كلام الناس نهر العطاء المتميز نور الدين مدني * كان يوم امس الاول الخميس يوما مشحونا بمواقف الوفاء والتكريم حيث شهدت قاعة الشارقة بالخرطوم في النهار تدشين كتاب صديقنا الكاتب الساخر الفاتح جبرا (لبس جماعي) واحتفالا جميلا بتكريم الشاعر الكبير محجوب سراج قدمت فيه الفرقة الموسيقية بالخرطومجنوب مجموعة من الالحان الموسيقية لعدد من اغنياته قبل ان تتحفنا فاكهة الاحتفال الفنانة الرائعة نانسي عجاج بباقة من الاغنيات وسط تجاوب الحضور النوعي مع حضورها الفني المتميز. * مساء ذات اليوم شهدت ذات القاعة تكريما لهرم من اهرامات السودان في مجال الطب والبحث العلمي امضي نصف قرن من الزمان في خدمة الوطن والمواطنين ومازال, انه صديقنا البروفيسور احمد محمد الحسن الذي امتعنا بطريقته المعهودة وهو يحدثنا عن تجربته العملية الثرة التي إمتدت الى الاقاليم في الداخل والقت بظلالها الطيبة المثمرة خارج البلاد ايضا. * حكى لنا البروفيسور احمد محمد الحسن في تواضع مشهود له كيف انه كان من المبادرين للعمل الميداني وسط المرضى في القضارف وفي الشمالية واعالى النيل والنيل الازرق وكيف كانت البدايات وسط امكانات شحيحة وبيئة متخلفة قبل ان تمتد ايادي العمران والتقدم الحضاري والعلمي وكيف انه كان يتم الكشف على مئات المرضى تحت شجرة اللالوب في قرية بنهر الرهد. * تجارب كثيرة حدثنا عنها البروفيسور لم ينس فيها زملاءه ورفاق دربه وحتى تلامذته الذين قال عنهم انهم اصبحوا مثل (الحوار الغلب شيخه).. وكيف انهم كانوا ينزلون الى المرضى في مناطقهم بدلا من تركهم يرحلون اليهم بكل ما في الرحيل من تكاليف ومشقة و(كشف حال) كما هو حادث الآن للاسف. * انه من الجيل الذي كان ينظر لمهنة الطب كرسالة انسانية وليس حرفة تجارية كما تحولت الآن عند الكثيرين، كان ينظر الى مهنة الطب نظرة شاملة ومتقدمة منذ ان اسس معهد المختبرات الطبية الذي اصبح كلية المختبرات الطبية بجامعة الخرطوم. * انشأ عام1993م معهد الامراض المستوطنة بجامعة الخرطوم ووضع فيه خلاصة تجاربة العلمية والتطبيقية في الامراض المستوطنة وربط فيه بين البحث العلمي والتطبيق العملي حتى اصبح المعهد منارة في مجال الامراض المستوطنة والبحث العلمي وكان من ابرز الانجازات العلمية فيه دراسة ومعرفة العلاقة المناعية بين مرض اللشمانيا الحشوية واللشمانية الجلدية مما اتاح الفرصة بتطوير اول لقاح للشمانيا الحشوية. * البروفيسور احمد محمد الحسن لم يتوقف عطاؤه في مجال تخصصه داخل البلاد وخارجها وانما امتد للتعاون مع منظمات المجتمع المدني والجامعات والمعاهد العليا وقام باعداد الكثير من الابحاث في مجال الاورام والامراض المستوطنة ولم يكتف بكل هذا العطاء فاصبح يغذى الساحة الثقافية والصحفية بكتابات متميزة في شتى ميادين الابداع الانساني شرفنا بنشر بعضها في العدد الاسبوعي ومازلنا ننتظر منه الكثير من نهر عطائه المتميز. الرأي العام