قطر.. تنظيم دخول وخروج الوافدين وإقامتهم الصادرة    منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفث: قتل عمال الإغاثة أمرا غير معقول    عثمان ميرغني يكتب: معركة خطرة وشيكة في السودان    وصف ب"الخطير"..معارضة في السودان للقرار المثير    والى الخرطوم ينعى نجل رئيس مجلس السيادة "محمد عبدالفتاح البرهان"    قبل قمة الأحد.. كلوب يتحدث عن تطورات مشكلته مع صلاح    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    مستشار سلفاكير يكشف تفاصيل بشأن زيارة" كباشي"    وفاة "محمد" عبدالفتاح البرهان في تركيا    شاهد بالصورة والفيديو.. فنانة سودانية تحيي حفل غنائي ساهر ب(البجامة) وتعرض نفسها لسخرية الجمهور: (النوعية دي ثقتهم في نفسهم عالية جداً.. ياربي يكونوا هم الصاح ونحنا الغلط؟)    شاهد بالفيديو.. الفنانة شهد أزهري تعود لإشعال مواقع التواصل الاجتماعي بنيولوك جديد وتقدم وصلة رقص مثيرة خلال حفل خاص بالسعودية على أنغام (دقستي ليه يا بليدة)    شاهد بالصور والفيديو.. حسناء سودانية تسخر من الشباب الذين يتعاطون "التمباك" وأصحاب "الكيف" يردون عليها بسخرية أقوى بقطع صورتها وهي تحاول تقليدهم في طريقة وضع "السفة"    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    شاهد بالصورة والفيديو.. (فضحتونا مع المصريين).. رجل سوداني يتعرض لسخرية واسعة داخل مواقع التواصل الاجتماعي بعد ظهوره داخل ركشة "توك توك" بمصر وهو يقلد نباح الكلاب    قائد السلام    واصل تحضيراته في الطائف..منتخبنا يؤدي حصة تدريبية مسائية ويرتاح اليوم    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    دعم القوات المسلحة عبر المقاومة الشعبية وزيادة معسكرات تدريب المستنفرين.. البرهان يلتقى والى سنار المكلف    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    في اليوم العالمي لكلمات المرور.. 5 نصائح لحماية بيانات شركتك    جبريل: ملاعبنا تحولت إلى مقابر ومعتقلات    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    موعد مباراة الهلال والنصر في نهائي كأس الملك !    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    السوداني هاني مختار يصل لمائة مساهمة تهديفية    ستغادر للمغرب من جدة والقاهرة وبورتسودان الخميس والجمع    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    الحراك الطلابي الأمريكي    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ظلال الأمير .. د. الترابي الغاية و الوسيلة 2-3
نشر في الراكوبة يوم 09 - 07 - 2010


[email protected]
نعود و نواصل ما أنقطع من خبر شيخ الترابي الذي خبر بفكره الثاقب إن لكل مرحلة سياسية رجالها و لونها وعليه لكي يصل إلي أهدافه وغاياته إن يعيش في كنف رجال المرحلة و يتلون بالونهم إذا ما اقتضى الأمر و يطاطى رأسه للريح حتى يشتد ساعد تنظيمه و يحين أوان جني الثمار وهي مقدرة وصفة لا تتوفر إلا في أولي العزم من الرجال .
لذلك نجده قد تعايش مع النظام العسكري الأول برئاسة المرحوم الفريق عبود هادئا مهادنا متفرغا للدراسة حين و للدعوة حينا أخر حتى إذا ما أزفت الآزفة ركب موج (ثورة أكتوبر المجيدة عام 1964م) مصليا علي جثمان الشهيد (القرشي) و متقدما مسيرة تشيعه لمثواه الأخير و التي أعلن بها شيخنا رسميا مشاركته و التحاقه بهذه الثورة دون إن يكون قد بذل جهداً يذكر في الإعداد لها أو اندلاعها وبذلك أكل عقيقية مولدها دون إن يعايش قلق انتظارها أو يخفف من آلام مخاضها.
و من بعد عاش مسالما يراقب الفترة الديمقراطية الثانية ممعنا النظر في ممارساتها مستبينا قوتها و نقاط ضعفها ، وحين أطل انقلاب مايو (بصبغه حمراء) في أول عهده مارس شيخنا فعل القنفذ وانكفأ علي نفسه و تحوط و دفع بالمتهور من كادر الاتجاه الإسلامي (ولعله عن قصد من أجل إزاحتهم عن طريقه حين توجس مرتبا في تطلعاتهم) من أمثال المرحوم محمد صالح عمر و الأستاذ مهدي إبراهيم و آخرون إلي الجزيرة آبا في عام 1970م بغرض الجهاد في صفوف الإمام الهادي المهدي ضد نظام مايو بعد إن أشعل فتيل غيرتهم الدينية علي الشيوعي جعفر نميري !!!. ولقد قضى في تلك الواقعة من قضى وبقى هو متخندقا بعيداً عن الأحداث فائزا في كل الأحوال.
