كم أنا فقير وتافه وحقير أمام عظمتك وكبريائك وجلالك ... سبحانك لا أحصي ثناء عليك فوالله الذي لا إله إلا هو لا أظن أنني شعرت بعجزي في يوم من الأيام بضعفي وتقصيري في حق ربي كما أشعر اليوم وأنا أتلقى حكم القضاء الذي أرغم أنوفاً تطاولت وطغت وبغت وتمادت وتجردت من الحياء وتجاوزت كل قيم الخير والوفاء والحق والعدل والانصاف والمروءة والشهامة. كتبت ما يلي قبل نحو أسبوع وأنا أدشن الصيحة في يومها الأول ( مقام الفرح بالمولود الجديد يحتم علينا ألا نعكر صفوه باجترار تلك الذكريات الأليمة ويا له من ألم أشعرنا بعظمه وفداحته التفاف الناس، كل الناس تقريباً، من عرفنا منهم ومن لم نعرف، حول المأساة التي أطمئنكم أنها إلى زوال ذلك أن الإنتباهة ستعود بإذن الله تعالى إلى أصحابها تصديقاً لوعد الله العزيز (ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله) (وأن الله لا يهدي كيد الخائنين). نعم... لقد استبد بي حزن عظيم يوم اغتصبت الانتباهة في وضح النهار لكنكم والله ما اظنكم مصدقيّ إن قلت إن حزني الأعظم لم يكن منشؤه فقدان الانتباهة بقدر ما كان بسبب سقوط الأخلاق والمروءة من أناس كذب حدسي وتهاوى حين فشل في تصديق أنهم مهما بلغوا من السوء لا يمكن أن يتردوا كل هذا التردي ويسقطوا كل هذا السقوط فما الذي دهانا أيها الناس؟!. أتنازل عن رئاسة مجلس الإدارة وأنا أملك الأغلبية ويمد الرجل الذي تنازلت له يده إليّ معاهدًا لكنه يُسقط أسهمي في اليوم التالي رغم عقد من الزمان تآخينا خلاله وأكلنا وشربنا وضحكنا.. هل تصدقون أن يحدث ذلك أم أن بلاداً يقتل أبناؤها بعضهم بعضًا بأسهل مما يفترس الأسد الجائع طريدته البريئة جديرة بأن تهوي إلى القاع وتصبح أحاديث تلوكها ألسن الفضائيات في شتى انحاء الدنيا ويتدخل في شؤونها كل صغير وحقير؟!. سبحان الله... أفضال الله علينا كثيرة... لقدت سجدتُ داخل قاعة المحكمة ولا أذكر أني فعلتها في مناسبة أخرى إلا مرة واحدة هي يوم افتتحنا المحطة الأرضية للأقمار الصناعية التي انتقلنا بها إلى البث الفضائي يوم كنت أدير التلفزيون وكان ذلك قبل نحو عشرين عاماً فتخيلوا مقدار سعادتي أن تكون هذه أكبر فرحة منذ عقدين من الزمان. من أفضال الله علينا أنه ما كان من الممكن أن أنشئ صحيفة أخرى لولا تلك الخيانة وذلك الغدر فبربكم هل من تصديق لقول الله تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم) أكبر من هذا؟! الآن رجعت الإنتباهة وصدرت صحيفة الصيحة خالصة لي من دون الناس والأعجب ألا يصدر الحكم بإرجاع الانتباهة إلا بعد صدور الصيحة التي تبوأت موقعاً متقدماً ربما الأول بين الصحف السياسية جميعها فالحمد لله رب العالمين. الآن وقد عادت الانتباهة سأواصل الكتابة في الصيحة وحدها حتى يشتد عودها ولن ننسى الانتباهة التي ستكون لها ادارتها المستقلة ولن نفرط فيها بإذن الله. كم أنا سعيد أن يثبت القضاء السوداني نزاهته واستقلاليته من خلال هذا الحكم فقد شكك كثيرون وظنوا أن يد السلطة التنفيذية قد طالت القضاء كما طالت البرلمان لكن هل من دليل على الاستقلالية أكبر مما حدث في نظر قضية الانتباهة؟! ًً صحيفة الصيحة