مواصلة لما أشرنا له أمس فقد كان الإقدام على القصف الجوي الذي أودى بحياة قائد ما يسمى بحركة العدل والمساواة المتمردة في دارفور المرحوم خليل إبراهيم الذي رحل عن الدنيا منذ حوالي سنتين قد أتى في تلك الفترة رداً على ما قامت به الحركة من تصعيد لعمليات المناهضة المسلحة للحكومة المركزية الراهنة في الخرطوم، وذلك بالتواطؤ مع حكومة الحركة الشعبية المسيطرة بهيمنة منفردة على السلطة في جنوب السودان التي كانت قد حصلت على استقلالها الوطني لكنها لم تتخل آنذاك عن توفير وتقديم الدعم والمساندة للحركات المتمردة المسلحة المعارضة للحكم الحالي القائم في السودان. كما أن الإقدام على ذلك القصف الذي أدى للقضاء على الراحل خليل كان قد أتى في ذلك الحين بعد فشل المحاولة الجادة التي جرى بذلها آنذاك لإقرار تسوية بين السلطة الحاكمة القائمة وحركة العدل والمساواة في إطار اتفاقية الدوحة للسلام في دارفور أثناء المرحلة السابقة بصفة مباشرة للانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية التي جرت في العام 2010م في سياق تهيئة الأجواء الممهدة لانفصال جنوب السودان عن الشمال وإقراره على النحو الذي جرى في العام 2011م. ومواصلة للإشارة إلى الجذور الكامنة وراء الأوضاع المتفجّرة والمستمرة في تصاعدها وتفاقمها كما يجرى في الوقت الحالي بدارفور، وذلك في سياق السؤال المطروح عن مدى وجود قدرة متوفرة وفرصة سانحة للمشاركة والمساهمة في تهدئتها واحتوائها بناءً على اللقاء الذي جرى مساء الجمعة الماضي بين المؤتمر الوطني الحاكم والمؤتمر الشعبي المعارض باعتبار أن ما يجمع بينهما في مستوى القيادة على الأقل هو الانتماء للحركة الإسلامية للنخبة السودانية الحديثة والمعاصرة والمؤسسة للسلطة الحاكمة القائمة والراهنة والتي أدى ما تعرضت له من انقسام ومفاصلة إلى زيادة الاشتعال للأوضاع المأسوية المزرية والمهلكة والمدمّرة التي تعاني منها دارفور الكبرى والوطن كله نتيجة لها، وبسبب ما أدى إليه ذلك الانقسام وتلك المفاصلة من تأجيج وتصعيد لها وصب للمزيد من الزيت والوقود على نيرانها. مواصلة لذلك وفي إطار الإشارة إلى أبعاد المؤامرة الأجنبية الكبرى المعادية للسودان والتي وجدت في دارفور مسرحاً لها بمشاركة أطرافها الإقليمية والدولية المتسابقة والمتنافسة والمتواطئة وبزعامة القوى المحرّكة لهذه المؤامرة في الولاياتالأمريكيةالمتحدة فإنها تجدر العودة إلى ما ورد في كتاب الخبير الفرنسي من أصل بولندي في الشأن السوداني زقموند استروفسكي وذلك في طبعته المترجمة إلى اللغة العربية والتي صدرت بالخرطوم في العام قبل الماضي (2012) تحت عنوان: «صراع حول الثروات في السودان» حيث ذكر: أن تنصيب الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما لم يغيّر إلاّ قليلاً من سياسة الولاياتالمتحدة في هذه المنطقة، كما أن تأثير اللوبيات الأمريكية التي تدعو لتدخل في دارفور الذي كان قوياً جداً في عهد الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، بدأ يظهر منذ الليلة الأولى لتنصيب أوباما، فقد قام ثلاثة من قادة الحركات النشطة فيما يتعلق بدارفور، وهي حركة كفاية وحركة حماية دارفور، وشبكة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، بإرسال خطاب مدعوم من هذه الحركات إلى أوباما للمطالبة بفصل سريع لإيقاف العنف ضد الفتيات والنساء كما يتم الادعاء في د ارفور. وكذلك قامت مجموعة نشطة أخرى فيما يتعلق بدارفور تسمى الخدمات اليهودية العالمية بممارسة ضغوط في ذات الاتجاه على الرئيس باراك أوباما لدفع الولاياتالمتحدة للتدخل في دارفور. ويشير الخبير الفرنسي إلى نفي د. خليل إبراهيم الذي كان مشاركاً في المفاوضات بالدوحة في تصريح لقناة الجزيرة بتاريخ 14 فبراير 2009م أي علاقة للدكتور الترابي بحركة العدل والمساواة وقوله إنه إذا تم التوصل إلى اتفاق بين الحركة والحكومة السودانية فستنتهي الحرب الدائرة في دارفور. وكذلك يشير الخبير الفرنسي إلى رفض زعيم ما يسمى بحركة تحرير السودان عبدالواحد محمد نور المشاركة في تلك المفاوضات التي كانت جارية بالدوحة آنذاك. كما يشير أيضاً إلى رفض مني اركو مناوي لتلك المفاوضات ومهاجمة قواته لقوات العدل والمساواة بدارفور في ذلك الحين. أما عبدالواحد محمد النور وكما يضيف الخبير الفرنسي فقد توجّه في تلك الفترة إلى تل أبيب بتاريخ 19 فبراير2009م باحثاً عن دعم إسرائيلي. ونواصل غداً صحيفة الإنتباهة