تأتي من حيث لا يحسبون أماني أبو سليم [email protected] كانت تنازلات مبارك تاتي متأخرة دهرا ولا يتاخر الشباب خطوة. حاول علي عبدالله صالح استباق الاحداث و لن يستبق الشباب خطوة. في خريف البطريك كلهم بدأوا يهزون باضطراب قريبا من الخرف ، الخرف القريب جدا و الملازم للنهاية. بن علي ما كان يتوقع و مبارك كان يمني النفس بالسيطرة ، و المتراتبون في القائمة ينكرون ان يتعرضوا لنفس المصير و انهم ما شبه البتنحوا و بصلحو الحال. و هذا امر طبيعي عند كل البشر: انكار التأثر عند التعرض للمخاطر كالفشل و المرض و الحوادث ، و هذا لهو من حسن حظ قوي التغيير لانها المرحلة المشحونة بالتوتر ، التوتر الايجابي المشعل للحماس لدي مطالبي التغيير و التوتر السلبي الذي يوقع الطغاة في الاخطاء تلو الاخطاء حتي يلفوا الحبل حول رقابهم و هم لا يعلمون ، فتسعد الجماهير. من اخطاء النظام في السودان و التي تبدو عادية من كثرة تكرارها، الشباب الذين زجوا الي غياهب المعتقلات معتبرين انهم من بيدهم تحريك التغيير او توقيفه فظنوا انهم بحبسهم لهم قد اوقفوا التوتر الايجابي للثورة و لكن ماذا لو واصلت امهات المعتقلين اعتصامهن و لم تستجب الحكومة اما خوفا فعلا من انهم(المعتقلون) قد يشعلون الشارع او لانها اعملت فيهم التعذيب فينكشف ذلك و يصبح بدل اشعال اشعالين ، و امام عدم الاستجابة هذه قررت الامهات ان يزدن الضغط علي الحكومة فارسلوا رسالة قصيرة الي عدد من منظمات المجتمع المدني و الجمعيات الحقوقية لدعم قضيتهن العادلة و قبلها امومتهم المتعذبة في طلب انساني لمعرفة مصير ابنائهن ، فاستجاب عدد مقدر يملأ عين الكاميرا . و زادت مخاوف الحكومة و زاد انكارها للواقع ، هي ليست كحكومة مبارك و ليست كحكومة بن علي ، ما أهي الحريات علي أفا من يشيل و الديمقراطية مغرقة الشوارع زي موية الخريف و ديل حبة شفع ح نأدبهم و نطلعهم ، يعني ايه شوية نسوان محتجين. و امام هذا الصلف الحكومي ترسل الامهات رسالة قصيرة عبر شبكات الاتصالات \" لو ولدك معتقل و ما عارفاهو ميت ولا حي تقدري تحيي تنومي تاكلي و تشربي، انا ام و انت ام اتضامني معاي في الامومة يوم ( 21/02/2011) \". استجاب عدد يقدر بالمئات من الامهات بالاضافة للعدد السابق و خرجوا جميعا للتظاهر السلمي . و كالعادة زاد عدد المعتقلين و المعتقلات. ثم جاءت عبر الموبايل ، الوسيط السحري ، رسالة اخري \" المعتقل في السجن ما بنوم، انا ام لا انام - المعتقل في السجن يعذب ، انا ام انا اتعذب - المعتقل مصيرو مجهول ، كلنا امهات 30/02/2011 \" ، زادت المئات الي الاف الامهات ، ثم جاءت الرسالة الرابعة \" كلنا امهات - كلنا اباء – كلنا مع بعض 07/03/2011 \" تتشابه الخطوط العريضة للثورات و لكن تبقي تفاصيل النضج متفردة ، و اوان قطف الرؤؤس متفردا حسب جبنها ( الرؤؤس) و حسب سخرية القدر منها. ففي الوقت الذي تحاول الحكومات الطاغمة الامساك بامر ما لحصار الثورة تكون قد اهدتها شرارتها . شروط ثورات الشعوب واحدة في كل العالم و لكنها تختلف في التوقيت و في مشعل الشرارة الاولي . و قد تكون هذه الشرارة امهات المعتقلين ، و قد تكون المعاشيين ، وقد تكون المفصولين من العمل ، و ربما مجموعة من المرضي واحتمال خريجين عاطلين عن العمل وقد تكون ضحايا التمويل الكاذب للبنوك ، وقد و قد و قد . . و هذا احلي ما في الثورات انها تأتي من حيث لا يحسبون. كل الشرائح و كل الاشكال و الالوان مرشحة ان تكون الفتيل الذي يشعل الثورة ما ان تمسك به الطغمة لتخنقه حتي يحرق يدها فتضطر ان تفلته فتفلت سلطتها .