محمد عبد اله برقاوي [email protected] قاموس اللغة العربية..ملىء وزاخر بالأمثلة التي تنم عن الحكمة وتحض عليها ..وفيها ما ينهي ايضا عن التهور او ماهو مصوب للسخرية أو التندر أو الفخر الي الخ.. فيما ترجمت كثير من الأمثال الي اللهجات المحلية العربية وفقا لطبيعة تفكير كل مجتمع وتنوع ثقافاته..فتجزأت الأمثال بالتالي عندنا هنا في السودان تبعا لتنوع البيئة ..من مكان الي مكان.. وكثير من الناس ربما يستخدمون الأمثلة في غير مكانها أما لانهم اخذوها من زاوية منطوقها الشكلي فقط ولم يتوغلوا في مضمونها الحقيقي وموداها البعيد واما انهم لم يجتهدوا للوصول الي ذلك من الأساس.. فتجد من يستخدم المثل الذي يقول ( الفايق الهم بزمو ) في غير منطوقه ومعناه بتحويره بعيدا عن فكرته الأصلية ..مثلما يستخدمون مثل ( البجنن بوبي )..وهو يعود الي قصة مقزعة من النوع غير القابل للنشر.. أو تحوير المثل القائل ( لا بريدك ولا بحمل فيك ) كناية علي تأثر المراة التي هالها ضرب زوجها التي اشتكته للقاضي وأمر بجلده.. بيد انه من المفارقات الملاحظة اخيرا.. انتقال استخدام الأمثلة قي قاموسنا السياسي التي اصبحت ظاهرة تشيء بان القصد من ذلك الاستخدام هو غرض الاستخفاف بالخصم في غياب منطق الدفوع الوطنية المتأصلة والرؤي السياسية الحكيمة والروح التنافسية الصافية..فتحول حيال ذلك صراعنا السياسي من قضايا عامة يفترض تحييد المشاعر الشخصية حياله..والبحث في قاموس الفهم العام للتعاطي السياسي دونما استخفاف أو استهزاء بالأخر لاسيما من قبل من هم علي سدة الحكم ..ولكن و خلال فترة حكم الأنقاذ الاخيرة جرت مياه كثيرة تبدلت فيها أدبيات أهل الحكم في مخاطبتهم لخصومهم مستخدمين منابر الدولة الرسمية وأجهزة اعلامها لتمرير اجندة التحقير والتحدي. وتحويل المسألة الي شأن خاص.وهو نهج لم نسمعه من ابائنا الحكام من قبل الذين اتسم لسانهم بالعفة وخطابتهم بالأدب الرفيع.. والجاذبية الممتعة.. فكانت مناظرات الأزهري وزروق من جانب .. و المحجوب ودريج من جانب علي سبيل المثال لا الحصر سياحة في اللغة والبلاغة تنعشك بقطرات حلاوة المنطق فيها وان اختلفت مع فكرة ناطقها.. ولكن ومنذ مجي الانقاذ بدأنا نسمع أمثلة من الحكام علي كافة مستويات قيادات الدولة والحزب الحاكم ..مثل..( الزرعنا يجي يقلعنا ) او وصول غيرنا الي الحكم ( لحسة كوع ) وغيرها من الأمثلة.. وبالأمس حينما أحس الناس لاسيما الكتاب الذين تحركت أقلامهم في سعيها لحث الحكومة التي هي مسئؤلة امام الله وامام الوطن وشعبه لايقاف كارثة الانفصال التي ستقود الي تفتيت البلاد مستقبلا لامحالة..وهم نفر من كرام القوم لهم من الحس الوطني ما يفوق الحكام والسياسين الاخرين..سواء الذين يكتبون من داخل الوطن أو يصرخون من خارج الحدود..الا انهم وبكل اسف وصفوا من قبل أهل الحكومة والحزب بانهم يغردون خارج السرب وان ما يكتب ويقال ( ناموسة ) في أضان فيل..و قال احدهم ( الجمال ماشية ..والكلاب تنبح ) واخر ما قاله الدكتور نافع..الذي عرف..بعدم الدبلوماسية والكياسة في مخاطبة الأخرين حتي في المؤتمرات الصحفية المنقولة للعالم والتي تتطلب قدرا من ضبط النفس وانتقاء عبارات الردود ..ان قال حيال دعوة المعارضة لتشكيل حكومة وطنية موسعة لترتيب البيت الشمالي بعد الانفصال و تدبير الوسائل المثلي لحلحلة بقية المشاكل العالقة مع الجنوب ورسم خارطة لمستقبل العلاقة البينية ..وسد الذرائع ايضا أمام مغريات المطالبة بتقرير المصير من اطراف اخري.. وبحكمة وطنية جماعية لا وفق رؤي احادية الجانب بعدما اثبتت الوقائع ان تلك السياسات الأقصائية التي انتهجت اسلوب اضعاف الاخرين وتقسيمهم للانفرادبالقرار السياسي في الشئون الوطنية الحساسة انما ادت الي كل الكوارث التي ينبغي علي الجميع لملمة شتاتهم للحيلولة دون انتشارها وتفاقمها..حماية للوطن لا لفئة بعينها او لحزب في ذاته وصفاته.. فووجهت تلك الدعوة بسخرية عبر عنها نافع في المثل القائل ( حلم الجعان عيش ) ولست ادري ما الغضاضة في ان يحلم الجعان بالعيش اذ هو يري غيره من منسوبي الحزب الحاكم والحكومة... مستأ ثرين بلحوم الكتف و تحلية الباسطة وخلاصة الضرع من حليب الدولة ومشتقاته ..ومثلما يستخدم اهل الحكم الأمثلة نقول لهم بذات المنطق المثل الذي يردده أهلنا في الغرب .. ان ( أم جركن لاتأكل خريفين ) بمعني ان الجرادة تعيش موسما واحدا تشبع فيه ثم تترك الساحة للتي تأتي بعدها وهو تداول .. فهمته حتي الحشرات الحقيرة وطبقته امتثالا لامر خالقها بعدم تجاوزه.. فمال البشر الذين وهبهم الله العقل رفعة عن بقية الخلق لايمتثلون اقتداء بالجرادة التي لو عرضوا عليها العقل لرفضته باباء لما شهدته من ظلم الانسان للانسان بقول اللسان في غياب أو ان صح التعبير التغييب المتعمد للعقل.. فان كنتم جمالا .. حقا.. فاقروا بمسئوليتكم..واعترفوا بان الشيلة اصبحت ثقيلة عليكم .. فارتاحوا وريحونا.. فلسنا كلابا تنبح و تتبع مسيرتكم الفاشلة نحو المزيد من الفشل و مانقوله باصواتنا ونكتبه باقلامنا وندعو له بعقولنا هو من قبيل اضعف الايمان الذي يحض علي الفعل الأقوي ان ابيتم..لنتلاقي نحن وشعبنا من جانب وانتم وكبرياءكم من جانب اخر في السوح التي شهد ت صرع الانتفاضات لطغاة قبلكم ..و سنقول لكم وقتها وبالمثل القائل ايضا ( الحشاش يملاء شبكته ) والله المستعان وهو من وراء القصد..