صور أقمار صناعية تكشف بناء إسرائيل منشأة نووية جديدة    ليبيا.. تحذيرات من حرب عبثية    المريخ يتدرب على فترتين    ضياء الدين بلال يكتب: اللعب بالأرقام...!    يصف برقو (بالعدو) ويشكو من (العداوة)..!!    دوناروما إلى مان سيتي    "مناوي" يزف بشرى ويعلن اكتمال مشروع    لاكروا تكشف عن رسوم ضخمة تفرضها الميليشيا في الفاشر    مشاري الذايدي يكتب: أميرة السودان… هذا جناه أبي عليّ!    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تشعل مواقع التواصل بوصلة رقص مع إبنتها على أنغام (هو ضيعنا من إيده يستحمل)    عصر ما بعد الليبرالية: المتغطي بالعالم عريان    شاهد بالفيديو.. بشة يعترف: (قررت ترك الهلال في أول ستة أشهر وهذا اللاعب هو من أقنعني بالبقاء)    تفاصيل جديدة حول جريمة الحتانة.. رصاص الكلاشنكوف ينهي حياة مسافر إلى بورتسودان    شاهد.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تشعل مواقع التواصل بصورة مثيرة للجدل    شاهد.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تشعل مواقع التواصل بصورة مثيرة للجدل    شاهد بالصورة والفيديو.. مع اقتراب موعد افتتاح مطار الخرطوم الدولي.. تزيين شارع المطار باللافتات استقبالاً للعائدين    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة للجدل.. الناشطة السودانية رانيا الخضر تخطف الأضواء بإطلالة ملفتة من أمام البحر    معاناة المواطنين مع جمارك العفش الشخصي    روضة الحاج: ستلعنُكم هذه الأرضُ أحجارُها وستلعنُكُم كلُّ أشجارِها وستلعنُكُم كلُّ أثمارِها    الحكومة السودانية تقرر تمديد فتح معبر أدري الحدودي مع تشاد 3 أشهر    قوات الطوف المشترك محلية الخرطوم تداهم بور الجريمة بدوائر الاختصاص وتزيل المساكن العشوائية    جبل مرة.. انزلاق أرضي يثير جدلاً حول حصيلة الضحايا    وزير الصحة يشارك في افتتاح مكتب لمنظمة الصحة بالخرطوم    وزير الطاقة السوداني يطلق وعدا    لماذا أوقفت شرطة برشلونة أعمال البناء في كامب نو؟    على أعتاب ثروة غير مسبوقة.. إثيوبيا تراهن على سد النهضة    نيمار يُكذب أنشيلوتي: لست مصابا    الكيزان في سلام الإستهبال والتناقض    برشلونة يتعثر أمام رايو فايكانو.. و"أزمة الفار" تثير الجدل    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    اتهم أبناء قبيلتين داخل الدعم السريع بالتواطؤ مع "الكيزان".. شاهد الفيديو الذي بسببه تم الاعتداء على القائد الميداني للمليشيا "يأجوج ومأجوج" واعتقاله    عودة المحكمة الدستورية قرار صائب وإن جاء متأخراً    رئيس الوزراء: نهضة مشروع الجزيرة من أولويات حكومة الأمل    ساعات حاسمة ..أرتال عسكرية تتحرك نحو طرابلس    وزير الثروة الحيوانية: انطلاقة الخطة الاستراتيجية من نهر النيل بإنشاء مدينة للإنتاج الحيواني    من صدمات يوم القيامة    حسين خوجلي يكتب: الأمة الشاهدة بين أشواق شوقي وأشواك نتنياهو    الجنيه السوداني ورحلة الهبوط القياسي    فعاليات «مسرح البنات» في كمبالا حنين إلى الوطن ودعوة إلى السلام    "وجيدة".. حين يتحول الغناء إلى لوحة تشكيلية    قال لي هل تحكي قليلا من العربية؟    اجتماع مهم بين بنك السودان المركزي والشركة السودانية للموارد المعدنية حول عائدات الذهب ودعم الاقتصاد الوطني    ما حكم شراء حلوى مولد النبى فى ذكرى المولد الشريف؟    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    انتشال جثث 3 شقيقات سودانيات في البحر المتوسط خلال هجرة غير شرعية    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    طفلة تكشف شبكة ابتزاز جنسي يقودها متهم بعد إيهام الضحايا بفرص عمل    اتهام طبيب بتسجيل 4500 فيديو سري لزميلاته في الحمامات    حادث مأسوي بالإسكندرية.. غرق 6 فتيات وانقاذ 24 أخريات في شاطئ أبو تلات    تطول المسافات لأهل الباطل عينا .. وتتلاشي لأهل ألحق يقينا    بوتين اقترح على ترامب لقاء زيلينسكي في موسكو    الموظف الأممي: قناعٌ على وجه الوطن    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    أخطاء شائعة عند شرب الشاي قد تضر بصحتك    تقرير أممي: «داعش» يُدرب «مسلحين» في السودان لنشرهم بأفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضياء الدين بلال: (شغل خم ساي)!
