منظمة حقوقية: الدعم السريع تقتل 300 مدني في النهود بينهم نساء وأطفال وتمنع المواطنين من النزوح وتنهب الأسواق ومخازن الأدوية والمستشفى    وزير الثقافة والإعلام يُبشر بفرح الشعب وانتصار إرادة الأمة    السودان يقدم مرافعته الشفوية امام محكمة العدل الدولية    هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    "من الجنسيتين البنجلاديشية والسودانية" .. القبض على (5) مقيمين في خميس مشيط لارتكابهم عمليات نصب واحتيال – صورة    دبابيس ودالشريف    "نسبة التدمير والخراب 80%".. لجنة معاينة مباني وزارة الخارجية تكمل أعمالها وترفع تقريرها    النهود…شنب نمر    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    "المركز الثالث".. دي بروين ينجو بمانشستر سيتي من كمين وولفرهامبتون    منتخب الضعين شمال يودع بطولة الصداقة للمحليات    ندوة الشيوعي    "قطعة أرض بمدينة دنقلا ومبلغ مالي".. تكريم النابغة إسراء أحمد حيدر الأولى في الشهادة السودانية    د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    المرة الثالثة.. نصف النهائي الآسيوي يعاند النصر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في إطار تكريم من جامعة الخرطو3-2
نشر في آخر لحظة يوم 20 - 06 - 2010

في السنوات الأخيرة التفتت الدولة إلى الاحتفاء بالعلماء والباحثين والشخصيات الفاعلة في المجتمع وتكريمها.. لكن ماذا نعرف عن هذه الشخصيات التي نراها يوم التكريم ثم تختفي؟ وماذا عن الذين نعرف أنهم رواد يجب تكريمهم ولكن لا نراهم على منصات التكريم؟ كثيراً ما ينتهي المشهد بخبر التكريم وتتركز الأضواء على من يَكَرِم وليس على من يُكَرَم. هناك انجازات عظيمة تمت على أيدي رجال ونساء كرسوا حياتهم في صمتٍ وتفانٍ لرفعة هذا الوطن، فعرفوا خارج الحدود، وجهلناهم نحن في الداخل، ولم نعطهم حقهم من التقدير والعرفان، بل لم نستفد من أبحاثهم ودراساتهم، لأننا لا نعرفها أو لا نعطيها حقها من التقدير. وستمر بالقارئ في هذا اللقاء الذي أجري قبل عشرين عاماً في مدينة الخبر السعودية مع البروفسور أحمد محمد الحسن- متعه الله بالصحة والعافية- ولم ينشر (لأن رئيس تحرير صحيفة سودانية اعتبره من سدنة مايو) أسماء رائدة ورد ذكرها عرضاً قد لا يعرفها أحد خارج نطاق عملها.
ولنبدأ القصة من أولها.. ففي يوم 8 مايو عام 1987 وزعت وكالات الأنباء العالمية خبراً من جنيف نصه: (إن منظمة الصحة العالمية منحت خبيراً سودانياً بارزاً في مجال الطب جائزة تكريمية عن مساهماته في تحسين الأوضاع الصحية في منطقة (الشرق الأوسط).
وقالت المنظمة في حفل تكريم البروفسور أحمد محمد الحسن أنها (منحته الجائزة نظير أبحاثه ودراساته حول أمراض السل والسرطان والقلب وغيرها)...
أول سجل لمرض السرطان
كان مرض السرطان أحد المجالات التي حققت فيها أبحاث الأستاذ أحمد محمد الحسن مع زملائه نتائج ممتازة، فقد انشأ وزميله الدكتور سيد داوود عام 1965 أول سجل لمرض السرطان في السودان، بمعونة قدمتها المنظمة العالمية لمكافحة مرض الشرطان.. فدرسا أنواع المرض في السودان وصنفاها وسجلا حالاتها.
