لندن: تجري الشرطة البريطانية تحقيقاتها للكشف عن دوافع جريمة قتل حصلت في مدينة بيرمنجهام هي الأبشع منذ سنين، ضحيتها فتاتان جزائريتان ياسمين العربي شريف "22 عاماً" وشقيقتها صابرينا "19 عاماً" اللتان عثر في مطلع الأسبوع الجاري على جثتيهما المقطعتين ارباً في شقتهما الفاخرة في أحد أحياء بيرمنجهام الراقية، فيما أوقفت الشرطة شخصاً من معارفهما، على الأغلب جزائري الجنسية، ويجري التحقيق معه وسط تكتم شديد . وبحسب صحيفة "الراى" الكويتية أكدت السفارة الجزائرية في لندن علمها بالحادث وقالت أن والدة الفتاتين مقيمة في برمنجهام، وأن رب العائلة كان في الجزائر ومن المنتظر وصوله في أي لحظة الى بريطانيا. وكعادتها سارعت وسائل الاعلام لتلقف الخبر المثير وأجرت تحقيقات على طريقتها الخاصة بعيداً عن التحقيقات التي تجريها الشرطة وملأت بها صفحاتها الرئيسية والداخلية على حدٍ سواء. وتضاربت المعلومات التي حصلت عليها وسائل الاعلام من شقيق القتيلتين ومن جيران الحي الذي حصلت فيه الجريمة، علاوة على معلومات أخرى ظهرت على مواقع ذات صلة على شبكة الانترنت. ونفت الشرطة نفياً قاطعاً أن تكون الفتاتان عملتا في مهنة الدعارة ورفضت الحديث عن دوافع الجريمة قبل الانتهاء من التحقيق فيها. فيما يُعتقد أن كون الفتاتين تعملان مدرستين لتعليم الرقص الشرقي هو السبب وراء الاشاعات التي راجت حول الظروف التي أدت الى مقتلهما. وقال جيران في المبنى الذي كانت تقيم فيه الفتاتان، أنهما تمتعتا بجاذبية خاصة وكلما صادفهما أحد من الجيران كانتا تبتسمان وتردان التحية، وأن احداهما انفصلت أخيراً عن خطيبها، ورافق عملية الانفصال سلسلة من المشاجرات والمجادلات التي سُمع خلالها صوت رجل، لم يقدر أحد من الجيران تقديم وصف له. وقالوا ان المشاجرات زادت حدة في الأسابيع الأخيرة وسُمع صوت أرتطام وتكسير مصدره الشقة ذاتها. وروى أحد الجيران المقيم في المبنى ذاته أنه تم اكتشاف جثتي الفتاتين يوم الاثنين الماضي من جانب المسؤول عن ادارة المبنى الذي تلقى مكالمة هاتفية من عائلة الفتاتين التي انتابها قلق عليهما بعد أن توقفتا عن الرد على المكالمات الهاتفية. وقال الجار ان المسؤول شاهد مذبحة رهيبة. فيما تحدثت ماريا ليتشفيلد، المدرسة في معهد لتعليم الرقص، بحزن شديد عن زميلتها ياسمين وقالت انها كانت لطيفة جداً، وممتلئة حيوية وحماساً. كانت تريد بكل جدية مشاركة الآخرين في خلفيتها الثقافية، ورغبت في الاحتفال بهذه الخلفية . وبحسب المصدر ذاته قالت ليتشفيلد أن ياسمين كانت طالبة ودرست الكيمياء العضوية في جامعة بيرمنغهام فأجلت دراستها لمدة عام من أجل العمل في شكل تطوعي مع لجان المرأة في المدينة. ومن ضمن أنشطتها قامت بتدريس الرقص الشرقي للشباب والصغار على حدٍ سواء. وأضافت أنها لاحظت خلال الفترة التي عرفت الضحية فيها أن ياسمين تتحدر من عائلة تتمتع بروابط قوية. وفي مقال صغير كتبته ياسمين ووزعته بواسطة الانترنت قالت انها جاءت مع عائلتها الى بريطانيا من الجزائر قبل تسع سنوات. وقالت انها تحب الرقص وتباهت بتراثها الحضاري. فيما أشار موقع لجامعة بيرمنجهام أن صابرينا كانت طالبة مسجلة فيها ويُعتقد أنها تخصصت في