دفع شيخ الترابي عقب أحداث الجزيرة آبا بثلة مقدرة من قيادات الاتجاه الإسلامي للخارج للتحالف مع حزبي الأمة و الاتحادي ليكونوا ما عرف (بالجبهة الوطنية) لمعارضة نظام الدكتاتور نميري و هي التي خططت و دعمت المحاولة الانقلابية الفاشلة التي قام بها المرحوم محمد نور سعد في سبتمبر 1976م فيما عرف (بإحداث المرتزقة) ، ليعود بعد مضي فترة وجيزة من تلك الإحداث المأساوية التي راح ضحيتها نفر كريم من أبناء هذا الوطن المغلوب علي أمره مصالحا بل ومستشاراً لرئيس النظام المايوي ليتقلد ارفع المناصب متنقلا بين الوزارات متمرغا في خير القائد الملهم إمام المسلمين الدكتاتور جعفر نميري!!!.
لتبدأ اخطر المحطات السياسية في تاريخ الرجل من حيث الاستفادة القصوى من مقدرات و إمكانيات الدولة التي وفرها له و لتنظيمه ذلك النظام المترهل. فأكمل في تلك الفترة بناء عضلات التنظيم المالية و الاقتصادية مستغلا ضعف حيلة و خطل رأس الدولة بعد إن زين له الشيخ الماكر بأنه القائد المؤمن الملهم وأمره علي المسلمين وبائعه علي السمع و الطاعة في المنشط و المكره وشغله بزيارة الأضرحة و الشيوخ و تلقي البركات منهم حماية لعرشه الذي كان ينخره سوس الجماعة الإسلامية من الداخل.
تفرغ الشيخ بعد فراغه من أمر الأمام الغائب لبناء إمبراطورية الجبهة القومية الإسلامية مستغلا الدعم ألا محدود الذي وفره له التنظيم الدولي للإخوان المسلمون عبر موضة انتشار المصارف و البنوك الإسلامية حينذاك مثال (بنك فيصل الإسلامي) والتي لعبت دورا مقدرا في تخريب الاقتصاد الوطني السوداني حينما ما تحولت لمضارب رئيس ومحتكر للمحاصيل التي تمثل قوت الشعب السودان بل وتعدت ذلك إلي المضاربة في (التمباك) (كيف و وزنة رأس) فقراء السودان!!!.
كل ذلك من أجل مصلحة تنظيم الشيخ الجليل ، الذي أستمر في عمله الدؤوب من أجل تهيئة الظروف والمناخ الملائم لكوادر تنظيمه لتبوء المناصب القيادية و العليا في الدولة و القوات المسلحة والتجمعات النقابية (المعينة) ، مزيحا عن طريقهم بهدوء وذكاء الكوادر المايوية عبر الدس و الكيد و محكما بذلك قبضته الحديدية علي مفاصل الدولة وإمام المسلمين ورأس الدولة سادرا في غيه و غيبته الروحية تتقاذفه المساند والأضرحة ثمل بصوت الدفوف و أوردة المشايخ.
نخرت الجماعة البناء المايوي ومعه مؤسسات الدولة السودانية و تركتهما خراباً كما صرح بذلك الشيخ نفسه في معرض إجابته علي سؤال وجه له بعد انتفاضة ابريل المجيدة عام 1985م حول مشاركته في نظام مايو مبررا لتلك المشاركة بنص العبارة (شاركنا لكي نهدم البناء المايوي من الداخل) ولكن الذي لم يذكره الترابي هو إن أيادي الهدم الإسلامية قد طالت كل نواحي حياة الشعب السوداني واستمر هذا الخراب يلازم الوطن ملازمة الخل الوفي حتى الآن.
ما إن اقتربت نهاية دكتاتورية مايو و الذي تمرغ الشيخ في نعيمها ردحا طيبا من الزمان و التقطت قرون استشعاره الرادارية موجات الطوفان القادم حتى هب قافزا من قاربها بعد أن غربت شمسها و طار غرابها و في عنقه طوق النجاة الذي توفر له نتيجة لاستيقاظ الحس الأمني في دواخل الإمام المغيب في إحدى تجليات الصحو الذى تعتريه ، حيث أمر فجأة باعتقال كوادر الجماعة وأخلاء أروقة القصر الذي احتلوه من بخورهم و أحجبتهم و أودعهم السجن متوعدا إياهم بشر مستطير حين عودته من رحلة العلاج التي قصد فيها الولايات المتحدة الأمريكية ولم يعد.
