*وكان ذلك قبل أعوام خلت..وقد (خلت) ساحتنا الصحفية من الإبداع؛ إلا قليلاً.. *فقلت إن الذين أقرأ لهم كُثر..في صحائفنا المحلية.. *ولكن الذين أقرأ لهم – طَرِباً – هم من يكتبون بفن..والصحافة ضرب من الفنون.. *وعددهم – للأسف – لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة.. *ومنهم زميلي الآن – وجاري بأخيرة هذه الصحيفة – محمد عبد الماجد؛ الفنان.. *أو جاري حتى هذه اللحظة..وإلى (حين).. *وكل من يبدع في مجالٍ عماده الخيال الخلاق فهو فنان.. *ولا يجوز قصر صفة فنان على المطرب فقط..رغم إنه يصح إن كان (فناناً).. *فالفنانون كثيرون؛ في مجالات إبداعية عديدة.. *فالرسام المبدع فنان؛ وكذلك الممثل..والمخرج..والإعلامي.. والكاتب.. *ومن أولى شروط الفن – وأهمها – البعد عن الرتابة.. *وأستاذنا للفنون بثانوية حلفا – محمد شريف- كان فناناً..ويلخص الفن بفن.. *ومن أوجه هذا التلخيص ضربه مثلاً بأغنية (الوسيم).. *فهذه الأغنية لعميد الفن أحمد المصطفى – يقول – ذات فن مذهل؛ كسراً للرتابة.. *والرتابة هي المدخل للملل..للسأم..للنعاس.. *وضرب مثلاً مقابلاً بأغنية أخرى؛ قال إنها أشبه بوقع عجلات قطر على قضيب.. *ورتابة صوت القطار يمكن أن تدفع إلى النوم.. *تماماً مثل أهازيج هدهدة الأطفال؛ دفعاً لهم إلى النوم..من قبيل (يا النوم تعال).. *ويدفعني إلى النوم – هذه الأيام – أداء مراسلة قناةٍ عربية.. *فرغم إنها من المميزات صحافياً – بالداخل – إلا أن إفاداتها التلفزيونية مملة.. *بل قد تنافس وقع عجلات القطار جلباً للتثاؤب.. *فهي تبدأ بوتيرة – ورتابة – واحدة إلى أن تنتهي؛ صوتاً..وأداءً..و انفعالاً.. *تماماً كخطب علي عثمان التي (تمشي على القضيب).. *بينما خطب شيخه الترابي – والخطابة السياسية فن أيضاً – تُطرب كما (الوسيم).. *تُطرب بغض النظر عن التوافق – أو التعارض – الفكري.. *وأغنية العميد هذه قد يطرب لها من لا يفهم كلماتها؛ من غير الناطقين بالعربية.. *بقي أن أقول إن سبب كلمتنا هذه – أصلاً – الكهرباء.. *ليس لأي فن (متصل) بها؛ بل جراء كلمة لمحمد أمس عن (عدم اتصال) تيارها.. *فهو قد كتب عن هذا القطع (الممل) بفنٍّ مبدع.. *وهو القطع الذي حرمني البارحة من كتابة كلمتي؛ بسبب (تواصله) اليوم كله.. *تواصل القطع لا التيار طبعاً؛ منذ الصباح وحتى المساء.. *ولكني كتبت خاطرة على صفحتي – بالفيس بوك – صباحاً؛ من خمسة أسطر.. *وخلاصتها أن مسؤولي الكهرباء الآن يتعمدون القطع هذا؛ ربما.. *وما ذاك إلا لأنهم من فلول الدولة العميقة.. *فيعملون – تبعاً لذلك – ضد الثورة..وضد العسكري..وضد الناس أجمعين.. *وهدفهم تأليب الشعب ضد الوضع الثوري الراهن.. *وأن تتعالى من ثم نغمة (يا حليل الإنقاذ..وأيامها..وقطوعاتها المعقولة للكهرباء).. *ويشجعهم على ذلك أن كل شيء بات رتيباً الآن…وبلا فن.. *خطب العسكري..خطوات الثورة..هتافات الشارع..وتجمعات الحشود المصنوعة.. *كل شيء أضحى كوقع عجلات القطار على القضيب.. *كل شيء أمسى كأنك تقرأ لإسحاق..لا محمد عبد الماجد.. *كل شيء صار – كما يشتهي فلول الإنقاذ – مملاً..وسمجاً..وكئيباً..و(قاتلاً).. *حتى الرصاص !!. صلاح الدين عووضة – بالمنطق صحيف الإنتباهة