الانفلات الأخلاقي الذي انتشر في الشارع مؤخراً ربما كان من أكثر مسبباته هو انتشار وذيوع ما يسمى بالأغاني الهابطة التي تحمل كلماتها بعض الالفاظ والإيحاءات غير اللائقة وهي مزيج من الكلمات البذيئة والتعبيرات الساقطة التي تؤذي مشاعر من يسمعها، المؤسف أن سماع هذا الأغاني مفروض على المواطنين الذين تضطرهم ظروفهم اليومية لاستقلال المركبات العامة، ليس هذا فقط فهذه الأغاني الساقطة بدأت تجد طريقها للصغار مما يجعلهم يحفظونها ويرددون كلماتها دون أن يفهموا معناها. بالطبع توجد فوضى فنية تملأ الساحة، وكما توجد عشوائيات سكنية هنالك أيضاً عشوائيات فنية، ومعظم الأغاني الموجودة الآن بها الفاظ بذيئة.. فأين الفن الحقيقي؟ وأين النجوم؟ للأسف هم نجوم على ورق، ولننظر لما يحدث الآن في البلد ككل وما يحدث للفن بشكل خاص، فلابد من مواجهة الفن الفاسد وتقديم أعمال هادفة ترتقي بالذوق العام. إذ هنالك انفلات فني بجانب الانفلات الأخلاقي الذي نعيشه هذه الأيام. هناالك اشخاص دخلاء على المهنة، ومن اقتحموها بأسلوب فوضوي لن يستمروا فيها كثيراً وما يقدمونه لن يعيش لأنه غير هادف ولحظي، ويعدّ تشويها للأغنية السودانية. ولو عدنا بذاكرتنا إلى الوراء سنجد أن كلمات الأغاني والألحان التي كانت تقدم في الأعوام الماضية والمجتمع نفسه كان "شكل تاني"، وكان به رصد كامل بطريقة جيدة، وكان هناك أجيال من عمالقة الغناء منهم "محمد وردي"، "حسن عطية"، "زيدان ابراهيم" وغيرهم يقدمون فنهم بحب مما طبع في قلوب الناس إلى الآن، أما الذي يقدم الآن فليس فناً حسب رأي الكثيرين. وإذا تحدثنا عن الأغاني تجدها مخلة وبها ألفاظ بذيئة مثل أغنية "الشجر الكبار" وغيرها من الأغاني الهابطة. أين المسؤولون؟ يقول "محمود سليمان" (علاقات عامة) إن هذا النوع من الأغاني يصيبني الإعياء الشديد لما يتضمنه من ألفاظ خادشة للحياء، وهذه الأغاني أسمعها رغماً عني عندما أكون في الحفلات، لكن المواطنين ليسوا مسؤولين كما يزعمون في أنهم يساعدون في نشر هذه الأغاني، وتساءل: أين هم المسؤولون؟ وأردف: (ليس هناك جهات مسؤولة، وللأسف هذه الأغاني يريد أصحابها أن يفرضوها علينا ولكن الخطير في الموضوع أن الذي يتأثر بهذه الأغاني التي تحمل في معانيها إيحاءات جنسية وسلبيات كثيرة الشباب والأطفال الذين يمثلون مستقبل هذا البلد.. ألم يعد هناك رقابة علي أي شيء؟). { أغنية (البرقلي) و(الشجر الكبار) يضيف "علاء الدين أحمد": (هذه الأغاني تعبر عن الواقع الموجود في حياتنا وكل طبقة لها لون من الفن الذي تسمعه وتشعر بأنه يمثلها، ولكن أعترف بأن هذه الأغاني بها الكثير من الألفاظ الخادشة للحياء ويجب علينا أن نختار الأغاني التي نسمعها). وعن تفسير هذه الظاهرة ومدى ارتباطها بالتغييرات التي تحدث في المجتمع قال إن مجتمعنا فعلاً يساعد على انتشار هذه الأغاني، وأضاف: (بس ما لدرجة أغنية الخالات والبزقلي والشجر الكبار.. ويقولوا ليك سبب عدم وصول الأغنية السودانية للعالم شنو؟). { غياب المهن الموسيقية يقول "معاوية محمد علي" (ناقد فني): (الفن مرآة الشعوب وحضارتها، والفن بصفة عامة والغناء بصفة خاصة يمثل ثقافة وحضارة الدول، لكن بعض الغناء أصبحت حالته صعبة وفي تراجع فلم يعد هناك فن يقدم أصلاً ولو عدنا بذاكرتنا إلى الوراء نجد أن كلمات الأغاني والألحان التي كانت تقدم كلماتها تمس وجدان المستمع)، وتابع: (يحدث هذا لغياب دور المهن الموسيقية واتحاد الفنانين تماماً والدليل على ذلك ظهور كثير من الأغاني التي تخدش الحياء، ولا ينتبه أحد إلا عندما يضج الرأي العام.. وأذكر قبل فترة كان هناك أغنية محاسن كبي حرجل والآن الشجر الكبار أين المسؤولون؟).. وزاد: (أتمنى تكون في لجنة تجيز الأغاني ويكون في عقاب رادع لكل من يتغنى بكلمات بذيئة). { عقوبات رادعة من جهته، أكد رئيس مجلس المهن الموسيقية والمسرحية "علي مهدي" أنهم لن يتهاونوا في فرض الرقابة على الساحة الفنية، وقال عن إن المجلس قرر فرض عقوبات متباينة على الفنانين الذين رددوا أغاني (غير لائقة) أو تحمل كلمات بذيئة تخدش الذوق العام. وأكد "المهدي" أن المجلس لا يتهاون في شأن المسؤولية الفنية، ويرفض كل أنواع الغناء الذي لا يليق بالتاريخ الفني الخالد لهذه الأمة، مشيراً إلى ضرورة التمسك برسائل ومضامين الفن التي تدعو للفضيلة وتهذيب النفوس والسمو بها.. وأضاف إن الساحة الفنية بها الكثير من الإشراقات الشبابية. تقرير_ زهور سليمان