نشر في النيلين يوم 12 - 11 - 2018

-1- في كُلِّ مرَّة أجد هناك ضرورةً مُلحَّة لتكرار التنبيه والتحذير، من جزافية إطلاق الأرقام والنِّسَب.
للأسف، مُعظم الأرقام والنِّسَب التي تعبر من أوراق الجهات الرسمية إلى الوسائط الإعلامية، تأتي مُحاطةً بالرّيبة والشكّ، ومُبلَّلةً بالظنون.
لا تُوجد جهةٌ ذاتُ مصداقية عالية ودقَّة موثوقٍ بها، يُمكن التعامل مع أرقامها ونسبها، دون أن يكون في النفس شيءٌ من (حتى ولكن)، إضافة إلى كُلِّ أدوات التعجب وعلاماته!
في مرَّات كثيرة، تخرج من جهة واحدةٍ مع تعدُّد المُتحدِّثين باسمها، أرقامٌ ونسبٌ مُتناقضةٌ ومُتباعدةٌ إلى مدى الدَّهشة والحيرة.
من يستطيع أن يحسب على وجه الدِّقة حجم منتوج سلعة مُهمَّة وحسَّاسة، ولا تحتمل جزافية الأرقام، مثل سلعة الذهب في التعدين الأهلي. هل هو 1002 طن أم 2000 طن؟!
-2-
قبل أيَّام، ذكر رئيس الجانب السوداني (التجاري) عقب اجتماع مع رصيفه المصري، أن عدد الشِّقق المملوكة لسودانيين في مصر يُقدَّر ب (600) ألف شقة بقيمة (18) مليار دولار!
لم يذكر الرجل مصدر هذا الإحصائية الخطيرة، هل هو سودانيٌّ أم مصري؟ ربما غاب عنه ما سيترتَّب على الرّقم من تصوُّرات، وما سيُثمر عن ذلك من قناعات، قد تستدعي إصدار قرارات مُهمَّة.
صديقنا الطاهر ساتي، ذكر في عموده المقروء أمس، بعض منظمات المجتمع ذات الصلة بالمنظمات الدولية، التي تُقدِّم أرقاماً فلكية، على أنها نسب الأوبئة والأمراض في البلاد بغرض زيادة ميزانيتها.
أورد ساتي أن مرفقاً حكومياً قال مديره ذات عام وبالنص: (نسبة الإصابة بداء الفيل 50%)، لاستقطاب دعم منظمة الصحة العالمية.
قبل انفصال جنوب السودان، ذكر وزير الداخلية أثناء مُناقشة خطاب الميزانية أن الخرطوم بها (48) فصيلاً مُسلَّحاً!
-3-
في حوارٍ صحفيٍّ لي مع الراحل الشيخ حسن الترابي، قبل عشر سنواتٍ أو أكثر قليلاً، سألته عن رأيهِ في قياديٍّ كان وقتها من أُولي الطول في الحكومة.
قال عنه الترابي: "كان يخدعنا بالتقارير المُزيَّفة والمعلومات غير الصحيحة عن عدد عضوية الحزب بين الشباب والطلاب ونسب الاستقطاب".