بالطبع سبقت أبحاث أحمد محمد الحسن وسيد داوود دراسات لمرض السرطان في السودان، لكنها أجريت على حالات فردية، مما جعل عملهما أول سجل للسرطان على مستوى البلد، شمل مختلف حالات السرطان الموجودة في السودان.
أمراض الفطريات
وللدكتور أحمد محمد الحسن أيضاً اهتمامات بحثية في بعض الأمراض التي تسببها الفطريات.. ومنها مرض النبت المنتشر في السودان. والذي يعرف علمياً باسم (مايستدما)، وهو يصيب في الغالب قدم الإنسان، وينتج عن دخول الفطر من خلال طعنة تتعرض لها القدم من أي جسم يكون الفطر عالقاً به.. فتتورم الرجل التي ينمو فيها الفطر إلى الحد الذي يستدعي أحياناً إجراء جراحة أو بترها.
ومن الأمراض الفطرية الأخرى الموجودة في السودان مرض فطر الرشاشية (اسبرجلس)، الذي يصيب الجيوب الأنفية.. وقد اكتشفه لأول مرة في السودان فريق يتكون من الأطباء برانكو الذي كان يعمل اختصاصياً للأذن والأنف والحنجرة، وأحمد محمد الحسن، وعبد العال عبد الله عثمان، وسيد داوود، والشيخ محجوب جعفر، الذي يقول عنه أحمد محمد الحسن إنه (من أكبر الإختصاصيين في العالم في مجال الأمراض التي تسببها الفطريات.. وخاصة فطر المايستدما، هذا الفريق درس وبائيات المرض ومظاهره السريرية والنسجية وطرق علاجه.
الأمراض المقارنة
كانت أبحاث الأمراض المقارنة بين الإنسان والحيوان ومازالت أحد المجالات المهمة التي عكف على دراستها مع زميليه الدكتور رمضان عمر، والدكتور محمد حسن تاج الدين، وأعطت أبحاث الدكتور أحمد والدكتور رمضان نتائج مهمة، حيث درسا نوعاً من السرطان الجلدي يصيب الماعز دراسة مستفيضة، على مدى خمسة عشرة عاماً، كما اكتشفا في أثناء عملهما في المملكة العربية السعودية نوعاً من الالتهاب يصيب ضرع الإبل، أطلقا عليه (التهاب الضرع الانسدادي).. ونشرت نتائج البحث في شهر مايو 1987 في المجلة البيطرية لجامعة كورنيل الأمريكية، وفي السعودية أيضاً اكتشفا نوعاً من السرطان يصيب عين فصيلة من الضأن مشهورة في السعودية، يسمى بالضأن النجدي، ويعتبر أفضل أنواع الضأن فيها، ولاحظ الباحثان أن هذا المرض لا يصيب أنواع الضأن الأخرى، مما جعلهما يركزان أبحاثهما على وبائيات المرض وسبب انحصاره بين الضأن النجدي دون غيره.
ومن الأمراض المقارنة بين الإنسان والحيوان التي شارك في دراستها مرض السل، خاصة ذلك الذي يصيب الأمعاء والغدد اللمفاوية مع زميله الدكتور محمد حسن تاج الدين، الذي حصل على درجة الدكتوراة عن هذه الدراسة وأشرف عليها أحمد محمد الحسن.
وعندما أجرينا هذا اللقاء (مايو 1987)، كان الدكتور أحمد محمد الحسن يقود فريقاً بحثياً أسند إليه من ضمن عدة فرق بحثية متنافسة، دراسة مرض اللشمانيا في منطقة الإحساء بالمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية. وهي دراسة متكاملة قال عنها (ربما تكون أكبر مشروع دراسي عن مرض اللشمانيا في العالم). اشتركت فيها ثماني فرق بحثية من جامعة الملك فيصل، حيث كان يعمل بتمويل من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتكنولوجيا، بتكلفة عشرة ملايين ريال سعودي.
