*وثلاثة مكبرات صوت تصرخ في آنٍ واحد.. *وذلك عقب صلاة العصر أمس… ولا أحد من الجيران فهم حرفاً.. *الواعظ يصرخ… ومكبر الصوت يصرخ… والجو بكل سموم الحر يصرخ.. *وفكرت في أن أذهب إلى أحد هذه المساجد لأصرخ.. *أصرخ في أذن الصارخ بداخله أن هلم معي إلى الخارج قليلاً.. *ثم أتحداه أن يميز لي ما يصرخ به المسجدان الآخران… بعد صمت مسجده.. *وأشرت قبل أيام إلى ظاهرة سميتها (التدين الصوتي).. *وهي الصراخ بالدين في مظان الرياء… والنفاق… والتفاخر… والشرك.. *ونظل نصرخ نحن تحذيراً… في وادي الصراخ !!.. *وأتجول بين بعض المتاح لي من فضائيات العالم الإسلامي… عقب الإفطار.. *فلا أجد في إحداها – بالغلط – صراخاً بالغناء… كحالنا نحن.. *رغم أن حكومتنا هي الأعلى صراخاً – وصياحاً – بشعارات الإسلام.. *ورغم أن دولتنا هي الأفقر من بين جميع هذه الدول.. *ورغم أن شعبنا هو الذي يُفترض أن يصرخ بكاءً وألماً… لا غناءً وفرحاً.. *ومهما علا صراخ قنواتنا بالغناء فلن يخفي عورات بؤسها.. *فهي فضائيات في منتهى الهيافة… والتفاهة… والسخافة…. بقية شهور العام.. *أما في رمضان تحديدا فهي في منتهى (قلة الأدب) !!.. *وأرصد تصريحات الوزراء – والولاة – الجدد عند استلام مهامهم.. *فإذا بها محض صراخ (محفوظ)…. بوعود قديمة.. *مجرد تكرار لوعود صرخ بها السابقون – في اللحظة ذاتها – ويصرخ بها اللاحقون.. *ثم لا شيء سوى الفشل إلى أن يأتي صارخون جدد.. *فالذي يثق في قدرته على الإنجاز لا يصرخ… ولا يحتفل… ولا يتباهى.. *ووالي الشمالية الجديد – ياسر يوسف – دخل دنقلا دخول الفاتحين.. *طائرة خاصة… وتشريفات رئاسية… وحاشية مرافقة.. *ثم نثر الوعود خيالاً… وأحلاماً… وصراخاً….. فوق رؤوس المستقبلين.. *وبدأ بتنكيس الأولويات ؛ وهذه أولى (بشريات) الفشل.. *ترك مشكلات الزراعة… وحرائق النخيل… وتردي الخدمات… وضائقة المعايش.. *ووعد بتحديث المطار… حيث حطت طائرته الخاصة.. *أما نظيره والي البحر الأحمر فقد أسكرته نشوة المنصب – والاحتفال – حد الثمالة.. *فصرخ – الهادي محمد علي – مبشراً بقرب استرجاع حلايب.. *وليته اكتفى بترديد وعود (الممكن المستحيل) التي استهلكها من سبقوه.. *ومنها ما حفظه أهل الولاية عن ظهر (تعب) ؛ مشكلة المياه.. *فنحن في زمان لا ينجز فيه المسؤول سوى (الصراخ) !!.. *ولا نفعل فيه نحنا أنفسنا أيضاً – كشعب – أي شيء سوى الصراخ… جراء (الكسل).. *والله لا (يغيِّر) ما بقوم حتى (يغيِّروا) ما بأنفسهم.. *وحين يسخر العرب من كسلنا هذا (ننشط)… لنصرخ احتجاجاً.. *ورحلتنا في سكة (تصرخون) أطول- وأصعب- من رحلة الصادق المهدي (تهتدون).. *و………..عووووووك !!!. صلاح الدين عووضة صحيفة الصيحة