تراسيم هذا حالنا يا شيخ حسن!! عبدالباقى الظافر [email protected] مساء الخميس الماضي كنت أعد حقيبتي لمهمة سفر إلى الفاشر السلطان على دينار.. رن هاتفي.. خالى يستنجد بي.. أحد أقاربنا يحتاج إلى عملية غسل كلى عاجلة.. بدأت اتصالات على كل من أعرف في هذا الحقل.. الإجابات متشابهة.. أما الآلات مشغولة.. أو أن المشافي لا تعمل في هذا الوقت من الليل.. أخيراً أثمرت جهودنا في صباح الجمعة عن حل في أحد المشافي الطرفية.. تحصلنا على الماكنة.. ولكن الأخصائي الذي يصدر أوامره لا يمكن الوصول إليه.. هاتفه الجوال تولى الرد نيابة عنا. يوم السبت الماضي تمكن المريض من الحصول على غسلة.. هذا المريض عمل معلماً في كل فيافي السودان.. حمل الطبشور حتى اشتعل الرأس شيباً.. علَّم الأجيال علماً يستبينوا به سبل الحياة.. يوم الأحد وهَن الجسد لم يعد يحتمل تدخل الآلة الطبية.. فجر الاثنين أسلم المواطن السوداني الشريف الروح إلى بارئها. شيخ حسن كان جارنا في المهجر الأمريكى.. السيد حسن عمل جندياً في الجيش الأمريكي حارب في فيتنام.. في كهولته أصيب بداء في الكلى.. كتب عليه أن يغسل كلاه أسبوعياً.. في هذا اليوم من كل أسبوع تتوقف أمام داره حافلة صغيرة.. تقله إلى مشفى معين.. بعد أن ينهي مهمته تعود به ذات السيارة معززاً مكرماً..تتولى الحكومة الأمريكية عنه كل هذه المصروفات. حكومتنا الرشيدة تفعل شيئاً غريباً.. في مستشفى سوبا كانت تدفع نحو مئتين وسبعين مليوناً كل شهر لتسيير المستشفى.. في بداية هذا العام تم تخفيض المبلغ إلى الثلث.. الدستوريون خفضت رواتبهم بنسبة خمسة وعشرين بالمائة.. أما هذا المشفى الحكومى الذي يعالج الناس فعليه تدبير (تلتين) ميزانية تسييره.. مدير المستشفى الآن يمارس الاستخارة.. الخيارات أمامه أسوأ من خيارات الإمام المهدي.. ليس أمامه إلا أن يغلق أبواب المستشفى أو يذهب إلى بيته.. الحكومة لا تتراجع في مثل هذه الأمور. ربما نسأل لماذا وصلنا إلى هذا الدرك الأسفل من الإهمال.. وزارة الصحة لا تهتم بأمر المرضى.. عندما كان الأطباء يضربون عن العمل بحجة ضآلة مرتباتهم.. كانت الوزارة ترسل مظاريف مالية إلى عدد من الصحافيين بمناسبة رمضان الكريم.. مظاريف تحجب الرؤية وتمنع توجيه النقد إلى مكامن الخلل في هذه الوزارة . الطاقم الأعلى لهذه الوزارة غير مشغول بمثل هذا المريض الذي مات (سنبلا).. وكيل الوزارة يعفي أحد مساعديه ويعين آخراً.. ينبري وزير الدولة ويعيد الأمر إلى وضعه الأول.. وكيل الوزارة يتعاقد مع شركة أجنبية للبدء في عملية نقل الأعضاء من المرضى المتبرعين.. وقبل البداية العملية يتدخل القصر الجمهوري ويوجه بإيقاف هذه الفكرة التي يمكن أن تنقذ الآلاف من المرضى. بصراحة استغرب لماذا يصر وكيل الوزارة للعمل ما دام رؤساؤه المباشرين لا يثقون في أدائه؟.. وذات الاستغراب يتمدد في أسلوب وزير الدولة الذي يتابع أداء مرؤسه الوكيل ب(الاستيكة ) .. يتدخل في كل صغيرة وكبيرة. هذا المناخ غير الصحي في الوزارة سينتج كوارث ضخمة عنوانها ( المرحوم غلطان) . شيخ حسن أنت محظوظ لأنك لم تولد في هذه الارض.