كلام عابر) القرشي يتوه في جامعة الخرطوم عبدالله علقم [email protected] ( قام الفنان الكوميدي المبدع محمد موسى بجولة طويلة في جامعة الخرطوم بسيارة قناة الشروق وشملت الجولة مواقع متفرقة في الأسبوع الماضي استغرقت حلقة كاملة من برنامجه \"الشروق مرت من هنا\" وشارك في الردود على الأسئلة التي وجهها عدد من الطلاب والموظفين والخريجين الذين اختارتهم كاميرا الشروق. كان من بين الأسئلة سؤالا عن اسم أول شهيد استشهد في الجامعة في ثورة 21 اكتوبر 1964. وكانت الأجوبة تثير الضحك والحسرة. مرة كان اسمه علي عبداللطيف ومرة الزبير محمد صالح ومرة أخرى أحمد عبدالرحيم القرشي ومرة محمد عبدالرحيم القرشي ومرة أخيرة عبيد ختم. ولم يستطع أي من المشاركين الذين بلغ عددهم عشرة ،على ما أذكر، معرفة اسم الشهيد ، ولكن يبدو أن الأستاذ محمد موسى لم يهن عليه أن يحجب جائزته عن المشاركين فاختار أقرب الإجابات للإجابة الصحيحة وهي \"القرشي\" فقط وذهبت الجائزة لصاحب الإجابة الناقصة الذي لم يستطع معرفة اسم الشهيد بالكامل ولكنه كان على علاته أفضل المجيبين. كان تمثالا الشهيدين أحمد قرشي طه وبابكر حسن عبدالحفيظ يقفان شامخين في مدخل مكتبة الجامعة لسنين طويلة حتى أصبحا مثل الأشجار الشهيرة التي تزين الطريق المؤدي للمكتبة والتي تظهر صورتها في العملات الورقية، ثم أتى حين من الدهر أزيل فيه التمثالان ضريبة لتزمت المتعصبين ، والتزمت ، كما يصفه المفكر البرازييلي باولو فريري هو \"نوع من الاعتقاد بطهارة مصطنعة\" مثلما أن \"التعصب نوع من العقم أشبه بمضاجعة الموتى\" . ولكن يبدو أن التزمت في حلفه غير المقدس مع التفرد بامتلاك الصواب قد فعل فعله في الذاكرة الجمعية في مسرح أحداث تاريخ قريب ، وغني عن القول أن محمد موسى لن يجد إجابة إذا سأل عن اسم شهيد الجامعة الثاني من الطلاب (بابكر حسن عبدالحفيظ) وبالتأكيد لن يجد إجابة ، حتى تقريبية، إذا سأل عن اسم العامل الذي كان يعمل في كلية الآداب في نفس الجامعة وسقط شهيدا أمام القصر (مبيور أشول) الذي سبق الشهيد بابكر والذي استشهد متاثرا بجراحه بعد أن شهد انتصار الثورة. أتمنى ألا تكون أجوبة طلاب الجامعة وخريجيها وموظفيها الذين استضافهم الاستاذ محمد موسى مؤشرا لحالة حقيقية غير حميدة من غياب أو تغييب الذاكرة الجمعية ومؤشرا لمرحلة من مراحل الإفقار المعرفي والثقافي . قبل الختام: من شعر صلاح أحمد ابراهيم: مات وشيعناه ،وصلينا ،واستغفرنا، وأنبنا، بعد بكاء حار وأتى من لا يعنيه الأمر ولم يحزن جاء ليشرب قهوتنا، يغتاب الناس، وينتهك الأسرار ويقهقه ضحكته كالنصل: دع الموتى يبكون على الموتى، ما كان سوى امل وانهار.