دعونا نفترض أن الانقلاب قام به الفلول ، و كذلك ترك مدفوع من نفس الفلول لزعزعة الشرق ، و أزمات البلاد من الاتجار بالعملة و التخريب الاقتصادي أيضا هم من يقوم به … بعد ايام سيتم إرسال وفد من الخرطوم إلى شرق السودان للجلوس مع ترك و مناصروه لايجاد مخرج للازمة ، بالتأكيد يحدث هذا بعد خسائر اقتصادية ضخمة تلحق بالاقتصاد السوداني ترفع من اسعار المواد في الاسواق ، و تخفض من قيمة الجنيه السوداني و ترفع اسعار الصرف مما يؤدي إلى زيادة معاناة المواطنين . السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لا نوقف محاربة طواحين الهواء و الاشباح الذين يسمون بالفلول، لماذا نهدر كل الطاقات التي نحتاجها للبناء و التنمية في استعداء جهات مجهولة نسميها فلول . طالما أننا سنجلس آجلا أم عاجلا مع ترك فلماذا لا نجلس مع الفيل بدلا عن الظل ، لماذا نترك الفيل و نحن نعلم سلفا بأنه يمكن أن يخلق ( ترك) في كل ولايات السودان ، وستواصل التشغيلة التي تعطلنا !! . المبادرة التي أطلقها حمدوك فيها مخرج لبلادنا ، و تضع حدا لازماتنا المتكررة . كان حريا بمستشاري حمدوك و بقحت التقاط القفاز ، أنها فرصة ذهبية لإجراء مصالحة وطنية شاملة تجمع كل السودانيين في مؤتمر حواري جامع لا يعزل سوى المفسدين و المجرمين الذين تثبت ادانتهم قضائيا ، و كذلك الانقلابيون الذين خططوا أو شاركوا في انقلاب … غير ذلك يجلس كل السودانيين بمختلف توجهاتهم السياسية و اثنياتهم و خلفيات الثقافية في مائدة مستديرة واحدة ، يدرسون مشاكلهم التي تطاولت منذ الاستقلال ، و يضعون لها حلولا عملية يتم تنفيذها خلال فترات يتفق عليها . أكبر مشاكلنا السياسية هو طبيعة الدولة و صيغة الحكم التي ورثناها من الاستعمار ، والأنانية السياسية لبعضنا ، و إقصاء الآخر هو الطامة التي ولدت العنف على مر تاريخ الدولة السودانية . الديمقراطية و الاستقرار السياسي لبلاد متباينة مثل السودان لا تحققه الأحلام الوردية و الوعود العاطفية ، إنما عمل داؤب ، و مجهودات تبذل ، و أفكار خلاقة . ما يحدث اليوم من إقصاء و هرجلة ما هو إلا مضيعة للزمن ، و يوما ما سنضطر للجلوس مع من نقصيهم اليوم ، لكن بعد الكثير من الخسائر و ضياع مجهودات و إمكانيات مادية كان لها أن تساهم في تنمية البلاد …. يجب اخراس البلهاء الذين ينادون باقصاء الاخرين ، كي نتجاوز مرحلة الكراهية ، و نؤسس للدولة المدنية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق و الواجبات . يجب تعطيل نغمة أي كوز ندوسوا دوس و نستعيض عنها بأي مجرم بغض النظر عن لونه السياسي ندوسوا دوس . و أي كوز نضيف له ما لنا و عليه ما علينا . على السياسين التقاط الكرة التي رماها رئيس الوزراء و تقديم التنازلات المطلوبة للخروج بالبلاد من الحلقة المفرغة المتكررة على مر تاريخنا منذ الاستقلال ( انقلاب انتفاضة انتقال انتخاب انقلاب ، دواليك) .