تراسيم بطيخة للسيد الوالى !! عبد الباقي الظافر [email protected] توقفت مساء الخميس الماضى امام باب منزل والينا عبدالرحمن الخضر ..الديار محروسة ..اكاد اجزم ان عدد الذين هم بالخارج اكثر من سكان البيت .تلك ليست قضيتنا اليوم ..قدمت نفسى ثم سالت رجال الوالى ان كان بامكانى ترك هدية متواضعة للسيد الوالى ..رأيت الاندهاش على وجوههم وانا اترك بين يديهم بطيخة من الحجم المتواضع ..كبيرهم قال لى ان من الواجب اعادة فحص الهدية ..المهم تركت بطيخة الوالى التى لها قصة عند حراسه . فى يوم عرفة توقفت فى امدرمان لشراء بطيخة ..اردتها هدية لأهلى بالشمالية ..صاحب البطيخ تعزز واوصل سعرها الى عشر جنيهات ..مفاوضات شراء البطيخة انتهت ال لا شىء ..حالها كحال قضيى ابيى التى ابكت المبعوث الامريكى غرايشون . فى طريقى الى اهلى عبر شريان الشمال لمحت اكوام من البطيخ وبعض قطعان الخراف ..لم اتجرأ واتوقف لشراء بطيخة فى موسم الشتاء ..ابن عمى الذى اعقبنى جاءنا محملا بعدد كبير من البطيخ ..سعر الواحدة جنيها واحدا ..بالضبط عشر ثمنها فى امدرمان ..ربما نتجادل ونقول ان حجمها صغير..المهم سعرها يقل كثيرا عن مثيلاتها بالخرطوم ..لونها احمر وطعمها لذيذ . عند عودتى ازداد اصرارى على شراء بطيخة للسيد والى الخرطوم ..البائع الذى تجاوز السبعين عاما بدأ مهمة اقناعى بأن اقبل بطيخته بجنيهين ..مزرعته لا تبعد عن امدرمان الا بثمانين كيلومتر ..كل مافعله الشيخ السبعينى انه غرس البذرة ثم تركها ..عليه ان يحمد الله ليست هنالك شركة سودانية لزراعة البطيخ ..لهذا حاله افضل من رصيفه الذى زرع قطنا فى الجزيرة المروية . وراء البطيخة قصة حزينة ..سكان هذه المناطق من اهل البادية ..يتحركون وراء السحاب ..ينشدون مرعى جيدا لانعامهم ..عندما تسخو السماء يرمون فى التربة بما فى ايديهم .. يبيعون خراج الارض فى مكانه ..السياسات الحكومية تجعل سعر البطيخة يتضاعف بين امرمان وضواحيها..هؤلاء المزارعون الفقراء ليس بوسعهم دفع الجبايات والاتوات والمكوث . سأحاول مع السيد الوالى اشعال شمعة بدلا من لعن الحكومة ..على بعد اميال قليلة من هذه السهول الخصبة يوجد سجن الهدى ..وحول هذا الوادى توجد مجاميع عربان متفرقة .. الكهرباء تشق البقاع فى طريقها الى الخرطوم ..المطلوب من حكومة الولاية اقامة مزارع تجريبية ..لا نطلب من حكومتنا لأن تتحول الى مزارع فقط نريد منها ان تقدم نموذجا جيدا . هنالك اكثر من نموذج يجعلك عزيزى القارىء تبكى فى العيد ..المال العام يبنى فى هذه اللحظة مصنع دواجن كلفته بضع وثلاثيمن مليونا من الدولارات فى خلاء منطقة كورتى التاريخية ..المال العام يجعلك تشرب قارورة ماء تنتج فى مروى ثم ترحل مسافة ثلاثمائة كيلومتر الى الخرطوم ..والمال العام لا يقدم شئا لالاف الاسرة التى ليس لها وطن غير البدواة والترحال . فى احيان كثيرة المستثمر يريد ان يرى اكثر ممايسمع ..بأمكان ولاية الخرطوم وشقيقتها الشمالية وادارة سجن الهدى ان تجعلنا نأكل بطيخا فى عز الصيف