في هذه الدراسة توصل الباحثون إلى نتائج مهمة في ما يتعلق بوبائيات المرض والحشرة الناقلة له، والحيوان الحاضن، ومظاهر المرض الخارجية، وتغيراته النسجية والمناعية، وكيفية علاجه، ونشرت نتائج البحث في أكثر من دورية عالمية متخصصة.
العمل ضمن فريق
ولعل القارئ لاحظ مثلي أن الأبحاث التي أجراها بروفسور أحمد محمد الحسن كانت تتم ضمن فريق بحثي. وقد سألته عن السر في ذلك قال: (إنه يعتقد بأن مجال البحث العلمي مجال متميز، وإن العمل فيه بروح الفريق أساس النجاح)، وهو يحرص دائماً على أن يعمل ضمن مجموعة من الباحثين.
لقد كان لأبحاث البروفسور أحمد محمد الحسن التي أجراها في السودان وخارج السودان أثناء عمله في المملكة العربية السعودية، أثر كبير في تعريف العاملين في الحقل الطبي بأمراض بعضها كان معروفاً، لكن الإلمام بها لم يكن ناضجاً، فأصبحت معروفة لدى الممارس العام ولدى الأختصاصي والدارس، حيث ساعدت أبحاثه في التعريف بها من ناحية سريرية، وبطريقة تشخيصها فأصبح التعرف عليها سهلاً، وأصبحت الطرق العلاجية والوقائية منها أسهل، وهو ما أشارت إليه منظمة الصحة العالمية عندما أوردت مبررات منحة الجائزة.
ويرى الأستاذ أحمد محمد الحسن أن إجراء الأبحاث إضافة إلى التعريف بالأمراض ومعالجتها له تأثير ايجابي مباشر على التعليم الطبي؛ لأن الأستاذ الذي يشارك في دراسة الأمراض السائدة في البلد، يستطيع أن ينقل خبرته إلى طلابه في قاعة الدرس، فيشجعهم على البحث، ويكون ما يقدمه لهم من علم عملاً تطبيقياً يهتم بالنواحي التي تمكن الطبيب أو الطالب الاستفادة منها عملياً.
وهو يشير هنا إلى أن العديد من الكتب والدوريات التي يستقي منها الطالب في السودان معلوماته، هي كتب أجريت دراساتها وأبحاثها في مناطق خارج السودان، حيث تختلف بيئة الأمراض تمام الاختلاف عن بيئة الأمراض الموجودة في السودان، وأن اتفقت في المسميات.
ولهذا يدعو إلى توجيه الأبحاث لدراسة الأمراض المستوطنة، حتى نساعد ولو بالقدر اليسير في التعريف بها، وبتشخيصها وطريقة علاجها والوقاية منها، ليتعرف عليها الطلاب والمشتغلون بالطب.
قرن على ميلاد البحث
الطبي في السودان
إن الأبحاث الطبية في السودان كما يعرف المختصون لها تاريخ طويل، بدأ مع مطلع القرن الماضي. ومن أوائل الأبحاث التي أجريت خاصة في مجال أمراض المناطق الحارة، كانت تلك التي أجراها وِلْكَم صاحب المعمل الطبي والشركة الطبية المعروفة، التي ولدت بواكير أبحاثها في معامل كلية غردون التذكارية في الخرطوم، وقد كرم السودانيون ولكم بإطلاق اسمه على أول معامل طبية في السودان، (معامل ولكم)، التي أصبحت معمل (استاك) في ما بعد، ثم (المعمل الصحي القومي) واتبع جزءاً منها لقسم الحشرات بالأبحاث الزراعية في واد مدني.ولعل الكثيرين من القراء لا يعرفون أن أول علاج للبلهارسيا في العالم كان قد جرب في السودان في عشرينات القرن الماضي.. كما حظي مرض اللشمانيا بدراسات رائدة في السودان، وكان من أوائل الباحثين في مجاله على مستوى العالم الطبيب السوداني محمد حمد ساتي، الذي بدأ أبحاثه في أوائل الثلاثينات من القرن الماضي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.