يدخل السودان الاجتماع الخامس لمنظمة التجارة العالمية المزمع عقده بجنيف هذا الشهر لعرض كافة الجداول المتعلقة بالانضمام بعد ان تم اعداد التقرير النهائى بمعاونة استشاري أمريكي تلبية لطلب الولاياتالمتحدة التى رفضت مناقشة وثيقة انضمام السودان فى الاجتماع السابق نتيجة لعدم اكمال بعض الجوانب الفنية. وكان سقف السودان قد ارتفع للانضمام للمنظمة الدولية داخل الأجهزة الرسمية ماجعل الخرطوم تتوقع الانضمام للمنظومة في الاجتماع الحادي عشر لوزراء منظمة التجارة العالمية الذى انعقد في الأرجنتين منتصف ديسمبر 2017م إلا ان ذلك السقف تراجع بعد ان قدمت واشنطن اسئلة جديدة. وتوقع المفاوض الحكومي حسن أحمد طه ان يحقق السودان تقدماً كبيراً فى الاجتماع الخامس بعد استيفاء كافة الشروط والمطلوبات المتعلقة بوضع مصفوفة تنافس القطاعات المحلية مع مسالة الانضمام وعمل دراستين مع بعض المنظمات والبنك الدولى توضح اثر انضمام السودان على القطاعات المختلفة والسياسات المطلوبة للتنافس. ونفى ان يؤدى التنافس الخارجى الى توقف الصناعة المحلية او تقليل الايرادات بقوله هنالك نقطتين اساسيتين اولاهما اننا رفضنا أي شيء يخالف الشريعة الاسلامية فى اتفاقاتنا والثانية ان نعتمد على الجمارك والضرائب فى الايرادات العامة للدولة. واضاف كما لم نلتزم بتقليص ميزانية الدولة وبالتالي وضعنا سقفا اعلى للجمارك فى التنافس الخارجى “اعلى من الحالي” حتى تكون لدينا فرصة لرفع السقف الى اعلى ما هو عليه مستقبلا باعتبار ان منظمة التجارة تعتمد على الالتزام الذى وضعته أية دولة وقال ان السقف المرتفع يعطى تنافس للسلع المحلية وهذه نقاط حافظنا عليها حتى لا تتأثر موارد الدولة من عملية الانضمام. وفى نفس الوقت يطالب بضرورة تعديل اكثر من 150 قانونا ومواءمة القوانين والتشريعات المحلية مع العالمية بجانب تقوية برامج الاصلاح ومحاربة الفساد عبر النظم الحاكمة والقوانين الفعالة. ولكنه قال نحن بصدد الانتهاء من كل الشروط المطلوبة بنهاية مايو الحالى وفق مصفوفة متكاملة تقدم الى الاجتماع. وابدى امله فى ان يحرز السودان تقدما فى الملف ويرى ان السودان اكمل كل المطلوبات الفنية التى ظلت عقبة تثيرها واشنطن فى كل اجتماع واضاف سنرى ان كان الخلاف مع واشنطن فنيا ام سياسيا. وكان السودان قد قام بالرد على اكثر من 20 سؤالا واستفسارا مقدما من اميركا والاتحاد الاوروبى تضمنت السياسات والقرارات التجارية التي اتخذتها الحكومة بشأن تحريك قيمة الجنيه مقابل الدولار. وجهز السودان وثيقة ميزان نظام التجارة الخارجية ووثيقة الخطة القانونية المتعلقة بالقوانين ووثيقة الصحة والصحة البستانية ووثيقة العوائق الفنية ووثيقة الدعم المحلي المقدم للزراعة. والوثائق الخاصة بالمفاوضات الثنائية المتمثلة في عرض السودان لتجارة السلع والخدمات. وتباينت اراء المراقبين حول جدوى طلب السودان للانضمام للمنظمة الدولية منهم من يقول ان الازمات الاقتصادية التى تعيشها البلاد والظروف الحالية غير مهيأة واخرون يرون بان الانضمام يتيح قدرا من الانفتاح ربما يقلل من الازمات الحالية. ويقول عضو لجنة التجارة والخدمات التابعة للأمانة العامة للانضمام للمنظمة الدولية