رأي الورقة السوداء د. دفع الله أحمد دفع الله: ما ندلي به هنا هو من حق ذاكرة الوطن وهي شهادة لله وللتأريخ. نعلم ان القائمين بالامر لا يجمعون بين الاستماع الينا واهوائهم لان ذلك يتعذر على البشر لكل ذي بصر، ولقد مرت «الورقة السوداء» بدون ان يعيرها المثقف السوداني او المواطن اي التفتات بل ظنوا انها خارج خطوط الملعب الرأسية والافقية، والآن جاءوا بما هو شبيه لها بل اضعف ولا يمكن تطبيقه وفي الزمن غير المؤاتي. نعلم الآن ان الانفصال اضحى حقيقة ماثلة وهو كذلك هلال للرائي عند التوقيع على نيفاشا حينما كان الداعي للتوقيع هو مكاسب للنظام لا للوطن فالوطن لا يستفيد من تغير وسائل الصراع بل يستفيد من السلام الحقيقي ومن الوحدة. وقد كان الانفصال قمر 41 عندما قلنا ان الانتخابات اذا جاءت بالمؤتمر الوطني والرئاسة للبشير فان ذلك يعني الانفصال، ولكن الناس والقوى السلطوية طرحت في الاعلام الا علاقة بين فوز البشير ومؤتمره وبين الانفصال، وعندما قلنا لهم دعوا الحركة تحكم لاربع سنوات بالتراضي في شخص ياسر عرمان قالوا هذه بدعة ما سبقكم عليها احد من العالمين كيف يحكمنا ياسر عرمان. قلنا لانه اولا يمثل الحركة وثانيا يرتضيه الجنوب وثالثا لا يجد المسلمون حرجا في التصويت اليه لانه مسلم ولا يجد العنصريون الشماليون حرجا في تقديمه لانه شمالي قالوا ان فقدان السلطة يعني محاكمة جنائية للطاقم الذي يحكم، قلنا ان الضمانة الحقيقية لاسقاط المحكمة هي الاجماع الوطني ونحن سنكفل ذلك الاجماع اذا تنازل البشير للحركة ولياسر. سمع الكلام سلفاكير والذين يجالسونه ويحشون رأسه الانفصالي بآيات من الذكر اللئيم فسحب ياسر عرمان من السباق وكفى المؤتمر الوطني مؤنة ان يرفض العرض الوطني الاتحادي. لذلك انسحبنا واليوم يقولون ان ماذا فعلتم للوحدة، ان معركة الوحدة تبدأ اليوم لانجاز الوحدة وذلك بالدفع بقوى الوحدة في الشمال والجنوب لتحكم فلم تُبق الانقاذ لوحدة السودان املا، بل ان الانفصال قد اصبح قمر اربعتاشر لمن في اذنه صمم وفي عينيه غشاوة. المعركة الآن لا تعرف الا اقصاء من كان سببا وليس في جعبته بديل او حل لأزمة السودان الحارقة والمفرقة والمؤتفكة، اعذروني الآن لو قلت ان الانقاذ لم تبق لنا الا ان نقصيها، ولن نقبل ابدا ان نلعب معها في ملعب ديمقراطيتها التي تفصلها على جسدها الواهن.. وان خيارات الوحدة لنا نحن الاتحاديون الجدد تبدأ من الشمال، وقد سرني الخطاب المصري الذي وجهه اعلام السلطة بمهاجمته للنظام السوداني لاننا كنا ننتظر من المصريين ان يفهموا ان السلطة في السودان تحت امرة الاسلاميين لا يمكن ان تكون حليفا لوحدة وادي النيل وعليهم الآن ان يبحثوا فيما لا يحبون ان يبحثوا فيه وهي دهاليز الشعب السوداني لا السلطة السودانية ، فالاسلاميون لا يمكن ان يكون في قاموسهم تصور لوحدة لوادي النيل بحكم معتقدهم السياسي ولانهم حلفاء لاعداء النظام المصري الاساسيين ولانهم يشعرون ان التعامل مع الجنوب هو الذي افقدهم مشروعهم وغيبهم عنه وهم الآن يخشون مصر ان تضيع لهم ما تبقى من مشروع فلا امن الوطن او وحدته او