في منزل السفير علي يوسف، في واحدةٍ من مناسباته الاجتماعية بداره العامرة، كان رجل أعمالٍ معروف، يتحدث عن تجارب مريرة مع المعلومات المضروبة أو غير الدقيقة.
ذكر تجربةً له مع الاستثمار الزراعي في واحدة من الولايات: الأوراق الرسمية تؤكد بالخرائط أن المساحة الصالحة للزراعة مائة ألف فدان.
عندما شرع رجل الأعمال في بداية العمل مستعيناً بخبرات أجنبية، اكتشف أن المساحة الصالحة للزراعة لا تتجاوز العشرين ألف فدانٍ فقط.
فَسَّر رجل الأعمال الأمر بأن كُلَّ مسؤول يرفع إلى رئيسه معلومات مُضخَّمة حتى يُثبت جدارته بالموقع أو أنه فأل خير على الحكومة!
-4-
قبل سنواتٍ، ذكر وزيرُ تجارةٍ من حزب مشارك، أن جملة صادرات البلاد من الصمغ العربي بلغت ثلاثة مليارات دولار خلال ثلاثة أشهرٍ فقط!
قبل مُغادرته الموقع بأسابيع، صرَّح وزير المعادن الأسبق، بأن الحكومة الأسترالية قدَّمت عرضاً استثماريَّاً للسودان ب(11) مليار دولار منها (7) مليارات وديعة نقدية.
أما الوزير الذي كان قبله فقد جاء بشركة روسية، وعدت بتقديم (5) مليارات دولار للحكومة السودانية على ضمان الذهب!
كل ما سبق، أثبتت الأيام أنه أرقامٌ وهمية لا أساس لها من الصحة، بعضها مُترتِّب على انخفاض مستوى الكفاءة في التعامل مع الأرقام، أو نتاج ضعف الضمير المهني، وربما نتاج الاثنين معاً!
-5-
القاسمُ المُشترك بين كُلِّ تلك الروايات واحد من اثنين: عدم صحة الأرقام والمعلومات، أو عدم دقتها.
تفسيري لذلك: تُوجد ثقافةٌ ديوانيةٌ متوارثةٌ في أجهزة الحكم تقوم على خداع المسؤولين بالمعلومات والأرقام غير الصحيحة.
قد يكون الدَّافعُ لذلك تحايُلِيّاً، لغرض مُتعلِّقٍ بالفساد، ولكن في الغالب هو نتاج كسلٍ روتينيٍّ راسخ في تلك المؤسسات، وعجزٍ عن التحقُّق من صحة المعلومات والأرقام.
لا نبرِّئ أنفسنا في مهنة الصحافة، نحن كذلك نعاني من مشكلة مزمنة مُتعلِّقة بعدم وجود حساسيَّة تَدقِيقيَّة في التَّعامل مع الأرقام.
السببُ الأساسيُّ الذي أدَّى لتلك العاهة المُزمنة، والقصور الدائم في أداء المؤسسات العامة، هو عدم وجود جهات فنية ذات اختصاصٍ وكفاءةٍ عالية، دورها وصلاحياتها التحقُّق من صحة المعلومات والأرقام والنِّسَب التي تَرِدُ في التقارير الرسمية، عبر وسائل علميَّة حديثة ومُواكبة، لا تقليدية ومُتَسيِّبة.
لن تستطيع الحكومة تحقيق نجاح في إدارة الشأن الاقتصادي وتجنيب البلاد الأزمات، إذا لم تَرتَكِز على قاعدة معلومات صحيحة وأرقام حقيقية غير مُزيَّفة بغرض أكل أموالها بالباطل أو نتيجة كسلٍ وتراخٍ ولا مبالاة.
-أخيراً-
لا بدَّ للحكومة أن تقوم بمراجعة غرابيلها الرقابية، حتى تحجب عن متخذ القرار المعلومات والأرقام غير الصحيحة؛ فمن أهمّ قواعد الإدارة: (ما لا يُمكِن قياسه لا يمكن إدارته).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.