هناك فرق هاللو.. إزيك يا إنتَ ..! منى أبو زيد أنيس منصور) الذي قرأته طويلاً .. وتأثرت به كثيراً .. كان وما يزال يثير غيظي .. بقدر ما يثير دهشني بإصراره المستمر على (تأليه) و(تبجيل) نجمة الإغراء الأمريكية (مارلين مونرو) .. حتى وإن كان ذلك على حساب تقديره الموضوعي لفكر وفن كاتب مسرحي بحجم زوجها السابق آرثر ميللر ..! يثير حنقي قبل حيرتي إصراره المتواصل على تجاهل عمق مفكر بحجم ميللر تضامناً مع صورة الشقراء البلهاء السطحية التي يجسدها فن (مونرو) .. والتي إن دلل افتتانه بها على شيء إنما يدل على أن الرجل المثقف الذي يكره طبائع المرأة المستلقة .. يكره عقلها أكثر ..! موقفه من شهرتها السينمائية (الأفقية) ومن شهرة زوجها (الرأسية) يذكرني دوماً بثيمة (زوج الست) .. زوج المرأة التي يطغى نجاحها المهني وشهرتها الفنية على نجاحه .. حتى وإن كان ذلك الزوج مفكراً/فيلسوفاً ..! ماتت المرأة التي كرست فنها لتنميط صورة المرأة الجسد فبكاها أنيس منصور .. وظل صيوان عزائه فيها منصوباً حتى يومنا هذا .. وكلما أتت سيرتها أو تعمد هو أن تأتي .. يردد بفخر عجيب .. فيكل سانحة قلم .. وبلا كلل أو ملل .. أنه قد شاهدها يوماً .. ناداها من بعيد .. فلوحت له بغنج قائلة : (هاللو .. إزيك يا إنت) ..! ثم مات (آرثر مللر) ضمير المسرح الأمريكي الذي دافع عن الحرية الفكرية مندداً بكل أشكال القمع .. والكاتب الذي عرى قبح الرأسمالية الأمريكية بمسرحيات خالدة مثل (موت بائع متجول) .. والمفكر صاحب الرؤية السياسية التي سبقت عصرها .. فما الذي كتبه – عزيزي - أنيس منصور عنه .. ؟! كتب مقالاً بعنوان (آرثر ميللر قاتلاً!) اعترف فيه بكراهيته للرجل .. وندد فيه بقسوته كزوج على (مارلين) الزوجة الفاتنة .. الساذجة ..! الكاتب الكبير أنيس منصور هو الذي ترجم مسرحية ميللر (بعد الخريف) أو (بعد السقوط) التي (شرَّح) فيها الرجل زواجه من مونرو على منضدة الإدراك والوعي .. لكنه ظل يندد بتلك المسرحية في كل مناسبة .. ويعتبرها سقطة أخلاقية لكاتب صور ملاكه الفاتن صورة (وحش) وصور نفسه وهو الجلاد في ثوب ضحية ..! ثم ظل يصر – أي أستاذنا منصور .. وهو المفكر والمثقف - على اعتبار الكاتب الكبير (زوج الست) .. شأنه في ذلك شأن بسطاء العقول من الناس الذين يستكثرون نجماتهم الشهيرات المفضلات على أزواجهن .. بصرف النظر عن أحوالهن كزوجات ..! قبل فترة أسعدني جداً .. جداً .. أن مزاعم الكاتب الكبير الذي أقدره كثيراً قد تقوضت .. تهاوت .. وتهافتت بفعل رواية حديثة صدرت لكاتب فرنسي ومحلل نفسي .. تلك الرواية أعادت تفكيك ورسم ملامح شخصية مونرو من خلال أحد مناهج التحليل النفسي ..! مؤلف ذلك الكتاب الذي (جاني في جرح) يقول إن مونرو التي كانت ذكية جداً، ولئيمة جداً، استخدمت صورة الشقراء البلهاء كي تحمي نفسها .. ثم يثبت بالدليل القاطع أنها كانت تتظاهر بالبراءة والسذاجة وتشاغل المعجبين - المفتونين أمثال (أنيس منصور) - بغنج في العلن .. بينما كانت تقرأ (سراً) في كتب الفلسفة ..! وكيف أنه كان باستطاعة تلك الجميلة الساذجة أن تهضم بسهولة نصوصاً (وعرة) لكتاب وشعراء ومفكرين مثل (كافكا .. ريلكة .. ديستوفيسكي.. إلخ ..) ..! المهم أنني قد أحببت جداً .. جداً .. رأي مؤلف الكتاب الذي مزق صورة – منصور – النمطية .. وأثبت أن سذاجة مونرو الساحرة كانت خدعة .. وإلا لما تزوجت كاتباً ومفكراً بقيمة آرثر ميللر ..! التيار