تنميته تهمهم ولا امن مصر ولا بقاؤها وعودتها الى قادتها وعروبتها تهمهم بالضرورة. اقول سررت لان الصفعة التي وجهها خطاب البشير في القضارف لمصر السلطة ستعيد اليها صوابها وبسرعة لم تكن في الحسبان، على مصر ان تلملم اوراقها وان تعيد حساباتها الفاشلة دائما تجاه السودان وان تكف عن ايذاء الشعور الوحدوي لدى الشعبين والا تستعمل هذا التوجه الحضاري لمصالح ضيقة، على مصر ان تقودها الثقافة والحضارة وهي غنية بهما وان تترك سياسة رزق اليوم باليوم والجري وراء الاحداث فهي مؤهلة لان تصنع الاحداث ونحن مؤهلون لحمل المشعل الذي يضيء الطريق الى القاهرة والخرطوم، ان سقوف الوحدة تحددها المصالح لدى السلطتين ، وان سماء الوحدة هي السقف المفتوح لشعب البلدين وذلك لو تصدقوا هو ما يجذب حتى الانفصاليين في الجنوب لهذه الوحدة فاذا لم تستطع مصر ان تلعب دورها ولم تستطع ان ترد العدوان عليها منفردة ولم تستطع ان تحارب معركتها الحضارية والامنية والقومية والاقليمية بذاتها، واذا لم تستطع في شمال السودان ان تحافظ على استقلالنا الذي جاء رغم التشوهات كاملا غير منقوص في جنوبالوادي واذا لم تستطع ان تحقق التنمية التي تفيدنا ومصرنا ايضا، فانه من الغني عن البيان ان دويلة جنوب السودان سوف لن تستطيع حماية نفسها وان جاءت ب Black Waters وبني صهيون ليصنعوا لها الخمور ويسكروها ليستعيدوها ولن تستطيع ان تطعم شعبها ولن تستطيع فوق ذلك ان تسكت صوت الوحدويين الذين سنعمل معهم بكل الوسائل لاعادة وحدة السودان حتى لو اراد الذين تعلموا تحت اقدام سادتهم اللئام ان يمزقوا السودان ويخربوا بيوتهم بايديهم وايدي الامريكان، ولن تستطيع تلك الدويلة ان تعتمد على نفسها او تعلم ابناءها وبناتها الذين وضعت في افواههم الكلمات الحاقدة، فالسودان والشمال لا يعني اليوم وفقد الرأي العام الذي صاغته الحركة الشعبية غير العبودية ولا يحملون له من ذكريات او مشاعر سوى البغضاء والحرب العنصرية وغير ذلك. لم يخطر على بالهم معاناة اخوانهم الذين عاشوا في الشمال فهم بالنسبة لهم سجناء او طابور خامس وقد بدت البغضاء ضدهم، نحن بذلك ننبه الى اننا لا نبرر للانقاذ ما فعلت فقد كان التوقيع على نيفاشا او تقرير المصير من المحرمات على كافة الحكومات وهو امر للبلد وللمواطن وللشعب وللتأريخ ، فان حمله بعض من اعضاء حزب ضعيف الايمان بحدود الوطن فان هذا الفعل لا يمكن ان يمر مرور الكرام على تأريخ هذا الوطن ناهيك عن ان يحتفل به البعض احتقارا للوطنية وللسودان ولتأريخه ولشعبه العزيز المتنوع العظيم الصابر المظلوم وان كان في يديك القلم فلن يكون في يدك القدر وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب سينقلبون. نحن سنبدأ الوحدة من الشمال وسنسعى لوحدة وادي النيل الذي يضم مصر والشمال والجنوب ثم سنسعى لاحتضان اخواننا في القرن الافريقي وحتى البحيرات نحن العملاق القادم وما فعلته نيفاشا والشريكان اللذان اختصما هو ان جعلا هذه الوحدة ممكنة وراجحة وقادمة وجميلة وليست مستحيلة. الاتحاديون الجدد * بروفيسور مشارك جامعة الزعيم الازهري الصحافة