هناك فرق صيوان عزاء سياسي ..! منى ابو زيد الزعامة السياسية - في الغالب - هي فن قيادة حزمة من الأفكار والمقاصد والتوجهات الحزبية .. إلاّ أنّ هنالك زعماء/ساسة كسروا تلك القاعدة .. فكان لوجودهم الشخصي .. ثم لرحيلهم الشخصي أثر عظيم على مسارات السياسة والاقتصاد .. و مناخات الحرب والسلام في بلدانهم حيناً .. وفي بقية دول العالم أحياناً ..! الرئيس المصري السابق \"أنور السادات\" هو الزعيم السياسي الوحيد الذي تم تكريمه \"بأثر رجعي\" على وطنيته التي كانت تغرد خارج السرب المصري/العربي، وعلى حكمته ونفاذ بصيرته السابقة لعصره وحقبته التاريخية .. فقد وضع \"السادات\" مصر على طريق \"الحداثة السياسية\" .. وجدد خارطة مجتمعها المدني .. وأعاد لها أرضها .. وحفظ لها أمنها وحدودها المتاخمة لإسرائيل .. وأكسبها ثقة ودعم أمريكا .. وبالتالي ضمن لها تحقيق تطور اقتصادي كبير .. لكنّ موته المفاجئ أصاب الديموقراطية في مصر بالشلل .. ومزّق صورتها الإسلامية المعتدلة .. ثم ترك شعبها غارقاً في تبعات رفضه للتوجهات المجددة التي أرساها السادات في حياته .. والتي تم تقويضها بعد موته ..! رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق \"إسحق رابين\" كان زعيماً سياسياً زاخر الأبعاد والرؤى .. كان يرى أنّ أكثرية الشعب الإسرائيلي تريد السلام وتعارض العنف .. والأهم أنه كان على استعداد للمجازفة من أجل السلام ..! تمخضت مجازفة \"رابين\" عن اغتياله على يد اختلفت وتشعبت الروايات حول مصدرها .. لكنها اتفقت حول السبب : \"رفض جهة الاغتيال لعملية السلام\" ..! وبما أنّ الرجل كان مصمم خارطة الشرق الأوسط الجديد .. فقد قال المحللون إنه لو لم يقتل في ذلك الوقت لتحقق الانسحاب والسلام خلال سنوات أقل .. ولما حادت إسرائيل عن طريق السلام النظيف الذي رسمه لها .. ولتغير مزاج لبنان السياسي .. ولما بقي الشرق الأوسط نهباً للكُره والقلق المستمر ..! أما \"المهاتما غاندي\" فلم تبكه الهند التي كان يعارض تقسيمها وحدها .. بل بكت اغتياله الإنسانية جمعاء .. ف \"غاندي\" كان وما يزال الزعيم السياسي الوحيد الذي ملك ناصية التأثير على بقية شعوب العالم .. التوجه السياسي الفريد ل \" غاندي\" والمتمثل في سياسة (اللاعنف) ألهم زعماء آخرين أمثال \"نيلسون مانديلا\" و\" مارتن لوثر كينغ\" في كفاحهما ضد الظلم والتمييز العنصري .. لولا موت \"غاندي\" لما تغير المصير السياسي لشبه القارة الهندية بعد التقسيم .. ولما آلت \"كشمير\" لحاضرها الحالي، بعد تراجع التطبيق الفعلي لرؤاه وفضائله السياسية .. محللون كثر يقولون إنّ الدور القيادي الملهم للراحل \"جون قرنق\" كان في طريقه إلى مدارج التجديد السياسي في السودان ثم القارة الإفريقية على وجه العموم .. تطورات مثيرة في الموقف الشعبي من مبدأ تقسيم البلاد أجهضها موت \"قرنق\" المفاجئ ..! وها قد اقترب المنعطف الذي سيناقش المحللون والمؤرخون السياسيون – بعده - التبعات الخطيرة ل اغتيال \"جون قرنق\" وتأثير موته المفاجئ على حدود الخارطة النفسية لإنسان السودان ..! التيار