بشفافية يوغندي في طليعة الصحافيين الجنوبيين حيدر المكاشفي أنا قلباً وقالباً مع شاعرنا الكبير الملقب بأمير شعراء الشعر الغنائي ابراهيم العبادي طيب الله ثراه، حين قال جعلي ودنقلاوي وشايقي إيه فايداني، غير خلقت خصام خلّت أخوي عاداني، خلّو نبانا -نبأنا- يسري على البعيد والداني، يكفي النيل أبونا والجنس سوداني، ولهذا لم أكن أستسيغ إستخدام كلمة «جنوبي» إلا إضطراراً وفقط عندما يفرضها السياق، ومثلها أيضاً كلمة «غرّابي أو غرباوي» دعك عن «عبد-عب» هذه الكلمة القميئة والتي اذا شاء حظك العاثر ان يفلت لسانك بذكرها في حق أي شخص في حضرة الاستاذ تاج السر مكي طرف صحيفة «الايام» أو الأستاذة آمال عباس طرف صحيفة «الصحافة» فما عليك إلا أن تولي الادبار قبل أن «يمسحا بك الارض» أو أن تستحمل ما جناه لسانك، ولكن ما عساى أفعل إذا فرض علىّ المقام إستخدام كلمة «الجنوبيين» في محل «السودانيين» فاضطررت إضطراراً لقول «الصحافيين الجنوبيين» كما في العنوان أعلاه وللضرورة أحكام ولكل مقام مقال... والمقام كان هو ورشة تفاكرية حول التغطية الاعلامية لاستحقاق الاستفتاء المرتقب إحتضنتها قبل نحو شهرين مدينة جوبا حاضرة الجنوب بتنظيم من بعثة «اليونمس» ورعاية من حكومة الولاية وتحديداً وزارة الاعلام ووزيرها، وكان قوام الورشة الرئيسي واغلبيتها الغالبة يتألف من الاخوة والاخوات الصحافيين والاعلاميين من مختلف أنحاء الجنوب مع تمثيل أشبه بالرمزي لعدد محدود من صحافيين قادمين من الشمال كان شخصي الضعيف من بينهم، لست هنا بصدد برنامج الورشة أو ما دار فيها أو ما إنتهت إليه وإنما في معرض تذكر على سبيل الشيء بالشيء يذكر، فقد ذكرّني الخبر الذي يقول أن أحد الذين أدوا القسم كعضو من أعضاء مفوضية إستفتاء جنوب السودان يوغندي أصيل كامل الدسم، ولم يرد حتى الآن ما ينفي هذه الجزئية وإن صدر نفي عن بقية أجزاء الخبر الأخرى التي لا تعنينا هنا، هذا الخبر أعاد ذاكرتي إلى تلك الورشة وذلك الصحفي الذي لا يختلف شكله ولا محياه وملامحه عنا كسودانيين بصفة عامة وجنوبيين بصفة أخص ولكنه يختلف عنا كسودانيين من الشرق والغرب والجنوب والشمال بمقدار مائة وثمانين درجة في طريقة تحدثه باللغة الانجليزية أو ما يعرف ب «الآكسنت» «Accent، وقد كان ذلك مثيراً لفضولي زاده إثارة أنني اكتشفت أيضاً أنه لا يعرف أي «لغة-رطانة» خاصة بأهل الجنوب ولا حتى عربي جوبا الذي يعتبر القاسم المشترك الاعظم لكل قبائل الجنوب، فظللت «أتربص» به إلى أن واجهته بهذه الحقيقة، حقيقة كونه ليس جنوبياً فلم يجد مناصاً من الاعتراف بأنه يوغندي كامل الدسم ولم يأت الى الجنوب إلا قريباً.. أفهم أن يكون هناك صحفي يوغندي يعمل في صحيفة أو أي جهاز إعلامي بجنوب السودان كمهني فحسب، فليس لمهنة الصحافة حدود، ولكن لا يمكن فهم أن يكون من حق هذا الصحفي مثلاً الترشح في إنتخابات نقابة الصحفيين الجنوبيين والفوز بأحد مناصبها كأن يكون هو رئيس النقابة أو سكرتيرها أو حتى عضواً فيها، وبالضرورة لن يكون مفهوماً إختيار مثل هذا الصحفي ليشارك في مناقشة أمر مفصلي يتصل بمصير الجنوب ومستقبله كما هو الحال مع صحافينا هذا الذي كان يناقش في الورشة بحماس ويدافع عن خيار الانفصال بقوة حتى حسبته إبن أحد سلاطين الزاندي... إننا والله لا نعتبر جنوب السودان إلا جزء منا ونحن بعضاً منه في كل الاحوال -وحدة أو إنفصال- ولهذا لن نرضى له أن يسيطر عليه القادمين من دول الجوار إلى هذه الدرجة التي تستبيح حتى ما يمكن إعتباره شؤون سيادية... الصحافة