ترى القوى السياسية المعارضة أن مقترح الحكومة القومية هو الترياق الوحيد لإنقاذ البلاد من الانهيار والسقوط في الهاوية، وتؤكد أن الوحدة مع دولة الجنوب تمثل أشواق الشعبين، وأنها ستتحقق قريباً، هذه أبرز العناوين التي تحدث عنها الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي والناطق الرسمي باسم المعارضة كمال عمر في حواره مع «الصحافة» الذي أوضح من خلاله أسباب زيارتهم الأخيرة إلى دولة الجنوب، ونتابع في المساحة التالية إجاباته عن استفساراتنا وأسئلتنا. ٭ في البداية دعنا نسأل عن رؤية المعارضة للحكومة القومية، خاصة في ظل رفض المؤتمر الوطني وتأكيده استحالة الموافقة عليها؟ يبدو أن المؤتمر الوطني غير مستوعب لرؤيتنا حول الحكومة الانتقالية، فنحن لم نتحدث مطلقاً عن رغبتنا في المشاركة في حكومة «مركبها يغرق»، وهذه الحكومة الآن تترنح واستمرارها مشكوك فيه، وبالتالي حديثنا يكمن في ضرورة أن يكون هناك وضع انتقالي يتمثل في قيام حكومة قومية متفقاً عليها، وتختلف عن حكومة المؤتمر الوطني التي يجب أن تذهب، على أن تأتي حكومة جديدة بشراكة سياسية تضم منظومة الوفاق الوطني بما فيها المؤتمر الوطني والمتمردون، ولا بد من مشاركة الجميع في الجهازين التنفيذي والتشريعي في قومية لفترة اقترحنا أن تكون مدتها «30» شهراً يتم فيها التأسيس لبناء الدولة السودانية. ٭ وما هي مهام الحكومة القومية الأخرى؟ مهمتها الأساسية إيقاف الحرب، ومن ثم الإصلاح الاقتصادي والقانوني، وبعد أن ننجز هذه المهام تتم الدعوة لانتخابات عامة سيكون الفيصل فيها هو الشعب السوداني، لأنه صاحب الحق في اختيار من يراه مؤهلاً لقيادة البلاد. ٭ هل اتفقتم على من سيكون على رأس الحكومة القومية المقترحة؟ لم نحدد شخصاً ليكون على رأس الحكومة الانتقالية، وهذا الأمر ليس هناك مشكلة حوله، فوفق رؤيتنا القومية من الوارد أن يحدث توافق على أن يكون الحكم بالتناوب إلى نهاية الفترة الانتقالية. ٭ تتحدثون كثيراً عن ضرورة إزاحة المؤتمر الوطني وأنتم بعيدون عن قضايا حقيقية تهم البلاد مثل حلايب وأبيي؟ «رد بسرعة».. حلايب سودانية 100% ولا جدال حول هذا المر أبداً، ونحن في تحالف المعارضة لا يخالجنا شك حول هذا الأمر، ولا يختلف اثنان حول سودانية حلايب، وسنعمل على استعادتها من المصريين الذين يسعون إلى ضمها بشتى السبل. أما أبيي فهي من القضايا المعلقة عقب انفصال الجنوب، وكان المنطق والحكمة ان تحسم قبل الانفصال، وعلى أي حال الرأي الأخير لسكانها من دينكا نقوك والمسيرية والسودانيين الآخرين، فهؤلاء هم من يحددون بإرادتهم التامة مستقبل المنطقة، وذلك من خلال عملية الاستفتاء، وكما هو معلوم للجميع فإن أبيي صدر حولها تقرير خبراء وقرار من محكمة دولية، ثم أنها إذا ذهبت الجنوب ففي ذلك خير، وإن ذهبت للشمال أيضاً يكون ذلك خيراً، لأنها لا يمكن بأي حال أن تصبح عقبة أو شوكة حوت في خاصرة العلاقة بين البلدين، ونحن نتطلع إلى الوحدة بين السودان وجنوب السودان مستقبلاً. ٭ هل يمكن أن تصبح أبيي منطقة تكامل بين البلدين «السودان وجنوب السودان» مثلما همس بعض أبنائها من الجانبين بتلك الدعوة تلافياً للانزلاق إلى الحرب؟ هذا الاتجاه كان يمكن يكون لولا مقتل السلطان كوال دينق، فعقب موته تغيرت المشاعر والأحاسيس، ومن الصعب جداً في هذا الوقت أن يتم طرح مثل هذه المقترحات، وفي زيارتنا الأخيرة لتأدية العزاء في وفاة السلطان حاولنا تقليل الآثار السالبة للحدث الذي كان من شأنه أن يقود إلى مشكلة كبيرة بين دينكا نقوك والمسيرية والدولتين أيضاً، وهنا أشير الى أن ذهاب وفد المعارضة إلى الجنوب لم يأتِ من فراغ، بل كان الهدف منه الحيلولة دون تفجر الأوضاع في أبيي والحرص على استمرار العلاقة بين الدينكا والمسيرية، والبعض للأسف حاول تعكير الأجواء وذلك بإطلاق حديث عارٍ من الصحة حول زيارتنا، والإخوة المسيرية يعلمون جيداً أن هدفنا من ذلك كان تلطيف الأجواء، ولكن مثيري الفتنة يريدون خلاف ذلك، والإخوة المسيرية أكثر وعياً وإدراكاً لمرامينا الحقيقية من زيارة جوبا. ٭ اتهمت بالانحياز لصالح دينكا نقوك عقب مقتل الناظر كوال؟ كما أشرت لك سالفاً فإن البعض أرادوا إثارة الفتن، ونسبوا لنا حديثاً لم نقله أو نصرح به، وتم الترويج لهذه الشائعات المغرضة التي لا أساس لها من الصحة، وأربأ بنفسي من مثل هذه الاتهامات، ولا يمكن أن أقف مع طرف ضد الآخر، وأنا أكثر حرصاً على علاقتي مع الإخوة المسيرية الذين نكن لهم كل تقدير واحترام، وأقول للذين روجوا هذه الشائعات إن قيمنا وأخلاقنا تحول بيننا وبين الانزلاق في هذا المستنقع الآسن. ٭ الحكومة تصفكم بأنكم طابور خامس؟ الطابور الخامس وصف أمني أطلقته المخابرات الأوروبية إبان الحرب العالمية الثانية على بعض المتعاونين مع الأعداء، وأنا هنا أتساءل أي عدو اتعامل معه؟.. وكان يجب على الحكومة أن تقوم بتكريمنا ومنحنا أوسمة لأننا ذهبنا إلى الجنوب لمعالجة وتدارك أخطائها الكثيرة، ومن يتهموننا بذلك هم الطابور الخامس، فالدماء تهدر في الشمال فهل نحن بوصفنا شماليين نرضى بذلك؟ لا وألف لا. ٭ حول ماذا تتفق المعارضة وتختلف، خاصة أن هناك بعض الأحزاب تعلن رفضها المشاركة في الحكم ثم تشارك؟ المعارضة الآن موحدة وتتفق تماماً على أن هذا النظام يجب أن يرحل فوراً عن سدة الحكم، ولا يوجد حزب يتحدث عن بقائه، لكن اختلافنا يكمن في الوسائل التي يمكن أن تقود إلى زواله، مثلاً الجبهة الثورية حملت السلاح وهذا منهجها في التغيير، ونحن نختلف معها لأننا مع التغيير السلمي للنظام وذلك عبر الاعتصامات والمظاهرات الجماهيرية، وأيضا هناك أحزاب ترى أن التسوية مع النظام طريق ثالث قد يؤدي إلى ذهابه، وهؤلاء يعملون على تفكيكه من الداخل، ولكننا نرى أن الضغط على النظام عبر الاعتصامات والمسيرات هو الحل لقبوله طرح الحكومة القومية. ٭ البلدان الجاران يشهدان صراعات داخلية.. فكيف تتحقق الوحدة في ظل الأصوات الرافضة لها؟ أشواقنا جميعاً تهفو نحو الوحدة، ووقفنا على هذه الحقيقة خلال زيارتنا الأخيرة للجنوب، فقد وضح لنا أن الإخوة بدولة الجنوب ينشدون الوحدة ويتمنون أن يعود البلدان وطناً واحداً كما كان، وسنعمل جاهدين على تحقيق هذه الأشواق بغض النظر عن العقبات. ٭ هل هناك مخطط لتقسيم السودان؟ لا.. هذه فوبيا سياسية «ساكت»، لكن يمكن أن تتحقق في ظل نظام المؤتمر الوطني إذا اتبع سياسته التي يفرق فيها بين أبناء الوطن. ٭ هل هناك اتجاه لرأب الصدع بين الإسلاميين؟ بعض الناس تتملكهم هذه الأشواق، لكنها تصطدم بالراهن الماثل أمامنا والواقع المعيش، وهذا الواقع لا يمكن أبداً أن يسهم في الالتقاء بيننا وبين المجموعة الحاكمة، فهؤلاء نختلف معهم في المنهج.. فهم لا يؤمنون بالحرية، ونحن بعد المفاصلة وتجربتنا معهم نؤمن بالحرية، وهي مقدمة حتى في عبادة الله، ونؤمن بالشورى، والمؤتمر الوطني «ما عنده حاجة اسمها شورى»، ونحن نؤمن بالعهود والعقود.. لكن المجموعة الحاكمة معروفة بنقض العهود.. وباختصار «نحن شايفين نفسنا الحركة الإسلامية الوحيدة». ٭ ما هي تأثيرات الحروبات الدائرة في أنحاء مختلفة من البلاد على المواطن؟ نعم هناك تأثيرات سالبة جراء ذلك لا حصر لها، ومن يقطنون في معسكرات النازحين لا يعرف عددهم فكل يوم تتضاعف معاناتهم، والحكومة ترفض الاعتراف بأن الحل يكمن في الحوار من أجل هؤلاء النازحين والمتأثرين، و «تضاري» إخفاقاتها الكثيرة بعدم السماح بإقامة معسكرات جديدة، وإذا كانت لا تريد فتح معسكرات للنازحين فعليها أن تسعى لإيقاف الحرب. ٭ حكومة الجنوب أيضاً تعاني من مشكلات داخلية؟ في واقع الحال نجدها تتجه نحو المصالحة مع كل معارضيها عبر خطة كبيرة ووطنية، وهذا ما اطلعنا عليه أخيراً، وهذا في حد ذاته يعد عملاً جيداً وأفضل من سلوك حكومتنا، وفي الجنوب فصيل مسلح واحد يتبع لديفيد ياو ياو، وبالتالي فإن حكومة الجنوب اتبعت أسلوباً أفضل من أسلوب حكومتنا في تسوية ولملمة الجراح، فهم يتجهون نحو الديمقراطية بقوة، وهناك تطور ملموس في هذا الاتجاه. ٭ هل تعتقد أن أفضل السنوات التي مرَّ بها السودان هي فترة اتفاقية السلام؟ لا، لم تكن الأفضل، فقد كنا فيها متوترين لدرجة شديدة، وكانت مثل الهدوء الذي يسبق العاصفة، ولا أعتقد أنها كانت فترة جيدة وليست الأفضل في تاريخ السودان، واعتقد أن افضل الفترات التي مر بها السودان كانت بين «1964 1969م» التي كان يتجه خلالها السودان نحو ديمقراطية حقيقية. ٭ هل نتوقع أن يكون ترسيم الحدود سبباً للخلافات بين السودان ودولة الجنوب؟ الأرض لن تكون سبباً في الحرب بين الدولتين، نعم هناك مناطق بالحدود مختلف عليها، وإذا تحسن مناخ الدولتين ستسير الأمور بصورة طيبة إلى أن تتفقا حول كل القضايا العالقة، والحل يكمن في التطبيع الكامل للعلاقات بين الدولتين. الصحافة