عبدالله الرمادى لازالت هنالك فرصة لتحسين الاوضاع الاقتصادية والانفتاح نحو العالم الخارجى عبر بوابة المنظمة إلا انه يشترط تهيئة البنية الاقتصادية قبل الشروع فى مراحل عملية مؤكدا ان الاوضاع الاقتصادية الحالية لا تحتمل المنافسة الخارجية خاصة الصناعة المحلية التى ظلت تعانى منذ دخول السودان الى السوق المشتركة لشرق وجنوب افريقيا “الكوميسا” وطالب بتغير كثير من المفاهيم المحلية وادارة الاقتصاد بعقلية تجارة عالمية والتفكير فى الموارد المتاحة خاصة الزراعة والثروة الحيوانية والمعادن وكيفية رفع كفاءتها خلال المرحلة المقبلة. اما الاقتصادى ادم الزين فيطالب بالبحث عن حلول لمشاكل الاقتصاد قبل الشروع فى الانضمام مبينا ان البلاد غير مهياة الان واعتبر البحث عن الانضمام ماهو الا “مضيعة للوقت” فى وقت تعانى منه البلاد من مديونية وتدهور كافة القطاعات الاقتصادية ويرى ان كثيرا من الدول رفضت الاستجابة لطلب السودان ولكنه يقول ان الانضمام سيصبح حقيقية واقعية تحتمها التحولات العالمية والتى يجب ان يستعد لها السودان جيدا قبل الشروع فى تقديم طلب انضمام. ويقول حتى الان السودان لم يستطع الاستفادة من الميزة النسبية التى يتميز بها مؤكدا وجود فرص يمكن ان تضاعف من انضمامه ولكن نتيجة لضعف السياسات سيظل يبحث عن الانضمام فى كل جولة ولن يجدها. واضاف مثلا يتميز السودان بأجود أنواع الصمغ العربى والسمسم والجلود والان دخل فى منظومة المعادن ولكن نتيجة لوجود خلل فى السياسات العامة جعلت كل القطاعات تتدهور واضاف كما انه حتى انه لم يستطع استغلال اراضيه الزراعية لتحقيق الامن الغذائى وتساءل كيف لدولة لم تستطع استغلال مواردها وجذب استثمارات ان تكون عضوا فى منظمة دولية تعنى بالتجارة، ويشير الى الدعم الفنى والمالى واللوجستى المتوقع حال اتاحة الفرصة لانضمام السودان ويقول هو مشروط بشروط قد لا يستطيع السودان القيام بها مع العلم ان القطاعات الاقتصادية متجذرة بكل القطاعات الانتاجية اولها مشاكل الارض والقيود التى تفرض على التجارة كالنظام الجمركي الذى يتعارض مع شعار المنظمة (تجارة حرة بدون قيود) إضافة إلى توحيد سعر صرف العملة الوطنية فضلا عن مطابقة القوانين والتشريعات الوطنية مع القوانين العالمية. وكانت اليابان التى ترأست محادثات انضمام السودان فى الاجتماع الاخير قد وافقت على تولى ملف انضمام السودان لمنظمة التجارة العالمية خلال العام واعتبرت انضمام السودان جزءا لا يتجزأ من الإصلاحات الاقتصادية السودانية وترى اليابان ان حجم السودان وموقعه الاستراتيجي بين سبع دول سيكون لانضمامه تأثيراً كبير على المنطقة. وتقدم السودان رسميا في العام 1999 عبر وثيقة النظام التجاري التي على ضوئها يتم الانضمام إضافة إلى وثيقة عرض السودان للسلع والخدمات في العام 2004م وبذلك اكتملت كل الوثائق الأساسية للانضمام إلا ان الملف جمد نتيجة لتدخل الولاياتالمتحدة أبان اتهام السودان برعاية الإرهاب واتهامات بشان حرب إقليم دارفور. وحاولت الحكومة السودانية خلال العام 2012م فتح الملف مجددا إلا انه اصطدم بعدة عقبات إلى ان تم فتح الملف مجددا في التاسع من يونيو 2016م تقدم حينها السودان بطلب رسمي للانضمام.