاً… ثم تغار منه……. ثم تشرع في تقليده.. *فالحسد- مثل المحاكاة – ظاهرة سودانية تفوق بنسب متفاوتة ما لدى شعوب أخرى.. *وقد أشرت إليها – مرةً – مثلما أشار إليها عبد الله الطيب.. *وإن كانت إشارتي من زاوية المعايشة فإن إشارة أديبنا الراحل تمت من زاوية تاريخية.. *قال إن أشد قبائل العرب حسداً هي التي هاجرت إلى بلادنا.. *وقبل فترة أشار إلى هذه الظاهرة أيضاً زميلنا زهير السراج في مقال طويل.. *وهي- إلى جانب ظواهر أخرى- تفسر أسباب (حالنا) الآن.. *فحين تغلب الطبائع السالبة على الإيجابية تتباطأ مسيرة النمو… في كل شيء.. *في السياسة… في التنمية… في السلوك… وحتى في الرياضة.. *ولابد من نقد صادق ل(الأنا الجمعي) إن كنا ننشد إحداث نُقلة حضارية لأنفسنا… وبلادنا.. *وربما كانت الأنا التي تخصنا أقرب إلى التفسير الفرويدي.. *ومن ثم فهذا يشرح جانباً من عللنا التي أتحدث عنها… من منطلق نفساني.. *ومعروفة نظرية فرويد عن ال(Ego)…. وال(Id).. *والتاريخ الذي لا يكذب- ولا يتجمل- يثبت بعضاً من صحة كلامنا هذا.. *فبلادنا سارت أولى خطوات التحضر إبان حقبة التركية.. *وعرفت لأول مرة الديوانية… والإنشاءات… والتخطيط… والتنمية.. *وما قبل ذلك كانت حقب من سيادة (الأنا العشوائية).. *ومع هذه العشوائية ميل إلى العنف… والحسد… والأنانية… وحب الشهوات.. *شهوات السلطة… والبطن… والفرج… وراجعوا كتابات الرحالة.. *فجميعهم بلا استثناء – قديمهم وحديثهم – أفاضوا في الحديث عن هذه الطبائع.. *ثم توقفت مسيرة التحضر فور سيطرة المهدية على البلاد.. *وكانت (الأنا الأنانية) – ذات القسوة- هي الصفة الغالبة في مناحي الحياة كافة.. *وظلت العاصمة – طوال تلكم الحقبة – محض قرية بدائية.. *ثم تواصلت مسيرة التحضر ما إن استلم كتشنر مقاليد الأمور.. *وكانت البداية بالسكة الحديد… ثم مباني الحكومة… ثم الطرق المعبدة…ثم كلية غوردون.. *ومنذ الاستقلال- وإلى الآن- ظلت خطوات تحضرنا في حالة تعثر.. *فكم من دولة نالت استقلالها معنا- أو بعدنا- وتجاوزتنا بمراحل في سكة التحضر.. *بينما نحسن نحن فقط الانتصار ل(الأنا) على حساب (الآخر).. *و في أزمتنا الكروية الراهنة خير مثال على ذلك.. *فليت جدل الأنا والآخر في نقدنا الأدبي يتحول إلى جدل نقد ذاتي لأنفسنا.. *لك أنت… وهو… وهي……….. و(الآخر).. *و…………. أنا !!!. صلاح الدين عووضة صحيفة الصيحة