** قبل كم يوم ، كتب جاري العزيز بأخيرة الحقيقة ، عبد الحفيظ مريود ، زاوية تحت عنوان : كلب الصحافة .. حيث كال فيه السباب على الصحافة التي تبحث عن معايب الحكومة وترصد أخطاء المجتمع ، وطالب بأن تكون الصحافة ناعمة ورقيقة ورومانسية في طرحها .. أوهكذا مختصر دعوة الكاتب الصحفي والقاص الرقيق المريود .. فالنقد يزعجه والمدح يطربه ، ولا أدري من أين جاء هذا الأخ الحبيب بنظريته الفريدة والداعية إلى خلق سلطة رابعة دورها في حياة الناس يجب ألا يتجاوز دور ( أم الحسن بت نفرين ) ..؟.. وأم الحسن ، عليها رحمة الله ، أفضل من كانت تزين العرائس في الديار النوبية ، قبل الغزو اللبناني لعوالم الكوافير.. مريود يتمنى للصحافة السودانية دورا كما دور تلك المرأة الماهرة .. فلنجرب ، قد يكون دورا مفيدا لواقع الحال ..!! ** قبل تقديم فاصل جديد من تكسير الثلج ، يسعدني أن أطرب المريود والسادة القراء باجترار فاصل قديم كسرت فيه جبالا من الثلج لحكومة ولاية الخرطوم حين بعثت وفدا رفيع المستوى إلى جمهورية جزر القمر وذلك لمساعدة تلك الدولة الواقعة في المحيط الهندي في عمليات البناء والتنمية والتعمير والتطوير ، ثم عاد وفدنا الولائي بعد وعدها لحكومة تلك الدولة بأن يمدها بالسيارات والأثاثات المكتبية وأجهزة الحاسوب وغيرها من المعدات والوسائل اللازمة لتطوير وتنمية دولة جزر القمر..هكذا كان الحدث قبل نصف عام تقريبا ، وأذكر فيما أذكر بأني كسرت الثلج لحكومة الخرطوم على هذا الكرم الحاتمي ، ثم ناشدت قرائي الكرام بأن يرسلوا أبناءهم ليتعلموا في جزر القمر ، لأن خبرا كان قد تسرب - يوم عودة الوفد الميمون من جزر القمر - بأن حكومة الولاية بصدد تأجيل العام الدراسي بالخرطوم بسبب نقص المعلمين والكتاب والإجلاس .. أي ، قلت نصا فحواه : أرسل ابنك أو ابنتك الى المحيط الهندي ، فالولاية - بسم الله ما شاء الله - تجتهد في تطوير وتنمية جزر دولة تقع في ذاك المحيط ..!! ** ربما صديقي القاص المريود لم يتابع يومئذ عملية التجميل التي أجريتها لوجه ذاك الخبر ، عمليات البناء القصصي أحيانا تشغل كتاب القصة عن سفاسف الأمور التي من شاكلة تجميل وجوه الأخبار الدميمة.. ولذلك ، أقدم له اليوم نموذجا طازجا لتكسير الثلج ، أي رغبة غير صادقة في تحليل خبر يؤكد - بلسان وزارة الصحة الاتحادية - بأن حكومة السودان وافقت على دعم مستشفيات جمهورية إفريقيا الوسطى بخمس غرف عمليات جراحية متكاملة بتكلفة بلغت مائة وخمسين مليون دولار، وذلك تلبية لحاجة مرضى إفريقيا الوسطى .. هكذا خبر اليوم يا المريود ، لايختلف عما حدث قبل نصف عام .. مائة وخمسين مليون دولار من أموال بلادي لتأسيس غرف عمليات مشافي إفريقيا الوسطى .. لكي لا يغضب المريود ، لن أشبه هذا الكرم الطائي بظل الدليب ، وكذلك لايليق أن أشبه دعما سخيا كهذا بحكمتنا الشعبية ( عريان ولابس كرافتة ) .. لن أفعل ذلك ، فالأفضل أن نقتدي جميعا بنظرية مريود الفريدة ، بحيث لانرصد أو نترصد معايب الحكومة و( بلاويها ) .. بل نتعامل مع وجه هذا الخبر كما كانت تتعامل أم الحسن بت نفرين مع وجوه عرائس تلك الديار ليلة عرسهن ، أو كما يتمنى ويطالب حبيبنا مريود.. لقد أحسنت حكومتنا الرشيدة فعلا بهذا الفعل الكريم ، جعله الله في ميزان حسناتها ، عسى ولعل ترجح كفته على ضحايا الإسهالات المائية الذين عجزت صحف بلادي عن إحصائهم بسنار والنيل الأبيض والقضارف وأطراف العاصمة هذه الأيام .. والكل يتهم المياه ، ما عدا وزارة الصحة التي لم تجد متهما مثاليا يتحمل مسؤولية تلك الإسهالات ، ولذلك أقترح لها بأن تتهم إسرائيل أوحركة خليل ، واقتراح كهذا سيجد حظا من التجميل بفضل نظرية المريود .. وللمزيد من التجميل ، أقترح تقديم دعم آخر لمشافي تشاد أيضا وكذلك تنزانيا ولاتنسوا يوغندا .. ولا أقوليكم حاجة ، لماذا لايعدل البرلمان دستور البلد ، بحيث يجعل ميزانية هذا البلد موردا أساسيا لمشافي الدول الإفريقية ..؟.. وهنا قد تسأل صحافة ، كتلك التي لايريدها المريود ، ماذا عن مرضى السودان ..؟ . وطبعا الإجابة وفق تلك النظرية هي : ( حريقة فيهم ) ..!! صحيفة الحقيقة