حديث المدينة لجان الاختيار.. !! عثمان ميرغني رغم أن د.عبد الرحمن الخضر، والي الخرطوم أضاف اثنين من الصحفيين إلى عضوية لجنة الاختيار للخدمة العامة في الولاية .. لمزيد من الشفافية ومن باب أن (العدالة لا تتحقق حتى تُرى تتحقق) .. إلا أنني ورغم أني العضو الثاني في اللجنة فوجئت بإعلانات في الصحف تطلب من المتقدمين للوظائف الجلوس لامتحانات تحريرية في مختلف التخصصات .. حُدد لها قاعات موزعة في عدة جامعات ومؤسسات. الذي أحبط إحساسي بعدالة مثل هذا الإجراء.. أن هؤلاء الخريجين يحملون شهادات من جامعاتنا الوطنية المعترف بها .. وهذه الجامعات لم تقصر في امتحانهم من المستوى الأول حتى تخرجوا .. فماهو المغزى من إعادة امتحانهم مرة أخرى في مواد أصلاً يحملون شهادات تؤكد أنهم أكملوا مسيرتهم الأكاديمية فيها؟. مثلاً طالب تخرج في كلية الاقتصاد .. يحمل شهادة الجامعة التي تخرج فيها .. ما معنى أن يجلس لامتحان تحريري في مادة أو أكثر من المواد التي أصلاً يحملها في شهادته؟.. هل يعني ذلك أن الثقة في نزاهة أو جدية جامعاتنا صارت بهذه الدرجة التشكُكية عند مؤسسات دولتنا.. أشبه بالإعلانات التي تضعها بعض البنوك في داخل فروعها تنبه الزبائن إلى أن التعامل بجواز السفر السوداني محظور .. مالم يكن يحمل تأشيرة دولة أجنبية .. بمعنى أن جواز سفرنا لا يستمد شرعيته إلا إذا زكّته تأشيرة أو إقامة في دولة أجنبية!.. لا يجب أن يعيد المتقدم للوظيفة اختبار (الشهادات) إلاّ إذا كانت الجامعات نفسها هي محل الاختبار.. والأجدر أن يكون التسابق في (القدرات) .. والقدرات ليست صفة مطلقة يمكن معايرة كل الخريجين بمختلف تخصصاتهم بها .. فالقدرات المطلوبة في طلاب الآداب – مثلاً- ليست هي القدرات المطلوبة في طلاب كلية الطب .. وتعتمد أيضا على نوع الوظيفة المتسابق نحوها .. فوظائف للعمل في الإعلام - مثلاً – القدرات المطلوبة فيها هي بالضبط عكس القدرات المطلوبة للمتقدمين للعمل في جهاز الأمن .. طبيعة الوظيفة متناقضة .. الأولى تُوزِّع المعلومات والثانية تجمع المعلومات. في تقديري .. الأجدر في هذه الوظائف وضع درجات للمتقدمين .. مثلاً تاريخ التخرُّج .. فتكون الأولوية للأقدم .. ملاءمة الوظيفة .. مثلاً بعض الوظائف يتحتم وضع الاعتبار للجندر (ذكر/أنثى).. فإذا كانت الوظيفة مثلاً في مواقع صعبة وتتطلب العمل على مدار الساعة بنظام الورديات قد لا يكون مناسباً استيعاب الفتيات فيها.. وبعض الوظائف يتطلب (مهارات) أفضل .. مثلاً وظيفة تتطلب إجادة أكثر من لغة أجنبية .. تكون الأفضلية لمن يحمل لغات أكثر. بصراحة الأمر يحتاج إلى مزيد من الجدية .. ولا أثق حتى اللحظة في الأسلوب الديواني النمطي الذي تستخدمه لجان الاختيار (الولائية والاتحادية) .. وفي تقديري فيه ظلمٌ كبير.. ظلمٌ للخريجين وظلمٌ للحكومة نفسها لأن اضمحلال الثقة في لجان الاختيار.. يعني بالضرورة حجب الثقة عن الحكومة نفسها.. يا لجان الاختيار .. اتقوا الله في هذا الجيل (المكتول كمد) .. يكفيه أن الوظائف أصلاً غير متوفرة فلا تفجعوه في الموجود منها.. التيار