قبل ما يزيد عن ثلاثة سنوات كانت قوات جبهة شرق السودان تعبئ أمتعتها و متعلقاتها البالية إيذاناً بمغادرة ميدان الكفاح المسلح الذي إجترحه مؤتمر البجا .. كانت عربات سلاح النقل التابعة للجيش السوداني حاضرة بأريحية الاتفاق الذي وقع في اسمرا .. ثمة لباس كاكي جديد انتظم به الجميع لم يخفي ببراعة كافية الوجوه التي عفرها التراب ليرقد الوسخ على الوجوه آمنا مطئناً ... كنا نماذح ونضاحك بعضنا بعضاً إعتباطاً بسلامة الإياب في رحلة احتضان الأهل والأرض الطيبة ... كانت القيادة التاريخي تضاجع شوارع وأزقة اسمرا... برز في ميدان النضال الف أب وأب بدءاً من حار العينين والرأي مرورً بمادحي البلاط الموسوعي وليس إنتهاءاً بخفير المعبد شميلاى..... أمعنا الفكر قليلاً.... لم تكن الثورة لقيطاً كما إدعينا بدليل أمهات ما يقوما النضال اللائي تقاطرنا على العاصمة الحسناء ... برزت بلباس مختلف زوئ منوع ... كان الصراع حاضراً .. إختبأت نظرية المؤامرة في الوجوه قاطبة ... الوجوه تبتسم بدبلوماسية غير مدربة بينما خبأ الجمع الاخرق سكين شيلوك لاقتطاع ما يفي و يكفي لمهام الصدام القادم... نعم .. كانت الجبهة المسخ تحمل في رحمها الخامل بذور فنائها .. كيف لا ولحم الرأس قد التف كما السرطان على جنازة البحر . غازل الوطني الجبهة المسخ .. هيأت الملاعب الجانبية ..حطت الطائرات في العاصمة الاريترية ... جاءت البصات من كل الفجاج... اللوارى ما فتئت تتقيأ سماسرة الثورة ومتعهدى النضال ... شهد الميدان أوبة الهروب الذين عادوا لحضن رفاقهم بعد أن فارقوهم والثورة طفلاً يحبو.... عاد الهروب و تقلدوا مهام البطش الإداري لشهور ثلاث وكوفوء بنجمات ثلاث .. أجزم أن حائر العينين والرأي لا يدرى إلى الآن ماذا يحدث من حول وأمامه أو خلفه... إن من نعم الرحمن أن ييسر لنا عدم الفهم ومضادات الصدمات الي تقي تحمل الحياة وأعبائها ولكن أن يكون هنالك من استمرا التقيب والتجاهل و.... يخربنا ما سمعنا بيهو ... كشفت إنارت الشاحنات عن الهروب البائن جحافل الفئران والأرانب والحشرات هلعآ من الضوء والضجيج ... خفقت الاناشيد والأغاني الثورية بفعل الجوع والبرد الذي اكتسح الأبدان الهياكل .. كانت القيادة هناك تنتظر ..صابرة ... بجولات الخبز وجرادل الطحنية ... عشاءاً خمسة نجوم والصباح يراود كسلا عن نفسها وجبالها وقاشها ... كانت القيادة حاضرة ... تدخن بقلق مفتعل .. استدعوا تقطيبة ونيولوك للمرحلة يناسب فهمهم العاجز... إشتبكوا دون مبرر مع ثلة من جهاز الدولة لبيان ردود الأفعال ... نظرنا بسخرية شامتة لمطاولات اللجاج غير المتكافئ ... بالله .. كيف أتيح لهذا الجحش أن ... وكيف أمكن لذاك الجحش أن.... قبل ذلك كيف إستطاع كبيرهم أن.... هل كنا في رحلة غياب الوعي بحسب توفيق الحكيم أم كنا أسري لحسابات لبسوي ورفاقه الابرار ... كنا في أوهاج إدريس حينما نظرساهمآ للمجهول .. كنا في الطاهر شغل جيش نقاوة وطلاوة .. كنا شواهد لكل الشرفاء الذين قالوا كلمتهم ومضوا كالضوء ... كنا شهودا للتاريخ وموسي محمد أحمد يقتصب زهاء السبعين كيلومتراً راجلاً هروباً من صدام عسكري بحسب الزميل محمد عثمان ابراهيم .. للأمانة والتاريخ إننا لا نغمط الرجال حقها لذا نسجله كأرفع رقم أولمبي حتى لا يتجني علينا من إدعي أنه ( فرتق جنس الفرتقة دي)... كان الشهداء روح الثورة والفعل ... إذا كان شهداء الميدان هم الشعلة والوقود والاستمرار .. فقد كان لفتيان شهداء 29 يناير بورتسودان فضل الاسراع بالحل والحوار والتفاوض بعد أن تضمنت المذكرة الوثيقة فضل لكفاح المسلح وضرورة تمثيله لشعب البجا وإجتراحه لسان حال القوم والمعبر عن قضاياهم وآمالهم وأمانيهم بالحياة الحرة الكريمة .... ماذا فعل حائر العينين والري ... خيال المائة الماثل لم يتاح له أن يهش على أذنابه وقطيعه المتسكع ... لا يقوي على شئ سوء الايماء... لا يملك أن يهب شعبه غير الابتسامة الباهتة كأجعص موناليزا ثوري ... لا يستطيع الابداع إلا في مجالات الدس والخديعة وفقه الشك والإرتياب .. كل مؤهلاته الوقيعة والحفر... موسي لا يملك عصاة ولكن يستعيط عنها بعيون حائرة ... غائرة في محجريهما يتشف بها المع والضر ... يبادر بالعواسة والمشي بالنميمة حتى تثبت إدانة من رمقه . لقد رزء الشرق بمر تأريخه بثالوث السوء المتوطن من فقر وجوع ومرض وها هي الطبيعة وبعطاء منقطع النظير تقذف أرضنا القاحلة بموسي !! يا الله ماذا فعلنا ؟ لقد تحملنا ما لا طاقة لنا به ... أختص إنساننا دون العالمين بالأوبئة الفتاكة ... الأمية ... . حياة الإنسان الأول في أقصي تجلياتها و تمظهرها .. فكيف ... كيف بموسي ؟ والآن .. وبعد أن استوطن الفدائي حائر العينين والرأي في قصر ضيف وحدق طويلاً في اضاءات النيون .... وبعد أن عبر عن ذهوله وتجاوز مرحلة الاندهاش من فرش الرياش ....وبعد أن تأبط نعل الصندوق ... هل يجوز لنا أن نسأل جلالته ماذا تخبئ للغد يا موسي ؟ ما الذي تنجر للأحياء والشهداء ؟ ماذا تدس في رحم الغيب من مهازل وأعاجيب ؟ صدقوني !.. موسي لا يعلم ما يدس موسي ! موسي لا يدري بمخيلة موسي!! إن المأساة حاضرة ... شئنا أم أبينا حاضرة في الوجود القمئ لثلة الجهل تماماً كشوكه الخاصرة .... المآساة يجسدها المثال السوداني لنفط بن الكعبة بحسب فطفر النواب ... المآساة تختبئ في النفوس الصدئة لزمر الارزقية وفاقدي الضمير.. لقد امتلأ المليون ميل بمليون متسول باسم النضال ومليون شحاذ بهيئة الثورة ولافتات التهميش وفرية السودان الجديد ،لذا ليس مستغربآ ان يجئ حديث المهزلة ان شئت أو الطوفان إذا شاء التاريخ وقدر لشعبنا المعلم .... أمين برير مؤتمر البجا