ما تزال أزمة الصحافة السودانية تراوح مكانها مع استمرار الرقابة التي تفرضها الأجهزة الأمنية على الصحف مما دعا بعض النواب لتقديم مسألة مستعجلة لاستدعاء وزير الداخلية إبراهيم محمود حامد لسؤاله حول دواعي استمرار برنامج الرقابة الذي أدى مؤخرا لتوقف بعض الصحف عن الصدور وإضراب بعض كتاب الرأي. فعلى الرغم من الاتفاق على رفض الرقابة بأشكالها المختلفة، إلا أن عددا من المهتمين يرى أن الحرية المطلقة للصحف ربما تضر بأمن الوطن الذي تتجاذبه العواصف بحسب رأيهم. لكن النواب الرافضين للرقابة يعتبرون أن ذلك الإجراء يشكل انتهاكا صارخا لحق التعبير وحرية الصحافة والحق في تلقي المعلومات الصحفية الكاملة، غير أنهم يشيرون في ذات الوقت إلى ضرورة تعديل القانون الحالي بما يمنع الرقابة ويوقفها بالكامل. وجاء في المسألة المستعجلة "أن هناك حملة شرسة تتعرض لها الصحافة بغرض ممارسة رقابة يومية لكل ما يكتب من أخبار ومقالات وحجب للأعمدة، مما يشكل انتهاكا للدستور واتفاقية السلام الشامل والاتفاقيات الأخرى الموقعة بين الحكومة وجهات أخرى". مبادئ حقوق الإنسان وأكد رئيس كتلة التجمع الوطني الديمقراطي في البرلمان فاروق أبو عيسى الذي قدم المسألة المستعجلة أن هناك ظلما بينا "نراه ونسمع عنه يوميا تجاه الصحافة السودانية بسبب الرقابة القبلية المفروضة عليها". وقال في تصريح للجزيرة نت "إن السكوت على ما يحدث سيكون عملا منافيا لقيم الوطنية والديمقراطية" مشيرا إلى أن المذكرة "تستهدف الانتصار لقيم العدل ومبادئ حقوق الإنسان". وأكد أبو عيسى "أن ما تتعرض له الصحافة السودانية سيعرض البلاد إلى مساءلات في كافة المحافل الدولية المهتمة بحقوق الإنسان، وبالتالي فإن من واجبنا التصدي للأخطاء الداخلية قبل التدخل الدولي". أما رئيس اتحاد الصحفيين السودانيين محيي الدين تيتاوي فاعتبر أن البرلمان الحالي هو برلمان انتقالي من شأنه تعديل القوانين الموجودة بما يتوافق مع اتفاقية السلام الشامل والدستور الانتقالي للبلاد، مشيرا إلى أن الرقابة القبلية الحالية تتم وفق قانون ساري المفعول. مناقشة القانون وقال للجزيرة نت "على النواب واجب مناقشة القانون وتعديله وليس عليهم تقديم المذكرات أو تنظيم المظاهرات التي لا تفيد في معالجة المشكلات الموجودة في القوانين". وأكد تيتاوي رفض اتحاده للرقابة. لكنه عاد وقال "هي موجودة وفق قانون وهناك ثلاث صحف لجأت للمحكمة الدستورية ضد الجهة المنفذة للرقابة وبانتظار الفصل في الدعوى، وقبل ذلك لا يمكن للمشكو ضده أن يتخذ موقفا أو قرارا يدين به نفسه". بينما اعتبر رئيس كتلة نواب دارفور بالبرلمان عبد المنعم أم بدي أن الحرية المطلقة للصحافة ربما تضر بأمن الدولة "وبالتالي فإن الحرية المقيدة بالقانون هي التي ينبغي أن تسود". وقال في تعليق للجزيرة نت "إن الرقابة موجودة في كل الأنظمة لكن بالقدر المعقول الذي يمكن الصحفيين من تسليط الضوء على بعض القضايا". وتابع "أن لكل دولة أسرارها المهمة وأن كشفها يعني مزيدا من التدهور في الوطن، لذلك نحن مع حرية الصحافة المنضبطة والوطنية التي تناقش قضايا الوطن بما لا يتعارض مع الرؤية القومية لذلك". عماد عبد الهادي-الخرطوم:الجزيرة نت