و ما تشاءون إلا أن يشاء الله عاد الدكتاتور منفيا مستضعفا مستضافا في احد القصور الرئاسية التي و فرها له النظام المصري الذي رفض تسليمه ليحاكم علي جرائمه التي اقترفها في حق السودان و شعبه موقفا سجله الضمير الوطني السوداني و يحتل موقعا متقدما في ذاكرته التي تعودت من الأنظمة المصرية التدخل السافر في شئونه الداخلية و عدم احترامها لإرادته و خياراته الوطنية.
أما شيخنا الجاهز فلقد أوعز لكوادر الجماعة بممارسة هوايتهم التنظيمية المفضلة و هي ركوب أمواج المنعطفات التاريخية في السياسة السودانية وكدأبهم نفروا خفافا وثقالا فتحرك كادرهم في القوات المسلحة واقنع بقية الضابط للضغط علي القيادات من أجل التحرك واحتواء الموقف من غضب الشعب الثائر بدعوى الانحياز لصفوفه منعا للفوضى و إراقة الدماء وكانت دعوة حق أريد بها باطل فالغرض الحقيقي كان إحباط المد الثوري الجماهيري و من ثم إفراغ أهداف الانتفاضة وشعاراتها من مضامينها وضمان سلامة سدنة النظام السابق و جلهم من الإسلاميين.
اجل كانت هذه الحيلة من ابرع حيل الشيخ والتي بها ضمن لنفسه و لجماعته البقاء والاستمرار في الساحة السياسية السودانية ، فسرقت الانتفاضة و أهدافها و شعاراتها ومراميها بل و دماء شهدائها أمام سمع و بصر الشعب الثائر وأحزابه و منظماته المندهشة تنظر و تسترق السمع ولا تحرك ساكناً!!!
غلب الدهاء و سعة الحيلة التي تميز الشيخ ضعف و تردد قيادات الأحزاب السياسية الأخرى والتي لم تستطيع إن تحمي الانتفاضة ولا أن تحافظ علي وهج أهدافها رغم الجهد و العرق والدم الذي بذل طوال الست عشرة عاما من الإعداد والتخطيط لاندلاعها متيحا بذلك الفرصة للشيخ الترابي وجماعته من إعادة إنتاج النفس والتحليق عاليا بجناحي التنظيم (المدني و العسكري) لتحط علي رأس الحكومة الانتقالية مما سهل لهم الاستمرار في مخططهم الرامي إلي تعطيل المد الثوري لجماهير الانتفاضة والالتفاف علي أهدافها و مراميها ومن ثم الإجهاز عليها و نسفها بالكامل.
نفذ السيناريو المخطط له بدهاء بحذافيره أمام سمع ونظر أحزابنا الكسيحة وهي لا تحرك ساكنا إلا من دعوات وصرخات ظل يطلقها الحزب الشيوعي السوداني يدعو فيها الأحزاب لضرورة إيجاد ميثاق شرف لحماية الديمقراطية الوليدة من الردة وتغول سدنة النظام البائد والدفع بأهدافها قدما إلي مراميها وذلك بكنس آثار تلك الحقبة المظلمة من قوانين مقيدة للحريات وعلي رأسها قوانين سبتمبر 1983م سيئة الصيت ولكن قوبلت بآذان بها وقرا.
مرت فترة الحكم الانتقالي علي عجل (في خطوات تنظيم مكانك سر) وكأنك يا زيد ما غزيت !!! دون الالتفات أو الاهتمام بما رفعته جماهير الانتفاضة من شعارات دفعت ثمنها عرق و دم وشهداء أبرار. انشغلت أحزابنا ضيقة الأفق و قصيرة النظر عن أهداف الانتفاضة العليا وانصرف همها إلي الانتخابات القادمة متعجلة لمكاسب و امتيازات الفترة الديمقراطية التي طال الحرمان منها و اشتاقت القلوب و الجيوب إليها فدخلت لعبة (شد الحبل) الانتخابي متقطعة الأنفاس بعيدة عن (الفورمه) تعاني الترهل في أجهزتها السياسية والتكلس في هياكلها التنظيمية والتشتت في قواعدها الجماهيرية كنتيجة طبيعية لطول فترة انقطاع الممارسة السياسية الديمقراطية.
نواصل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.