الخلاسية الفاتنة ..! منى أبو زيد [email protected] الاستلاب هو أن تصبح شخصاً آخر .. منسلخاً عن ذاتك .. خاضعاً لتأثير الآخر .. بعيداً ونائياً عن ثقافتك المحلية .. مخلصاً باستماتة لثقافة غريبة وافدة .. فالنخبة المستلبة في أي مجتمع هي العقبة الرئيسة التي تعيق حركات الخلق والتغيير ..! عزيزي القارئ هل تنشد صورة حية من صور الاستلاب الحضاري/السياسي/الاجتماعي/الثقافي في الصحافة العربية المعاصرة ؟! .. احرص إذن على مقالات الكاتب عبد الرحمن الراشد – بصحيفة الشرق الأوسط - مع فنجان قهوتك ..! كلما ارتفعت وتيرة الأحداث في السودان انبرى الرجل ممارساً هوايته المحببة في التعبير عن كراهيته – غير المعقولة – ل نظام الخرطوم .. ولا بد أن يعرج على ذكر مثالب الرئيس البشير، عدو أحبائه وأعزائه ..! فالمحكمة الجنائية الدولية لن تجد محامياً أشطر من الراشد ليكتب عن عدالتها وليشجب ويندد بانتهاك حقوق الإنسان كلما ذكر البشير والسودان .. غاضاً الطرف عن فظائع الآخرين، الذين لم تصعر لهم قواه الخارجية الحبيبة خدها بعد ..! كتاب الغرب معذورون – على الأقل – لأنهم لا يكيلون بمكيالين ولا يطففون في موازينهم الصحفية فهم إما معزولون أو مغرر بهم أو أصحاب أجندة صريحة .. أما السيد الراشد فهو لا يستحي أن يضرب مثلاً بالسودان، وهو يصفق لانتهاكات حقوق الإنسان التي تجوزها شريعة الغاب الدولية – في غيره - مهللاً لفرماناتها كل صباح ..! يوم أمس كتب الراشد وأخيه (الكاشف) ذات المقالين المعتادين في سلسلة الأجندة المرسومة سلفاً - دعك من مقال الحميد – وانظر ماذا قال الراشد مخاطبا العرب .. يجب عليهم وعلينا الاعتذار للجنوبيين لأننا لم نفهم قضيتهم .. والاهم أن تستبعد عقولنا – تماما – نظرية المؤامرة لأن فيها إهانة لشعب الجنوب .. (فدعم الأجنبي لهم لتحقيق انفصالهم – بحسب منطقه - لا ينبغي أن يكون هو القضية) ..! الحديث عن المؤامرة في انفصال جنوب السودان والدلائل المؤكدة لها موجودة في أضابير التصريحات الرسمية الموثقة للجنوبيين .. والمتآمرين ولا حاجة بنا إلى تكرار ما يدركه كل عاقل، حر ..! لكن من قال للأستاذ الراشد أن ثبوت فعل المؤامرة ينفي إرادة الانفصال ؟! .. فالذي يفهم قضية جنوب السودان حقاً، يعلم جيداً أن الحديث عن المؤامرة لا يستهدف إرادة الجنوب بقدر ما يستبكي المجتمع الدولي على فرص الوحدة التي أضاعتها المؤامرة ..! حسناً .. الرجل لا يعرف شيئاً عن تركيبة الشخصية السودانية المعقدة ولا يكترث – بالطبع - لمأساة النخب السياسية في هذا البلد، لكنه محق في حديثه عن مبدأ الاعتذار .. على العرب أن يعتذروا ليس لجنوب السودان بل لشماله الذي - يدعي ويدعون انتمائه إليهم ومع ذلك - لم يكلفوا أنفسهم عناء تأكيد ذلك الانتماء الهلامي في مواقفهم من قضاياه ..! قبل الجنوب وبعده، نحن لسنا عرب .. ولسنا أفارقة، نحن سودانيون .. وفخرنا الحقيقي ينبغي أن ينصب على برزخيتنا الجغرافية وخلاسيتنا الإثنية، تلك الهوية الخلاسية هي – وحدها - مبعث تفردنا، وهي طريقنا إلى المجد ..! عن صحيفة التيار منى أبو زيد [email protected]