بالمنطق عدا خلقة ربنا!!! صلاح عووضة * كاريكاتير مصري قديم تصلح فكرته تماماً لزماننا هذا الذي تتهاوى فيه عروش الطغاة من حولنا.. * فالمنتج السينمائي يطلب من المخرج أن يرشح له بعض نجوم الشباك من الممثلين ليختار من بينهم واحداً لفيلمه الجديد.. * ويفاجأ المنتج بأن الذين أحضرهم له المخرج من الممثلين جميعهم (شبه) محمود ياسين.. * فقد كان الممثلون في ذياك الزمان يتشبهون بمحمود يسن، شكلاً ولبساً وأداءً و(تسريحة) شعر مع (الوسكرز).. * والآن إذا افترضنا أن منتجاً سينمائياً أراد إنتاج فيلم عن الطغاة من الحكام العرب فيمكنه أن يختار من بينهم واحداً، ثم يشير في الفيلم إلى أن الآخرين جميعهم (شبهه).. * وقد لا يكون التشابه هنا متطابقاً في الشكل ولكن ما عدا ذلك فهم متماثلون تماماً.. * فكلهم يتحدثون بطريقة واحدة.. * ويسخرون من المعارضين بطريقة واحدة.. * ويفوزون في الإنتخابات بطريقة واحدة.. * ويقمعون شعوبهم بطريقة واحدة.. * ويفسدون هم وأسرهم وبطانتهم بطريقة واحدة. * وتنتشر صورهم في الشوارع والساحات ودواوين الدولة بطريقة واحدة.. * ويستأسدون داخلياً و(يستنعجون) خارجياً بطريقة واحدة.. * هم يتشابهون في كل شيء إلا (الخلقة) الربانية.. * ولكن أحداث الأيام السابقة كشفت عن وجه شبه عجيب آخر.. * وجه شبه يجعلنا نتنبأ بإطمئنان شديد إلى ما سوف يفعله نظراء لأولئك الذين شهدت بلادهم الأحداث التي نشير اليها.. * إنه الغباء المستحكم الذي يجعلك تشك في سلامة صاحبه العقلية.. * فالخطوات التي اتخذها بن علي مثلا إزاء التظاهرات الشعبية في بلده هي نفسها التي اتخذها من بعده حسني مبارك عند إندلاع ثورة شعبه.. * والذي فعله ذانك الرئيسان (المخلوعان) يفعله بحذافيره علي عبد الله صالح في اليمن هذه الأيام.. * وخطوات الثلاثة هؤلاء يخطوها الآن القذافي وقع الحافر على الحافر. * وآخرون مشابهون - ايضا - في الوطن العربي.. * خطوات تبدأ - فور أن تبدأ الثورات الشعبية - ببيانات حكومية تصف ما يجري في الشارع بأنه (شوية) شغب.. *ثم بيانات تالية - حين تصاعد (الشغب) تتهم (جهات خارجية!!) بتأليب الشارع ضد الحكومة (الشرعية) تنفيذاً لأجندة خاصة.. * ثم حجب خدمة الشبكة العنكبوتية وممارسة التعتيم الاعلامي. * ثم إطلاق يد الشرطة والأجهزة الأمنية الأخرى مع تفويض باستخدام أقصى ما لديها من أدوات القمع.. * ثم تسيير تظاهرات تأييد مضادة قوامها (البلطجية) وعناصر أمن بأزياء مدنية.. * ثم حين لا يجدي ذلك كله تبدأ سلسلة خطوات (تراجعية) عنوانها (التنازلات!!).. * وكل تنازل من هذه التنازلات يجيء دائماً (متأخراً!!) عن اللحظة الزمنية المناسبة التي يكون فيها الوعي الجمعي للثائرين مهيئاً للتفاعل معها.. * وكنتاج حتمي لهذا (التبلُّد!!!) في فهم (ما يطلبه المحتجون) خلال كل فترة زمنية من فترات الثورة تأتي الخطوة الأخيرة التي يختم بها الطغاة العرب تشابههم العجيب.. * إنها خطوة التنحي (القسري!!) عن سدة الحكم، ثم (الفرار!!) إلى جهة ما.. * وربما كان هنالك تشابه آخر - عقب هذه الخطوة الأخيرة - أشرنا إليه في كلمة سابقة.. * فما أن (يُفطم!!) الواحد من هؤلاء من (ثدي!!) السلطة الذي ظل يرضع منه سنين عدداً حتى يفقد جسده (فجأة!!) القدرة على مقاومة الأمراض.. * فمبارك وبن علي كلاهما مريضان الآن وفقدا الرغبة في الحياة.. * ومثلهما سيصير كل من يلحق بهما قريباً.. * وتكتشف شعوب المنطقة شعباً إثر شعب أنها كانت ترزح لعقود تحت وطأة أنظمة تفتقر إلى عقول ذات (ذكاء).. * فهي أنظمة (غبية) تحتكم إلى قوة (السلاح).. * والدليل على شدة غباء مثل هذه الأنظمة أنها لا تتورع عن استخدام سلاحها هذا ضد مواطنيها العُزّل.. * ومكمن الغباء في هذا (التشابه السلوكي!!) أن السلاح لا يمكن أن يقهر إرادة الشعوب إن هي أرادت الحياة.. * ومن قبل كانت من بين هتافات الشعب السوداني خلال إنتفاضة اكتوبر وأبريل: (الرصاص لن يفنينا).. * فكان الذي فني هو نظاما عبود ونميري.. * وبقي - حياً - الشعب.. * وكذلك بقي حياً الآن شعبا تونس ومصر بعد أن فني نظاما مبارك وبن علي.. * فهم كما قلنا يتشابهون في كل شيء؛ الطغاة.. * حتى في (الغباء!!) يتشابهون.. * ولكن (زمان) هؤلاء (الأشباه) إلى زوال الآن.. * بمثلما زال (زمان) محمود ياسين و(أشباهه). الصحافة