صدي امتحان الحريات والحقوق أمال عباس ٭ ظللت أتابع اعتقال الاعلاميين أو الصحافيين بعد أن أبدوا ضيقهم وانزعاجهم لتأخر مرتباتهم ولم يلاقوا الا الاعتقال من قبل السلطات في جوبا باتهام انهم يرمون لافشال يوم تنصيب النائب الأول لرئيس الجمهورية.. وبالطبع لم أكن راضية عن تلك الخطوة ونحن ننظر لبرامج الحركة الشعبية في الوصول الى السودان الجديد.. سودان الديمقراطية والسلام وحرية الصحافة والتعبير.. وعندما اردت ان اعبر عن شجب هذه الخطوة تحت مظلة بيت الشعر الشهير «لا تنه عن فعل وتأتي بمثله.. عار عليك إذا فعلت عظيم».. ولما قرأت ما كتبه الزميل فيصل محمد صالح في صحيفة «الاخبار»، شعرت بانه عبر عني تماما وارتأيت ان اعيد ما كتبه لقراء «صدى» بالصحافة مع شكري للزميل القدير.. فيصل كتب «في رواية مزرعة الحيوانات للروائي البريطاني الشهير جورج اورويل مقولة صارت مثلا يصلح للاستشهاد هنا والرواية ذائعة الصيت كتبها اورويل بعد فجيعته في الثورة الروسية التي كان يؤيدها وبنى فيها عالما متخيلا من الحيوانات يسرد فيه تاريخ الثورة البلشفية وكيف انتهى بها الحال في إطار الاستبداد الستاليني. ٭ فقد كان شعار الحيوانات بعد ثورتها وسيطرتها على المزرعة «كل الحيوانات متساوية لكن بعد ان ارتاحت القيادات و«رطبت» لم يعد يكفيها ما تتقاسمه الحيوانات لذلك اخذت لنفسها امتيازات اضافية وعدلت الشعار القديم لتكون كل الحيوانات متساوية ولكن بعضها اكثر مساواة. All animal are equal but some animal are more equal than other ٭ وحال الحركة الشعبية لتحرير السودان شبيه بحال مزرعة الحيوانات فشعارات الحركة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالدفاع عن الحريات العامة والقوانين الديمقراطية، كما انها خاضت مع القوى الديمقراطية في الشمال معارك كثيرة دفاعا عن الحريات العامة.. لكن حين يأتي الوضع لحكومة الجنوب.. التي هي حكومة الحركة الشعبية تصبح بعض الحيوانات أكثر مساواة من غيرها وتظهر بالتالي حيوانات أقل مساواة بالضرورة. ٭ تعتقل سلطات حكومة جنوب السودان منذ اسبوعين مجموعة من الصحفيين العاملين باذاعة وتلفزيون جنوب السودان بحجة انهم اضربوا عن العمل يوم تأدية الفريق سلفاكير للقسم وبالتالي لم يقوموا بتغطية المناسبة، بلغ عدد الصحفيين الذين اعتقلوا 21 صحفيا تم اطلاق ثلاث سيدات منهم لأسباب انسانية بينما لايزال تسعة صحفيين رهن الاعتقال. ٭ هذا الاعتقال يقدح في مصداقية الحركة الشعبية ومدى التزامها بما رفعته من شعارات لكنه اكثر من ذلك يجعل مشاركة الحركة الشعبية في الدفاع عن الصحفيين في الشمال لكنها مع اعتقال الصحفيين في الجنوب؟. ٭ ثم انظر لاضراب الأطباء والحالة التضامنية الواسعة التي احاطت به وستوصل الاطباء ان شاء الله لتحقيق مطالبهم العادلة وقد كان للحركة الشعبية موقف تضامني واضح مع الاضراب الاول وربما يجيء نفس الموقف مع الاضراب الثاني لكن كيف يمكن فهم هذا الموقف اذا كانت حكومة الحركة الشعبية في الجنوب تعتقل الصحفيين المضربين لأنهم طالبوا مثل الاطباء بمستحقاتهم المتأخرة؟ هل حكومة الشمال مخطئة في اعتقال الصحفيين لكن حكومة الجنوب غير مخطئة لأنها أكثر مساواة من الآخرين. ٭ إن الموقف من الحقوق والحريات العامة هو موقف مبدئي لا يتجزأ ولا يعرف الحدود الجغرافية أو السياسية ولا يمكن أن يكون موضعاً لمجاملة وإلا أصبح موقفا لمجرد المكايدة السياسية وهو شيء غير جائز وغير مقبول. هذا مع تحياتي وشكري.. الصحافة