دراسة اللغة الفرنسية . ووفقاً للمعلومات القليلة التي أفادت بها الشرطة، يُعتقد أن الجريمة حصلت في وقت متقدم من ليلة السبت الماضي في الشقة التي تقع في الطابق الرابع من المبنى الفخم الذي تقيم فيه مديرة الحفلات الموسيقية كايت لولار، التي اشتهرت أخيراً بعد مشاركتها في برنامج "بيج براذر" في القناة الرابعة للتلفزيون البريطاني. وقال بعض جيران الشقة في المبنى ذاته أنهم ظنوا أن الفتاتين أقامتا حفلة صاخبة مساء السبت الماضي، لكنه اتضح أن القاتل هو الذي أدار الموسيقى بصوت عالٍ للتغطية على صراخ الضحيتين أثناء تنفيذه للجريمة . فيما قال نيل ديكان "23 عاماً" وهو نجار مقيم في الطابق الخامس انه خرج في وقت متقدم مساء السبت الماضي لشراء بعض الحاجيات، فوجد مجموعة من الشباب في العشرين والثلاثين من العمر في حالة هرج ومرج في مطلع العمارة، وكانوا يتحدثون بلغة غير مفهومة له. ومن بينهم فتاة كانت تترنح جراء تناولها كميات كبيرة من الخمر وكانت تتكئ على الحائط في الممر. لكن رويداً رويداً هدأت الضجة وفي الثالثة صباحاً خيّم الصمت . لكن الناطق باسم الشرطة نفى علمه أن تكون الفتاتان أقامتا حفلاً في شقتهما ليلة السبت الماضي، لكنه أكد أن الشرطة أوقفت رجلاً من معارف العائلة "28 عاماً" رفض الكشف عن هويته في هذه المرحلة من التحقيق، وهو ليس من أقربائها، وذلك صباح الثلاثاء الماضي قبل صعوده في ميناء دوفر الجنوبي الى عبارة لنقل المسافرين الى فرنسا، وذلك بعد حوالي 12 ساعة على اكتشاف الجثتين وان الرجل ما زال خاضعا للتحقيق. وقال كبير المحققين دايف ميرفيلد، مدير التحقيقات في الجرائم الكبيرة في منطقة ميدلاند، ان الفتاتين قتلتا في هجوم فظ وغير منظم، حيث ان القاتل خلّف وراءه بركة دماء ومجموعة كبيرة من الأدلة والمستمسكات القانونية، وأنه استعمل أكثر من قطعة سلاح في تنفيذ الجريمة المزدوجة . ونفى ميرفيلد أن يكون القاتل دخل الشقة عنوة، نظراً لعدم وجود أدلة تثبت ذلك، كما نفى أن يكون أوثق يدي الفتاتين أثناء تنفيذ الجريمة، لكنه أكد أن آثار الدماء موزعة في كل الغرف، كما أن القاتل عاث خراباً في أثاث الشقة وموجوداتها. وأقام أصدقاء الضحيتين موقعاً على شبكة الانترنت لتقديم التعازي، حيث برزت ضمنه رسائل من صديقاتهما وأصدقائهما، من ضمنهم شاب يدعى فراس السيد الذي قال ان صابرينا كانت موهوبة جداً، كانت تجيد الغناء والعزف على الآلات الموسيقية وقادرة على ممارسة أي رياضة . فيما قالت صديقة أخرى تدعى لالا حسان انني مصابة بحزن شديد لهذه الخسارة، للفتاتين الجميلتين اللتين ارتبطت بصداقة عزيزة على قلبي مع واحدة منهما. لا أحد يقدر على وصف مشاعري. فيما قالت صديقة بريطانية لصابرينا تدعى دانيئلا دوهارتي "لماذا؟ لا أصدق أن مثل هذا الأمر حدث. لا أريد أن أصدقه. ينبغي أن نمسح دموعنا ونحافظ على تلك الابتسامة مثلما كانت تفعل صابرينا". أما ربيكا رامسامو فقالت ان الفتاتين الجزائريتين «كانتا تنيران المكان بحضورهما. كانت صابرينا بالنسبة لي مثلاً أعلى، وتمنيت أن أصبح مثلها، لأنها كانت ذكية وقدّمت لي دائماً النصائح التي كنت أحتاجها. سأفتقدها وأفتقد غناءها وعزفها على القيثارة الذي لن أنساه" .