– كانت المعضلة التي واجهت حوار الانقاذ والادارة الامريكية معضلة مزدوجة ومركبة فمن جانب فالادارة الامريكية التي كانت تحاور الانقاذ هي الادارة التنفيذية للسلطة في امريكا والتي تعبر عن مصالح مجموعات متعددة ومتضاربة وبمقدار تاثير اي من هذه المجموعات على موسسات الادارة الاميركية المختلفة كان مقدار استجابة الموسسة المعنية في عملية الحوار فالخارجية الامريكية لديها توجهات والمخابرات الاميركية لديها هواجس والبيت الابيض توجهه مصالح والكونغرس تحركه ضغوط تمارسها جماعات ناشطة تستطيع اختراق القاعدة الانتخابية لهذا النايب او التاثير على مصالح ذاك النايب عبر موسسات ولوبيهات عديدة. – من جهة الانقاذ فانها كانت تستند الى رصيد انجازات مادية وتفوق سياسي داخلي حققته بصفتها الحركية لا الحزبية او السلطوية. بمعنى ادق ان الانجازات التنموية التي كانت ملامحها قد بدات تظهر لا يمكن باي حال من الاحوال نسبتها الى حكومة وموسسات السلطة التقليدية الراتبة، فخلفها كانت تقف ارادة تغيير كبيرة وراشدة ورصيد من الثقة اكتسبته الحركة الاسلامية عبر تقديمها نموذج باذخ جدا في الممارسة العملية لتأسيس فكر سياسي، اقتصادي، اجتماعي اصيل واصولي. وما كانت الانقاذ تعتبره رصيدها من الانجازات المادية الذي يؤهلها للجلوس للحوار مع الادارة الامريكية كان مرتبطا ارتباطا وثيقا بمنظومة ومرجعيات فكرية تستلزم تحقيق اصلاح سياسي في منظومة موسسات الحكم والفلسفة وراء النظام السياسي كله. بمعنى اخر فان الانجازات المادية للانقاذ كان بلوغها نتايجها المرجوة مشروطا ومتوقفا على اكتمال اجراءات الاصلاح السياسي والفكري للحكم، وبالتالي فان محاولة الانقاذ استخدام الانجازات المادية والنهضة التنموية في الحوار الامريكي او في غيره كانت محاولة في غير محلها لان الشرط يستلزم جوابه فاذا اختل الشرط اختل جوابه. – ومن بين الاختلال الظاهر كان افتراض الانقاذ كسلطة انه يمكنها قفل المشارع الواسعة جدا التي فتحتها الحركة الاسلامية في قاع السلطة للاصلاح السياسي والتي كانت تستهدف تسريب الصلاحيات والسلطات الواسعة المتجاوزة لموسسات السلطة الى قاعدة المجتمع وكان على راس هذه المشارع الحكم الاتحادي الذي كان يتدرج في بسط الهيكل الاداري لهرم السلطة افقيا ويحاول تنزيل سلطاتها الادارية والفنية الى ادنى، ومن بين المشارب ايضا عمليات الاصلاح الواسعة التي طالت موسسات الجباية المالية والاستحواذ والانفاق الحكومي المركزية ممثلة في موسسات استقطاع ضرايب ومساهمات قومية يفترض ان تذهب اموالها لتنمية ودعم موسسات الرعاية الاجتماعية مثل المعاشات والضمان الاجتماعي والزكاة وموسسات انفاق حكومي مركزية كانت تتسبب في خنق مبادرات قاعدة موسسات الحكم عن اداء مهامها بسبب بيروقراطية وسلحفايية الاجراءات وذلك مثل موسسات النقل الميكانيكي وغيرها من موسسات ادارة الانفاق. هذه الاجراءات وفرت موارد مالية وادارية ضخمة جدا كان يفترض توجيهها لمشروع الاصلاح السياسي واكمال ارجاعها الى اصحابها الحقيقيين، لكن الانقاذ استغلتها في توفير مال ضخم للسلطة المركزية ونفوذ كبير جدا وزعته بسخاء كبير على زملائها الحزبيين المعارضين لها. – هذه المعضلات والاختلالات في مصادر القوة ومكامن الضعف في جانبي التفاوض في الحوار الامريكي السوداني جعله يبدو حوارا انتهازيا شديد الانتهازية يرجو كل طرف فيه نتايج عاجلة ومحدودة لا علاقة لها بتاسيس حوار جدي. وبلغت الانتهازية ذروتها وظهرت عورتها اكثر قبحا ودمامة حينما سقطت الانقاذ على ما شابها من قصور ونهضت مكانها مجموعات من القوى السياسية التي كانت معارضة لها سابقا والتي كانت قد تحولت خلال فترات حكم الانقاذ الى مجرد طفيليات تقتات على اللعب على حبال الحوار الامريكي السوداني فتبيع للادارة الامريكية ما تريد سماعه بالضبط من دعاية تستطيع الادارة الامريكية بدورها بيعها لناخبيها بالداخل، او تمارس الابتزاز على سلطة الانقاذ بالصراخ الذي يثير التهمة ويلفت الانظار. وشاهدنا تبرع حكومة حمدوك بدفع غرامات على سبيل طوابع البريد لرسائل الغرام والهيام الابله بدعوى اكمال شروط رفع العقوبات الامريكية والهدف الحقيقي من ورائها كان اكثر سذاجة بمحاولة اضفاء صدقية على الدعاية والكذب الامريكي بان العقوبات الامريكية على السودان كانت تتعلق بسلوك وممارسات سودانية مضرة بالمصالح الامريكية. تبرع حمدوك وكوراله السياسي الضعيف باكمال معزوفة امريكية بايخة وبائرة ومنكرة اللحن. – نواصل صديق محمد عثمان صديق محمد عثمان مواضيع مهمة علاج الحمى في الطب النبوي مشكلة مص الإصبع التفاح الأخضر .. فوائد الضغط في العمل كيف نتناول الكزبرة؟ ميكب خدود البشرة الداكنة