عبدالقادر [email protected] لا يدري الطبيب البيطري السابق عبدالرحمن الخضر انه قد اساء لدولته الرسالية بأكثر مما اصابها من فضيحة نشر الشريط المأساة ، فالرجل الذي ترك مهنته في تربية ( الفراريج ) ليولي نفسه - خجًا ورجًا - حاكما على اكثر من عشرة مليون نفس بشرية بولاية الخرطوم ، لا يعرف – من فرط رهطه الذي تحكي عنه محياه – انه قد اهدانا عيوبه وعيوب نظامه العدلي والقضائي التي ظللنا نحكي عنها في طبق من فضة . في العام 1992 ، واثناء قيام الشيخ الترابي بالقاء محاضرة عن ( حقوق الانسان في الاسلام ) في احدى القاعات بالعاصمة البريطانية لندن ، قطع صديقي المحامي عبدالباقي عبدالحفيظ الريح - والذي كانت ساقه اليمنى قد بترت بكاملها نتيجة تعذيبه في بيوت الاشباح باجباره على الوقوف في ليلة شتاء باردة على برميل وضعت عليه الواح من الثلج – قطع عبدالباقي حديث الترابي برفع ساقه الاصطناعية ، لتشهد على ماهية حقوق الانسان في اسلام دولة الانقاذ ، فارتبك الترابي وانهى المحاضرة وخرج ، وحين حاصرته – فيما بعد - اجهزة الاعلام الغربية بالسؤال ، قال لهم : لقد تأكدت من المسئولين بالخرطوم ان المحامي عبدالباقي مصاب بسرطان في ساقه وانه لم يخضع لاي نوع من التعذيب . طافت بذهني هذه المهزلة الانقاذية وانا استمع لشريط والي الخرطوم وقد انتفخت اوداجه – رغم اني لا اعلم موطن الاوداج من الرجل – وهو يقول ان الفتاة الضحية حوكمت في جريمة ( زنا ) بعد ان تم القبض عليها في وضع شائن مع خمسة اشخاص آخرين – من فرط رحمة الوالي قال عنهم فلان وفلان وفلان دون ان ينطق باسمائهم – ثم مضى يقول ان الفتاة حوكمت في القضية بالجلد 80 جلدة (تعزيرا) بحسب تعبيره ، ثم عرج لحديث الدين ، بعد ان نسى كلامه فقال هذه جريمة حدية وقد امر بها الله حين قال \" والزاني والزانية ... الى آخر الاية الكريمة \" ثم استرسل يقول \" المقصود من تطبيق العقوبة الحدية هو تطهير النفس من الذنوب ولذلك من الضروري ان يشهد عذابها طائفة من المؤمنين \" فيما امسك فضيلته عن توضيح العلاقة بين تطهير النفس وحضور طائفة المتجمهرين الذين حضروا جلد تلك الفتاة من غير المؤمنين. . الوالي البيطري ، تنقصه الفصاحة والمقدرة على التعبير عن فكره – ان وجد – بلغة دارجية سليمة ، وليست هذه بمشكلة ذات بال ، بيد ان المشكلة الحقيقية ان يتلبس الوالي عباءة الخبير في الشريعة والقانون وهو لا يجيد حتى تلاوة الاحاديث المشهورة ، فالجميع يعلم ان الفتاة لم تحاكم بجريمة زنا ، وقد اكد ذلك – دون علم منه - الوالي نفسه ، حين قال بانها جلدت (80) جلدة تعزيرا لمخالفتها قانون النظام العام ، والحمد لخالق السموات والارض الذي جعل من الشريط الفضيحة سببًا للناس لتعرف جرائم الحدود وشروط اقامتها ومسقطاتها ، فجريمة الزنا من الجرائم التي ( يستحيل ) اثباتها ، ولا حاجة بنا للخوض في مسائل معلومة ، بيد ان المثير للسخرية ما ورد في حديث الوالي حول وجود الفتاة مع خمسة اشخاص آخرين ، ولم يوضح – لعله بدواعي الستر – كيفية ارتكاب جريمة زنا من ستة اطراف ، فهذه (فبركة) قانونية ، ولكن ، ما بال الوالي يريد ان تشهد ( فبركته ) طائفة من المؤمنين ، وما دخل المؤمنون بعذاب امرآة – حتى بافتراض صحة الادانة –خالفت قانون الارض لا قانون السماء ؟ ولان الوالي يعلم ان الشعب السوداني لا يأمن مكرهم ، حشد صحيفة سوابق نسبها للفتاة المسكينة ، ووصفها بانها كلها جرائم اخلاقية ودعارة بحسب تعبيره ، دون ان تكون لتلك الجرائم – ان صحت - علاقة بموضوع الفيديو الفضيحة ، ودون ان يكون للفتاة او من ينوب عنها الحق في الرد على ( مزاعم ) الوالي في حقها . يقول الوالي ، ان الفتاة حوكمت بعد خمسة ايام من تاريخ فتح البلاغ لدى شرطة امدرمان ، وقد جرت المحاكمة بتاريخ 24 فبراير 2010م ، وتم تنفيذ الحكم في نفس اليوم بساحة المحكمة ، ولا اود الحديث عن مصير المتهمين الخمسة الذين اشار اليهم الوالي في حديثه ، فهذه نقطة ضعف تحاشى الفقيه الوالي الحديث عنها ، بيد ان ما يفضح النظام القضائي للانقاذ ، هو لماذا سارعت المحكمة بتنفيذ عقوبة الجلد فور النطق بها ، ولماذا حرمت المحكمة المحكومة من استئناف الحكم ؟ و قد يقضي الاستئناف بابطال الحكم او بالغاء العقوبة او استبدالها بعقوبة اخرى . والي ولاية الخرطوم – بحكم منصبه – حرص على تبرئة شرطة النظام العام وشرطة ولاية الخرطوم التابعتان له اداريًا من مسئولية تنفيذ الجلد ، فدفع بالجرم بعيدا عنه لشرطة المحاكم التي تتبع السلطة القضائية ، وهو حديث لا ينقص من حجم الفضيحة ان لم يزدها لهبا ، فالفتاة التي لهبت السياط جسدها لا فرق لديها ان جادت بها شرطة المحاكم او الشرطة الجمارك، فكلها شرطة الانقاذ . ان حديث الفقيه الوالي حول سمعة الفتاة ، يتسق مع نهج الانقاذ في التلفيق والتشويه بغير واعز من اخلاق او ضمير ، فبموقع سودانيز اون لاين ، تطوع احد فتية الانقاذ ، فالصق بالفتاة تهمًا اخرى غير تلك التي قال بها الوالي ، وقال انه تحصل على تلك المعلومات – حول التهم - من مصادر رسمية ومؤكدة ، فذكر بأن الفتاة سبق محاكمتها بجرائم تتعلق بتوزيع حبوب منع الحمل في اوساط الطالبات الجامعيات ، وتوزيع الواقي الزكري لطلبة المدارس . ولا حول ولا قوة الا بالله . انه حقًا الشريط الفضيحة . سيف الدولة حمدناالله عبدالقادر [email protected]