ستتوقف هذه المواكب والمظاهرات طال الزمن أو قصر ، يتم ذلك عندما يقرر من يحركها فعل ذلك . تكون واهم أن ظننت انك المحرك الأصيل لهذه الاحتجاجات ذات المطالب الصفرية التي ترفض الحوار . ستتوقف عندما ينتهي التفاوض و الحوار الذي ترفضه انت، و يجري بين من أطلق الشعار و بين من بيده السلطة … أسأل نفسك بصدق: من الذي أطلق الشعار و متى تم ذاك و ما دورك في صياغته!!؟ من أطلق الشعار يريدك اليوم بعيدا عن هذا التفاوض و الحوار . و عندما يطلبك سيوجه عقلك الباطن عبر آلته الإعلامية الوسائطية الضخمة مدفوعة القيمة ، و عبر ابواقه، إلى أن الاتفاق ما هو إلا انتصار لك، و ستصفق ، نعم ستصفق و تهتف تماما كما كنت تفعل ايام شكرا حمدوك و المؤسس وحنبنيهو و الضوء في آخر النفق . وقتها سنكون قد كسبنا اتفاقا تافها يجعل من مد الفترة الانتقالية و إبعاد شبح الانتخابات انتصارا . و نكون قد خسرنا دماءا طاهرة يفترض أن تكون ضمن من يبني سودان الغد …. إن كنت تريد التحول الديمقراطي يجب أن تمارس السياسة ، ولا سياسة بلا حوار أو تفاوض . بالحوار و التفاوض تستطيع أن تعيد العسكر إلى الثكنات و تأخذهم بعيدا عن العملية السياسية كما تريد. لكن تظل واهما أن ظننت أن هذه المليونيات ستفعل ذلك . هذه المليونيات فقط تهدر مزيدا من الدماء الطاهرة، و تزيد من طغيان البرهان و حميدتي أكثر مما هم عليه الآن، و تزيد من تفكيك مؤسسات الدولة بمقدار يصعب علينا ترميمها لاحقا و تدمر الاقتصاد الذي يحتاج إلى عقود لاعادته إلى ما كان عليه قبل عامين فقط . إن أردنا الانتقال الديمقراطي فعلينا بتشجيع الحوار و التفاوض علنا بدلا أن يكون ذلك في الغرف المغلقة خلف الأبواب الموسدة و في جنح الليالي المسودة . الحوار الذي يشارك فيه الجميع أكثر استدامة من أن يكون بين أطراف محددة تعتقد أن مصير البلاد بأيديها فقط ، وليس للاخرين سوى الصمت و الخرس …. دعونا نبدأ اليوم قبل الغد .