*كنا قد قبرنا للتو والد صديقنا توفيق.. *وتحلقنا حوله في صيوان العزاء نخفف عنه وقع المصاب.. *وانضم إلى مجلسنا حسين (هولة) الذي لا ينضبط لسانه على إيقاع الحدث.. *فإن كانت المناسبة فرحاً انطلق لسانه هذا بحديث كله نكد.. *وإن كانت ترحاً انطلق بنكات… ونوادر… وطرائف…. وحتى مقاطع غنائية.. *فأوجسنا منه خيفةً… ووضعنا أيدينا على قلوبنا.. *فإذا بقلوبنا هذه هي التي وقعت على أيدينا بعد أن تزحزح… وتنحنح … و(تنخنخ).. *ثم سألنا بمرح صفيق (شفتو طير الجنة في دومة المقابر؟).. *ثم أجاب عن سؤاله بنفسه (حاجة روعة ، وخلَّت مراسم الدفن في منتهى الجمال).. *وخلاَّنا هو بكلامه في منتهى الحرج… وصرنا نتنحنح.. *وما خلَّى قلمي يتنحنح الآن – ويتنخنخ – كلام من أمانة شباب المؤتمر الوطني.. *كلام (رومانسي) سيتحول إلى فعل اليوم في زمانٍ (تراجيدي).. *ومكان الفعل (الكلامي) قاعة الشهيد الزبير… بمشاركة وفود من عشرين دولة.. *سيتكلمون كلهم عن قضية أبعد ما تكون عن قضايانا الملحة.. *قضية تحت عنوان عريض من – بنات أفكار الأمانة – هو (قضايا الفكر المعاصر).. *أما العنوان الحالي فهو (انتاج وسائل لحماية الأمن الفكري).. *بالله عليكم ما فرق أعضاء أمانة الشباب هذه من حسين هولة (بتاع) طير الجنة؟!.. *وفود من مختلف أنحاء العالم ينزلون في أفخم الفنادق.. *وتصرف عليهم الأمانة من أموال الحكومة… (أموالنا)… ليتلقوا أحسن ضيافة.. *ويُرحلون حضوراً وإياباً – ونزهاً – بأفخر العربات.. *وكل ذلك ليثرثروا في قضية (خرافية)… لا علاقة لها بقضايانا (الواقعية).. *وخلاص يعني شباب الوطني مشغولون بالمعاصرة لهذه الدرجة؟!.. *طيب ؛ هناك قضية مهمة وهي المعاصرة السياسية.. *ومن أولوياتها (انتاج وسائل لحماية الحريات… وحقوق الإنسان… وتداول السلطة).. *أم أن (الحتة دي) المعاصرة فيها (ما معانا) يا أمانة الشباب؟!.. *ثم إن عنوان (الثرثرة) نفسه يدل على أنه ينطلق من منصة لا صلة لها بالمعاصرة.. *فهو يُذكِّرنا بأخوات له في (قدم) الشمولية.. *ففي ظل أنظمة سياسية غير (معاصرة) يعني فوراً (انتاج وسائل للقمع الفكري).. *ومن ثم أكاد أُخمِّن من أين أتى هؤلاء الضيوف… قبل رؤيتهم.. *وأُخمن – بالتالي – ماذا سيقولون… بالساعات الطوال.. *ومن قبل خمَّنا أن زميلنا حسين (هولة) سيقول كلاماً يزيد من أحزان توفيق.. *وسيأتي بعيداً عن الأجواء التي يعيشها… ونعيشها.. *ولكن تخمينا لم يبلغ مرحلة تخيل أن يكون عن (طير جنة دومة المقابر).. *ثم الإشارة إلى جمال (الدفن)… تحت ذياك الجمال.. *والآن لنترقب (طير جنة) شباب الوطني… وضيوفهم (الدوليين).. *في صيوان عزاء الشعب السوداني !!!. صلاح الدين عووضة صحيفة الصيحة